ساد استياء كبير في تل أبيب من خطاب الرئيس الأمريكي جو بايدن وعرضه تفاصيل المقترح "الإسرائيلي" الجديد لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، حيث وصفته وسائل إعلام إسرائيلية بـ"الخطاب الضعيف"، فيما "استهجنت" مصادر أخرى كشفه تفاصيل المقترح الذي ما زال قيد المباحثات الأولية.
والجمعة، أعلن بايدن في مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض، أن إسرائيل قدمت مقترحاً من 3 مراحل يشمل وقفاً لإطلاق النار في غزة وإطلاق سراح المحتجزين وإعادة إعمار القطاع.
صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية قالت إن الخطاب قوبل باستياء في تل أبيب، حيث اعتبروه خطاباً ضعيفاً، يتجاهل رفض حركة حماس.
الصحيفة أشارت كذلك إلى مفارقة لافتة خلال خطاب بايدن، إذ طالب الرئيس الأمريكي تل أبيب، بل ناشدها لقبول هذا العرض، على الرغم من إعلانه ان المقترح إسرائيلي بالأصل.
فيما وصفته قناة 12 الإسرائيلية بـ"خطاب نهاية الحرب"، إذ قالت إن بايدن قدم الخطوط العريضة الحقيقية لإنهاء الحرب، وليس فقط وقف إطلاق النار والاتفاق على إطلاق سراح المختطفين.
من جانبها، وصفت صحيفة معاريف الخطاب بـ"قنبلة بايدن السياسية"، من خلال إعلانه عن الخطوط العريضة للمقترح الإسرائيلي الذي قدمته تل أبيب للوسطاء مؤخراً.
بحسب يديعوت كذلك، فقد فضح خطاب بايدن "خدعة تل أبيب" من خلال موافقتها في المقترح الجديد على وقف إطلاق النار دون الإعلان عن ذلك بشكل واضح.
قناة 13 الإسرائيلية أكدت ذلك أيضاً، إذ أشارت إلى أنه في إسرائيل تفاجأوا من التفاصيل التي عرضها بايدن، إذ إن الرقابة كانت تمنع نشر تفاصيل المقترح الذي وافق عليه مجلس الحرب، وتم تقديمه للوسطاء.
فيما قالت قناة 12 الإسرائيلية إن بايدن وجّه حديثه للجمهور الإسرائيلي بشكل مباشر في خطاب "درامي"، محاولاً التأثير عليه بشكل مباشر، متجاوزاً نتنياهو ووزراء اليمين الذين سيسعون لإحباط نجاح المفاوضات.
حيث انتقد بايدن بشكل صريح المصطلح الذي يكرره وزراء في الحكومة ونتنياهو شخصياً، حيث قال: "يجب ألا نضيع الفرصة لمواصلة الحرب سعياً وراء مفهوم غير محدد وهو النصر الكامل".
وفي خطابه "سار الرئيس الأمريكي بسرعة 200 كلم/ساعة ضد المتطرفين في حكومة نتنياهو" ( وهذا التعبير ليديعوت أحرونوت)، الذين يريدون، حسب قوله، أن "تستمر الحرب إلى الأبد" وأن "يحتلوا غزة".
فيما قالت قناة 12 إن الرئيس الأمريكي "يدرك أن هناك عناصر سياسية في الحكومة تبتز نتنياهو، وتسيطر على نتنياهو، ويحذرنا من الاستسلام لتلك العناصر الخطيرة"، في إشارة لـ"بن غفير" وسموتريتش.
وتحدثت القناة عن سر التوقيت فأشارت إلى أنه ليس من قبيل الصدفة، حيث ترى أن اختيار التوقيت مع دخول السبت عند اليهود فرض على سموتريتش وبن غفير عدم التعليق بشكل سريع على الخطاب.
كما أن الخطاب يتزامن مع التهديد الذي أعلنه بيني غانتس بالانسحاب من جلس الحرب، وهو ضغط جديد على نتنياهو للقبول بشروط غانتس في بحث اليوم التالي للحرب على غزة، بحسب القناة.
المقترح الجديد
والجمعة، أعلن بايدن، في مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض، عن مقترح إسرائيلي جديد من 3 مراحل، على أن تستمر المرحلة الأولى 6 أسابيع وتشمل "وقفاً كاملاً وشاملاً لإطلاق النار، وانسحاب القوات الإسرائيلية من جميع المناطق المأهولة في غزة".
كما تتضمن المرحلة الأولى "إطلاق سراح عدد من الرهائن، بمن فيهم نساء ومسنون وجرحى، مقابل إطلاق سراح مئات من السجناء الفلسطينيين" في السجون الإسرائيلية.
وأشار بايدن إلى أن المرحلة الثانية تشمل "إطلاق سراح بقية الرهائن والجنود وإدامة وقف إطلاق النار، بينما تتضمن المرحلة الثالثة ما بعد الحرب وإعادة إعمار غزة".
ويأتي حديث بايدن عن هذا المقترح رغم رفض إسرائيل في وقت سابق مقترحاً آخر قدمته مصر وقطر، وأعلنت حماس موافقتها والفصائل الفلسطينية عليه في 6 مايو/أيار.
وتضمن المقترح المصري القطري بنوداً مشابهة لما يتحدث عنه بايدن، من حيث كونه مقترحاً يتم تنفيذه على مراحل تنتهي بتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، لكن إسرائيل رفضته آنذاك بدعوى أنه "لا يلبي مطالبها"، وأكدت أنها ستواصل الحرب على غزة حتى تحقيق ما تسميه "الانتصار الساحق".
وفي اليوم ذاته، بدأت إسرائيل، آنذاك، عملية عسكرية على مدينة رفح جنوبي غزة، وسيطرت على الجانب الفلسطيني من معبر رفح في اليوم التالي.
كذلك، شكَّكت تل أبيب مؤخراً في "حيادية" الوسيطين المصري والقطري بهذه المحادثات، وهو ما دعا قطر إلى "عدم الالتفات إليه"، فيما حذرت مصر من أن التشكيك في وساطتها "قد يدفعها للانسحاب" منها.
وبوساطة قطر ومصر والولايات المتحدة تجري حماس وإسرائيل، منذ أشهر، مفاوضات غير مباشرة متعثرة، للتوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى ووقف الحرب على غزة التي اندلعت في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وعلى مدى يومين، استضافت القاهرة آخر جولة تفاوض، قبل أن يغادر وفدا حماس وإسرائيل العاصمة المصرية في 9 مايو/أيار الجاري دون إعلان التوصل لاتفاق.
وخلَّفت الحرب الإسرائيلية على غزة أكثر من 118 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.
وتواصل إسرائيل هذه الحرب متجاهلةً قراراً من مجلس الأمن يطالبها بوقف القتال فوراً، وأوامر من محكمة العدل تطالبها بوقف هجومها على رفح، واتخاذ تدابير فورية لمنع وقوع أعمال "إبادة جماعية"، و"تحسين الوضع الإنساني" بغزة.