مسار جديد للهجرة غير الشرعية بين بنغازي في ليبيا وبين نيكاراغوا انطلاقاً إلى الولايات المتحدة الأمريكية، يثير الكثير من الجدل بين الأطراف الثلاثة، كل من ليبيا ونيكاراغوا والولايات المتحدة الأمريكية.
هذا المسار الجديد يقوم بنقل مئات المهاجرين غير الشرعين من دول مثل الهند وطاجكستان، وايران وكذلك مهاجرين غير شرعيين من جنسيات عربية، من مطار بنينا الليبي في بنغازي، إلى مطار أوغوستو سي ساندينو الدولي في ماناغوا، بنيكاراغوا، لكي يتحركوا بعدها إلى الولايات المتحدة الأمريكية وذلك عبر طيران غدامس الليبي الذي يتحكم فيه أحد رجال اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، وذلك وفق ما قالت مصادر عسكرية ليبية لـ" عربي بوست".
في هذا التحقيق، نحقق فيمن يقف وراء حملات الهجرة غير الشرعية من مطار بنينا في بنغازي في ليبيا، وصولاً إلى مطار أوغوستو سي ساندينو الدولي في ماناغوا، نيكاراغوا ودور حفتر وأبنائه في ذلك، وما هو دور فاغنر روسيا في ذلك؟
من أين بدأت رحلة الهجرة غير الشرعية لنيكاراغوا
بدأنا التحقيق في المسار الجديد الذي يتخذه مهاجرون أو "مافيا" الاتجار بالبشر لإرسال مهاجرين إلى الولايات المتحدة الأمريكية عن طريق نيكاراغوا، وقد وجدنا أن طريق نيكاراغوا قد بدأ الالتفات إليه، بعد إجراء قامت به السلطات الفرنسية في ديسمبر/كانون الأول 2023 حين أوقفت السلطات طائرة ركاب تقل 303 مواطنين هنود، من بينهم 11 قاصراً دون مرافقين، في مطار فاتري، على بعد حوالي 150 كيلومتراً شرق العاصمة الفرنسية، على خلفية شبهات تتعلق بالاتجار بالبشر.
تم استجواب شخصين من الركاب للتأكد مما إذا كان دورهما في عملية النقل مختلفاً عن دور الآخرين، وكذلك تحت أي ظروف ولأي غرض، لكن الغريب في هذه الرحلة أنها كانت قادمة من دولة الإمارات ثم قامت بعملية ترانزيت في فرنسا لكي تكمل رحلتها إلى نيكاراغوا حيث توقفت في مطار فاتري للتزويد بالوقود.
الطائرة التي توقيفها في مطار فاتري في فرنسا كانت تعود ملكيتها إلى شركة ليجند إيرلاينز وهي شركة مقرها في رومانيا. وحين بحثنا عن هذه الشركة، وجدنا أنها تعرف نفسها بالقول: "خطوط ليجند الجوية هي شركة طيران مسجلة في الاتحاد الأوروبي، تأسست عام 2020 ومقرها في بوخارست، رومانيا.. يتكون أسطولنا من طائرات عائلة إيرباص A340، وهي الوحيدة المتوفرة في رومانيا والجاهزة للرحلات الجوية المستأجرة ورحلات ACMI. نحن نفخر بكفاءتنا التشغيلية وفريق الإدارة ذي الخبرة العالية، مما يمكننا من تقديم خدمات قيمة ومخصصة لعملائنا".
في حين أنه ووفق موقع "فلايت رادار" لتتبع الرحلات الجوية، فإن "ليجند إيرلاينز" شركة صغيرة يتألف أسطولها من أربع طائرات من بينها اثنتان من طراز "إيه340-313".
