كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، الأربعاء 5 يونيو/حزيران 2024، أن إسرائيل نظمت حملة على وسائل التواصل الاجتماعي، استخدمت فيها حسابات مزيفة بهدف التأثير على المشرّعين الأمريكيين في الكونغرس لدعم إسرائيل خلال حربها في غزة.
وقال أربعة مسؤولين إسرائيليين إن الحملة السرية تمت بتكليف من وزارة الشتات الإسرائيلية، وخصصت الوزارة حوالي مليوني دولار للحملة وتعاقدت مع شركة Stoic، وهي شركة تسويق سياسي في تل أبيب، لتنفيذها، بحسب ما كشفته الوثائق.
بدأت الحملة في أكتوبر/تشرين الأول 2023 ولا تزال نشطة على موقع إكس. وفي ذروتها، استخدمت مئات الحسابات المزيفة التي تظاهرت بأنها حسابات أمريكية حقيقية على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة بما في ذلك إكس وفيسبوك وإنستغرام لنشر تعليقات مؤيدة لإسرائيل.
وركزت الحسابات على المشرّعين الأمريكيين، وخاصة السود منهم والديمقراطيين، مثل النائب حكيم جيفريز، زعيم الأقلية في مجلس النواب، والسيناتور رافائيل وارنوك عن ولاية جورجيا، مع منشورات تحثهم على مواصلة تمويل الجيش الإسرائيلي.
وقالت نيويورك تايمز إنه تم استخدام برنامج الدردشة الآلي Chat GPT، الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي، لإنشاء العديد من المنشورات. كما أنشأت الحملة أيضاً ثلاثة مواقع إخبارية مزيفة باللغة الإنجليزية تعرض مقالات مؤيدة لإسرائيل.
التأثير على الرأي العام الأمريكي
يُذكر أنه لم يتم الإبلاغ من قبل عن علاقة الحكومة الإسرائيلية بحملة التأثير، والتي تحققت منها صحيفة نيويورك تايمز.
وأشارت منظمة Fake Reporter، وهي منظمة إسرائيلية لمراقبة المعلومات المضللة، إلى هذه الحملة في مارس/آذار 2023. وفي الأسبوع الماضي، قالت شركة ميتا، المالكة لفيسبوك، إنها كشفت أيضاً الحملة وعطلت منشوراتها.
وبحسب نيويورك تايمز، تشير الحملة السرية إلى الجهود الإسرائيلية المضنية وغير المحدودة للتأثير على الرأي العام الأمريكي بشأن الحرب في غزة. ولطالما كانت الولايات المتحدة واحدة من أقوى حلفاء إسرائيل، حيث وقّع الرئيس بايدن مؤخراً على حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 15 مليار دولار للبلاد.
لكن الحرب الإسرائيلية في غزة لم تحظَ بشعبية لدى العديد من الأمريكيين، الذين دعوا الرئيس الأمريكي إلى سحب دعمه لإسرائيل خاصة مع تزايد أعداد الضحايا من المدنيين، حيث أسفرت الحرب عن مقتل واصابة حوالي 114 ألف فلسطيني.
وقد لوحظ انحسار هذا الدعم بشكل ملحوظ بين الشباب الأمريكي، حيث كشفت مجموعة جديدة من استطلاعات الرأي التي أجرتها صحيفة نيويورك تايمز، وكلية "سيينا"، وصحيفة "فيلادلفيا إنكوايرر"، عن تآكل الدعم لبايدن بين الناخبين الشباب وغير البيض المستائين من الاقتصاد والحرب على غزة.
بل إن 13% من الناخبين الذين صوَّتوا لصالح بايدن في الانتخابات الماضية لا يخططون للتصويت له مرة أخرى بسبب سياسته الخارجية والحرب في غزة، حسب نتائج الاستطلاع.
وقال خبراء في وسائل التواصل الاجتماعي إن العملية هي أول حالة موثقة لتنظيم الحكومة الإسرائيلية حملة للتأثير على الحكومة الأمريكية. وفي حين أن الحملات المنسقة المدعومة من الحكومات ليست أمراً استثنائياً، إلا أنه من الصعب عادة إثباتها.
وقال أتشيا شاتز، المدير التنفيذي لموقع Fake Reporter، إن "دور إسرائيل في هذا الأمر متهور وربما غير فعال. إن قيام إسرائيل بإدارة حملة للتدخل في السياسة الأمريكية هو أمر غير مسؤول على الإطلاق".
ونفت وزارة الشتات الإسرائيلية تورطها في الحملة، وقالت إنه لا علاقة لها بشركة Stoic. فيما لم تستجب الشركة الإسرائيلية لطلب التعليق من صحيفة نيويورك تايمز.
جنود رقميون
في التفاصيل أيضاً، أفاد مسؤولون إسرائيليون بأن الحملة بدأت بعد أسابيع فقط من شن الحرب على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023. وتلقت العشرات من شركات التكنولوجيا الإسرائيلية الناشئة رسائل بريد إلكتروني ورسائل واتساب آنذاك تدعوهم للانضمام إلى اجتماعات عاجلة ليصبحوا "جنوداً رقميين" لإسرائيل أثناء الحرب، وفقاً للرسائل التي اطلعت عليها صحيفة نيويورك تايمز.
وعقد الاجتماع الأول في تل أبيب في منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2023. وقال ثلاثة ممن حضروا الاجتماع إنه بدا تجمعاً غير رسمي؛ حيث يمكن للإسرائيليين التطوع بمهاراتهم التقنية لمساعدة المجهود الحربي في البلاد. وأضافوا أن أعضاء في عدة وزارات حكومية شاركوا أيضاً.
وقيل للمشاركين إنهم يمكن أن يكونوا "محاربين من أجل إسرائيل"، وإن "الحملات الرقمية" يمكن أن تدار نيابة عن البلاد، وفقاً لتسجيلات الاجتماعات.
وبجانب التعاقد مع شركة Stoic لإدارة الحملة، قال مسؤول إسرائيلي إنه ربما تم التعاقد مع شركات أخرى لإدارة حملات إضافية.
على موقع فيسبوك مثلاً، نشرت الحسابات الوهمية على الصفحة العامة للنائب حكيم جيفريز سؤالاً عما إذا كان قد اطلع على تقرير حول توظيف وكالة الأونروا لأعضاء من حركة حماس في غزة.
كما أنشأت الحملة أيضاً 3 مواقع إخبارية مزيفة بأسماء مثل Non-Agenda وUnFold Magazine، والتي أعادت كتابة مواد من منافذ إعلامية بما في ذلك سي إن إن وول ستريت جورنال للترويج لموقف إسرائيل أثناء الحرب.