الاتصال بالشركة ورفض الحديث
بعد الدخول إلى الموقع الإلكتروني للشركة، وجدنا رقم الهاتف الخاص بالشركة وقمنا بالاتصال بها، وبعد أن قدمنا أنفسنا للسيدة التي ردت علينا وعرفناها بأنفسنا، وعرفت لنا نفسها باعتبارها موظفة في شركة ليجند إيرلاينز، طرحنا عليها سؤالاً يتعلق بمسؤولية الشركة عن تسيير رحلة للهجرة غير الشرعية بين الإمارات ونيكاراغوا، مروراً بمطار فاتري في باريس بفرنسا وذلك في ديسمبر/كانون الأول 2023، رفضت السيدة الرد على السؤال وقامت بإغلاق الهاتف بسرعة.
في البحث حول الواقعة، واعتماداً على بعض المصادر المفتوحة وجدنا أن الطائرة التي نقلت الأشخاص من الإمارات وتوقفت في مطار فاتري في فرنسا، والتي تمتلكها شركة ليجند إيرلاينز، قامت باستئجار شركة أخرى مسجلة خارج الاتحاد الأوروبي من أجل بيع التذاكر للأشخاص، حتى لا تنخرط شركة ليجند إيرلاينز المالكة للطائرة في بيع تذاكر هذه الرحلة، وأن الشركة البديلة التي قامت ببيع التذاكر كانت عميلاً أصيلاً لشركة ليجند إيرلاينز محل الأمر.
في المقابل، وجدنا أن الطائرة، من نوع "إيرباص إيه340″، والتي تعد حسب المواصفات الفنية واحدة من الطائرات التجارية ذات المدى الأطول، ويمكن أن تحمل ما يصل إلى 359 راكباً، قد وصلت مطار فاتري شمال شرق فرنسا، على بعد 150 كيلومتراً من شرق باريس يوم الخميس 21 ديسمبر/كانون الأول 2023، وقد تلقت السلطات الفرنسية اتصالاً من مجهول يخبرهم بهوية الطائرة وطبيعة الأشخاص الذين كانوا على متنها، ما دعا السلطات الفرنسية للتدخل والتحفظ على الطائرة.
كان من التفاصيل التي توصلنا إليها أن هؤلاء الأشخاص والبالغ عددهم ما يزيد على 300 معظمهم من الهنود كانوا يعملون في الإمارات العربية المتحدة، وأرادوا التوجّه إلى أمريكا الوسطى في محاولة لدخول الولايات المتحدة وكندا بطريقة غير قانونية.
وبعد التحقيق من جانب السلطات الفرنسية قررت باريس إعادة الرحلة مرة أخرى إلى الهند، وعدم السماح لها بالسفر إلى نيكاراغوا، وقد خضع طاقم الرحلة البالغ عددهم 15 شخصاً للتحقيق لمعرفة مسار الرحلة، في حين قام 25 شخصاً بتقديم لجوء سياسي إلى فرنسا، من بينهم 5 قاصرين، وذلك في محاولة لعدم العودة مرة أخرى إلى الهند، وتم نقلهم إلى منطقة خاصة لطالبي اللجوء في مطار شارل ديغول بباريس (CDG).
في تتبع مسار رحلة الطائرة "إيرباص إيه340″، بعد توقيفها في مطار فاتري، تم ترحيلها إلى الهند، وفي يوم يوم الثلاثاء 26 ديسمبر/كانون الأول 2023 هبطت "إيرباص إيه 340" في مطار بومباي غربي الهند، بعد أن أوقفتها السلطات الفرنسية لمدة 5 أيام، بشبهة أن أشخاصاً على متنها ضحايا عمليات اتجار بالبشر.
وعاد كل الركاب الهنود الذي كانوا على متن الطائرة باستثناء 27 راكباً، اثنان منهم تشتبه السلطات في أنهما من مهربي البشر، والبقية تقدّموا بطلبات لجوء في فرنسا، ومن بين هؤلاء 5 قصّر، وقد تعللت النيابة في فرنسا بأن صفة الاتجار بالبشر تنتفي عن هذه الواقعة نظراً إلى أن ركاب الطائرة صعدوا طوعاً على متنها على ما يبدو.
الهند حققت ووصلت للمسؤولين
لكن، وبالبحث عن رد فعل السلطات الهندية حول ما حدث، وما إذا كانت قد وصلت للمسؤولين عن تسيير هذه الرحلة وإرسال هؤلاء الأشخاص الهنود من الإمارات إلى نيكاراغوا، وجدنا أن الداخلية الهندية قد حددت هوية تسجيل الرحلة المستأجرة و"الأشخاص الذين يديرون هذه العلاقة بأكملها"، وأن كل الأشخاص قد وصلوا إلى دبي بتأشيرات قانونية رسمية، لكن على فترات زمنية متباعدة وتجمعوا كلهم في هذه الرحلة للذهاب إلى نيكاراغوا.
وأثناء البحث حول محاولات الهنود لدخول أمريكا عبر خط طيران نيكاراغوا، وجدنا أن السلطات الأمريكية ألقت القبض على 96,917 هندياً بين أكتوبر/تشرين الأول 2022 وسبتمبر/أيلول 2023، ارتفاعاً من 30,662 قبل ثلاث سنوات.
وقد وجدنا بالبحث عن هوية الطائرة المستخدمة في نقل الأشخاص من الإمارات، إلى نيكاراغوا، أنها تحمل رمز التسجيل YR-LRE، وهي طائرة تم إنتاجها في عام 2008. طارت لأول مرة لصالح شركة Finnair، قبل أن تطير في النهاية لشركة Air Belgium، ثم في عام 2023 تم نقلها إلى شركة Legend Airlines.
كان على متن هذه الطائرة 303 مواطنين هنود، وكان مسار تحركها هو من الفجيرة، الإمارات العربية المتحدة (FJR)، إلى ماناغوا، نيكاراغوا (MGA)، مع توقف للتزود بالوقود في باريس – فاتري، فرنسا (XCR).
وحلقت الطائرة من الفجيرة إلى باريس في رحلة استغرقت ما يزيد قليلاً عن ثماني ساعات. وبينما كان من المفترض أن يتم تزويد الطائرة بالوقود في مطار فاتري في فرنسا فقط، تلقت السلطات في فرنسا "بلاغاً من مجهول" يفيد بأنه يتم تهريب أشخاص على متن هذه الرحلة.
وقد كان من الغريب أننا اكتشفنا اعتماداً على بعض المصادر المفتوحة، أن الطائرة حين عادت إلى مطار مومباي لكي تعيد الركاب الهنود لبلادهم، عادت بعدها مباشرة إلى مطار الفجيرة في الإمارات العربية المتحدة دون أي راكب عليها.
نيكاراغوا ملاذ الراغبين في دخول أمريكا
رغم حادث الهند، ولكن بالبحث كذلك حول ما تمثله نيكاراغوا للمهاجرين غير الشرعيين، وكذلك لأهميتها لدى المهربين، وجدنا اعتماداً على مصادر مفتوحة، أن المطار الدولي في مدينة ماناغوا، في نيكاراغوا قد سجل في الجمعة 15 ديسمبر/كانون الأول 2023 رقماً قياسياً تاريخياً باستقباله لأول مرة رحلتين مباشرتين من أوروبا، تقلان مهاجرين أفارقة متجهين إلى الولايات المتحدة.
كانت إحدى هاتين الرحلتين قد وصلت إلى مطار ماناغوا يوم السبت 9 ديسمبر/كانون الأول 2023 الساعة 8:37 مساءً وغادرت مطار شالون فاتري الدولي في فرنسا وكانت تديرها شركة Legend Airlines ومقرها رومانيا.
أما الرحلة الثانية فقد وصلت إلى ماناغوا الساعة 2:30 صباحاً يوم 10 ديسمبر/كانون الأول 2023 غادرت من كيرشبرغ، ألمانيا، وتم تشغيلها من قبل شركة الطيران الألمانية المنشأة حديثاً (Universal Sky Carrier USC) وتركز هذه الشركة حصرياً على الرحلات الجوية المستأجرة وقد استحوذت مؤخراً على أول طائرة إيرباص A340-300 بسعة 253 راكباً.
بالبحث عن شركة Universal Sky Carrier وجدنا أنها تأسست في عام 2020، وهي شركة طيران مستأجرة مقرها في ألمانيا وتقدم خدمات التأجير والتأجير، وقد أكدت هيئة الطيران المدني الألمانية حصول USC على شهادة المشغل الجوي (AOC) في 14 أغسطس/آب 2023.
في حين قامت USC بتشغيل رحلتها التجارية الافتتاحية (أول مهمة ACMI للناقل) في 05 سبتمبر/أيلول 2023 مع خدمة Paris CDG-Antananarivo بموجب اتفاقية ACMI مع خطوط مدغشقر الجوية.
وقد وجدنا أن مجموعة Aviación en Nicaragua Group قد أعلنوا عن وصول الرحلات الجوية المستأجرة إلى نيكاراغوا وقالوا: "يمثل هذا علامة فارقة".
وقد شاركت Aviación en Nicaragua صوراً للطائرة على المدرج في مطار ماناغوا الدولي وأكدوا أيضاً أن كليهما كان يحمل رحلات طيران مستأجرة للركاب.
أما طائرة الإيرباص الثالثة التي أشاروا إليها فهي من الرحلة التجارية التي تديرها شركة الطيران الفنزويلية كونفياسا، والتي تغطي خط هافانا-ماناجوا يومياً.
وفي الوقت نفسه، عرض مطار أوغوستو سي ساندينو الدولي في ماناغوا بيانات الوصول لكلتا الرحلتين على شاشة المحطة الطرفية لكنه لم يُظهر معلومات المغادرة الخاصة بهما.
عودة الطائرات إلى فرنسا وألمانيا
مع ذلك، شاركت Aviación Nicaragua صوراً للطائرتين وهما تغادران عائدتين في رحلات مباشرة إلى بلديهما وقد أعلنت المجموعة يوم الأحد 10 ديسمبر/كانون الأول 2023 "ستعود طائرتا إيرباص A340-300 من USC وLegend Airlines، مباشرة إلى وجهاتهما في فرنسا وألمانيا بعد ظهر اليوم".
وجدنا كذلك أن شركة الطيران EuroAtlantic ومقرها البرتغال كانت من ضمن الشركات التي قامت برحلات من لشبونة إلى ماناغوا، وذلك لنقل مهاجرين غير شرعيين وتتخصص هذه الشركة أيضاً في الرحلات الجوية المستأجرة والخدمات الخاصة الأخرى.
وبالبحث حول شركة EuroAtlantic Airways وجدنا أنها شركة طيران برتغالية متخصصة في تأجير واستئجار الرحلات الجوية ومقرها في كارناكسيد ومقرها في مطار لشبونة.
وقد تأسست الشركة باسم Air Zarco في 25 أغسطس/آب 1993 على يد توماز ميتيلو، واعتمدت الشركة الاسم التجاري Air Madeira حتى 17 مايو/أيار 2000، بعد ذلك تم تعديل عقد التأسيس بموجب القانون، ليتم اعتماد الشركة تحت اسم EuroAtlantic Airways – Transportes Aéreos SA.
أسس شركة الطيران رجل الأعمال البرتغالي توماز ميتيلو، الذي كان مالك الشركة حتى عام 2019. وتم بيعها لمجموعة إمبريال جيت اللوكسمبورغية، بقيادة الطيار ورجل الأعمال الألماني اللبناني عابد الجاعوني.
ووفقاً لما وصلنا له من معلومات، اعتماداً على المصادر المفتوحة، فإن الطائرات كلها تعود فارغة بعد توصيل الركاب إلى ماناغوا، وهو ما يكشف أن المهاجرين القادمين على متن هذه الرحلات سوف يسلكون طرقاً أخرى من أجل الوصول إلى وجهتهم الأخيرة، وهي الولايات المتحدة الأمريكية.
في الوقت نفسه وبعد الاطلاع على التقارير الصادرة من البنك المركزي في نيكاراغوا (BCN)، اكتشفنا أن التقارير توضح بالتفصيل أنه بين عامي 2022 و2023، دخل ما يقرب من 500 ألف شخص إلى نيكاراغوا جواً، لكنهم لم يغادروا بالطائرة؛ وبدلاً من ذلك، واصلوا رحلتهم نحو الولايات المتحدة براً.
كذلك رصدنا زيادة أعداد المهاجرين الآسيويين والأفارقة الوافدين إلى هندوراس عبر حدودها مع نيكاراغوا بأكثر من خمسة أضعاف فارتفعت من 14569 مهاجراً عام 2022 إلى 76178 مهاجراً في 2023، بزيادة 522%.وينتقل المهاجرون بعد ذلك إلى غواتيمالا ليدخلوا منها إلى المكسيك وصولاً إلى الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، لقاء دفع آلاف الدولارات لمهربين جدد.
الهنود يعودون من جديد عن طريق ليبيا:
رغم المحاولات الأمريكية لوقف مسار الهجرة إلى أراضيها، سواء من شمال أفريقيا، أو من دول أخرى، كشف لنا مصدر عسكري ليبي، ونحن نبحث عن تفاصيل تتعلق بالهجرة غير الشرعية من ليبيا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، أن مطار بنينا في مدينة بنغازي يشهد منذ فترة رحلات لمهاجرين من الهند وكذلك طاجكستان، ودول أخرى إلى نيكاراغوا، وهو طريق جديد بدأه المهاجرون منذ قريب.
في البداية بحثنا عن مطار بنينا وعن شركة الطيران الليبية التي تديره، فوجدنا أنها شركة تسمى غدامس للطيران وهي تابعة لرجل أعمال مقرب من اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، وأن المتحكم في إدارة الشركة هم أبناء خليفة حفتر، وذلك وفق ما أكد لنا عقيد عسكري ليبي سابق.
كما أنها تشغل طائرة بوينغ 777 مسجلة رقم 5A-GRS وطائرة بوينغ 737 مسجلة رقم 5A-GRR. ويقع مقر الشركة في بنحورت / طريق السكة، طرابلس، ليبيا ومديرها العام هو محمد بن عيارد، الذي يدير جميع الخدمات اللوجستية.
التواصل مع شركة غدامس
قمنا بالتواصل مع شركة "غدامس ليبيا" هاتفياً، يوم الأحد 9 يونيو/حزيران 2024 وبعد تكرار الاتصال، ردت علينا موظفة ليبية، فسألناها: هل أنتم مكتب شركة غدامس للطيران الليبية؟ قالت: نعم، فسألناها: هل أنتم مكتب بنغازي أم مكتب طرابلس؟ ردت الموظفة بالقول: نحن مكتب طرابلس.. فتوجهنا لها بالسؤال عن توفر تذاكر رحلات طيران من بنغازي لنيكاراغوا؟ توقفت قليلاً ثم قالت: سوف أرسل لكم على واتس رقم الموظف المسؤول عن رحلات نيكاراغوا.
بالفعل أرسلت الموظفة اسم ورقم هاتف موظف اسمه "محمد.ج" وقد تواصلنا معه أكثر من عشر مرات، لكنه لم يرد بعد.
وجدنا بعد البحث أنه في مايو/أيار 2024 وبالتحديد بعد بعد منتصف ليل 18 مايو/أيار 2024 بقليل، أقلعت طائرة بوينغ 777 تابعة لشركة الخطوط الجوية الليبية غدامس للطيران من مطار بنينا الدولي في بنغازي، وهي تعد الأكبر في أسطول طيران غدامس حيث تتسع لـ 400 راكب وتعمل بمحركين من نوع جنرال إلكتريك مخصصة بشكل أساسي للرحلات الطويلة، وهبطت بعد 14 ساعة في مطار أوغوستو سي ساندينو الدولي في ماناغوا، عاصمة نيكاراغوا وكان على متن الطائرة 367 راكباً من الجنسية الهندية راغبين في الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
أما تفاصيل الرحلة التي حدثت يوم 18 مايو/أيار 2024
فقد وصلت رحلة مستأجرة مباشرة مع 356 هندياً من بنغازي إلى ماناغوا، عبر خطوط غدامس الجوية، وقد كانت رحلة تضم مهاجرين غير شرعيين قادمين إلى ماناغوا من بنغازي بليبيا من أجل الوصول إلى الولايات المتحدة وماناغوا بمثابة نقطة انطلاق.
هبطت الرحلة مباشرة من بنغازي، ليبيا، في مطار أوغوستو سي ساندينو الدولي في ماناغوا، وعلى متنها 356 مواطناً هندياً . وكانت الرحلة تابعة لشركة طيران غدامس، وهي شركة طيران ليبية مقرها في طرابلس وقد هبطت الرحلة الساعة 6:54 صباحاً واستغرقت 14 ساعة و45 دقيقة.
وقد حصلنا على تفاصيل تتعلق بعملية نقل المهاجرين من المطار، فوجدنا أنه عندما غادر الركاب مطار ماناغوا قامت شركة Transportes Medal بنقل الركاب في الحافلات والميكروباصات.
أما الرحلة الثانية في نفس الشهر وبالتحديد في يوم 23 مايو/أيار 2024 قامت نفس الطائرة بنفس الرحلة وعلى متنها 298 هندياً وقد هبطت في مطار أوغوستو سي ساندينو الدولي في ماناغوا.
وقد عرفنا أن الطائرة أقلعت بالتحديد من مطار بنغازي يوم 22 -23 مايو/أيار 2024 الساعة 2:22 صباحاً، لتصل بعد ذلك إلى ماناغوا في نيكاراغوا بعد أن استغرقت حوالي 14 ساعة و40 دقيقة، بحسب تفاصيل موقع تتبع الطائرات. FlightAware.
وفي رحلة أخرى إلى نيكاراغوا، وجدنا أنه وبالتحديد في الساعة 1:17 صباح يوم الثلاثاء،4 يونيو/حزيران 2024 هبطت رحلة ثالثة لشركة طيران غدامس في ماناغوا، وعلى متنها أكثر من 300 راكب من أصل هندي.
وقد وجدنا أن الطائرة التي تحمل التسجيل 5A-GRS، والتي توجهت أولاً لإحضار الركاب، إلى مطار ألماتي في كازاخستان، ثم توجهت بالركاب إلى ليبيا واستغرقت الرحلة 8 ساعات و12 دقيقة. وقد اكتشفنا أن الطائرة كانت تتزود بالوقود في ليبيا من أجل إكمال رحلتها إلى نيكاراغوا وقد أخفى مطار ماناغوا بيانات وصول الطائرة.
صور لمسار الرحلات من بنغازي إلى نيكاراغوا
حاولنا الوصول إلى تفاصيل أكثر عن باقي الرحلات التي ذهبت إلى نيكاراغوا من ليبيا فوجدنا أنه في فبراير/شباط وفي مارس/آذار 2024 قد ذهبت رحلتان مماثلتان العاصمة الليبية طرابلس؛ لكن بخصوص هذه الرحلات التي خرجت من طرابلس، يقول عنها مصدر عسكري ليبي لـ"عربي بوست" إنه رغم حديث بعض وسائل الإعلام الأجنبية عن خروج رحلتين من طرابلس إلى نيكاراغوا، لكن لا يوجد هناك أي تفاصيل واضحة حولهما وأن الجانب الليبي في طرابلس ليس لديه أي معلومات جازمة بخصوصهما على عكس التفاصيل الواضحة الخاصة برحلات بنغازي.
لكن اللافت للانتباه وفق ما وصلنا له عبر بعض المصادر المفتوحة أن شركة طيران غدامس لم تقم بإبلاغ إدارة المطارات الدولية النيكاراغوية بموعد هبوط هذه الرحلة التي لم تندرج ضمن قائمة الرحلات الدولية الأخرى التي وصلت يوم 23 مايو وأخرى هبطت يوم 18 مايو.
توصلنا كذلك إلى إحصائية أخرى برحلات الهجرة إلى نيكاراغوا، ووجدنا أنه منذ العام 2021، "فتحت نيكاراغوا حدودها لمواطني البلدان ذات الصعوبات السياسية، ما سمح لهم بالقدوم دون تأشيرة"، ووفقاً لبيانات مؤسسة "الحوار بين البلدان الأمريكية" في واشنطن فقد هبطت 1145 رحلة طيران مستأجرة في ماناغوا منذ مايو 2023، معظمها من أمريكا اللاتينية، ولكن أيضاً من الدار البيضاء في المغرب، وأخيراً من بنغازي.
مسار رحلة الهجرة إلى أمريكا
تبدأ الرحلة من بنغازي إلى نيكاراغوا، كما توصلنا إلى تفاصيلها في "عربي بوست" من أحد الأشخاص الذي وصل إلى الأرجنتين للجوء وذلك من خلال طرق غير شرعية، قبل أيام، وقد التقى في رحلته بعض الموريتانيين الذين حاولوا السفر قبل ذلك إلى نيكاراغوا وصولاً لأمريكا ثم فشلوا وقد رصد تجربته وحكى لـ"عربي بوست" تفاصيلها.
بعدها يدخل المهاجرون غير الشرعيين إلى الأراضي الهندوراسية، ليستمروا في رحلتهم التي تستغرق يوماً وليلة حتى يصلوا إلى الحدود المكسيكية، وهناك ينتظر المهاجرون غير الشرعيين مهرب مكسيكي مع قوارب لعبور مناطق مائية وهي المرحلة التي تستغرق ما يقارب الست ساعات على أن يدفع كل شخص 480 دولاراً وعند الوصول إلى المكان المحدد داخل المكسيك يدفع كل منهم 50 دولاراً للطعام.
ينتقل بعدها المهاجرون إلى العاصمة مكسيكو سيتي، حيث ينتظرهم مهرب آخر، ليتولى الجزء الأخير والأهم من هذه الرحلة ويقوم كل مهاجر بدفع 88 دولاراً لحافلات غير مؤمنة، أو 360 دولاراً لأخرى تحت حماية العصابات.
تستغرق الرحلة داخل المكسيك ما يزيد على يومين، ليصل المهاجرون بعد ذلك إلى فندق في العاصمة المكسيكية، ويدفع كل منهم 100 دولار لينتظروا بعد ذلك عدة أيام حتى يتم ترتيب سفرهم جواً إلى مدينة تيخوانا الحدودية التي تبعد 2800 كيلومتر عن العاصمة المكسيكية.
يضطر كل شخص لدفع 1500 دولار للمهربين من أجل استكمال الرحلة ليستمر المهاجرون ما يقارب من الـ 30 ساعة كاملة للوصول إلى مدينة تيخوانا الحدودية والتي تبعد عن الحدود الأمريكية حوالي 27 كم، ليبدأ بعدها دخول المهاجرين إلى الأراضي الأمريكية.
جدير بالذكر أن نيكاراغوا هي أقرب دولة متصلة عن طريق البر بالولايات المتحدة ولا تفرض متطلبات دخول صارمة على مواطني العديد من الدول الذين يُمنعون من السفر إلى وجهات أخرى بدون تأشيرة.