فقد آخر مسجد كبير في الصين يحتفظ بملامحه ذات الطراز العربي قبابه، وتم تعديل مآذنه بشكل جذري، وذلك ضمن حملة من السلطات لإضفاء الطابع الصيني على أماكن العبادة الإسلامية في البلاد.
صحيفة الغارديان قالت في تقرير، السبت 25 مايو/أيار 2024، إن مسجد شاديان الكبير، أحد أكبر وأروع المساجد في الصين، يقع فوق البلدة الصغيرة التي أخذ منها اسمه في مقاطعة يونان الجنوبية الغربية.
وحتى العام الماضي، كان المجمّع الذي تبلغ مساحته 21 ألف متر مربع يضم مبنى كبيراً تعلوه قبة خضراء، ومزينة بهلال، وتحيط بها أربع قباب أصغر حجماً ومآذن شاهقة.
وتُظهر صور الأقمار الصناعية من عام 2022 جناح المدخل مزيناً بهلال كبير ونجمة مصنوعة من البلاط الأسود الزاهي.
إزالة القبة
لكن تظهر الصور الفوتوغرافية وصور الأقمار الاصطناعية وروايات الشهود من هذا العام (2024) أن القبة قد أزيلت واستبدلت بسطح معبد على طراز الهان الصيني، وتم تقصير المآذن وتحويلها إلى أبراج باغودا. كما لا يمكن رؤية سوى أثر باهت للهلال وبلاط النجوم الذي كان يميز الشرفة الأمامية للمسجد.
وسلط تقرير الغارديان على تحويل مساجد أخرى من طرازها العربي إلى الصيني، حيث يوجد مسجد ناجياينغ التاريخي، على بعد أقل من 100 ميل من شاديان، والذي أزيلت معالمه الإسلامية مؤخراً في عملية تجديد.
وفي عام 2018 نشرت الحكومة الصينية خطة حول "إضفاء الطابع الشرعي على الإسلام". وكان جزء من الخطة هو مقاومة "الأساليب المعمارية الأجنبية" وصبغ "العمارة الإسلامية بالخصائص الصينية".
كما تظهر مذكرة مسربة للحزب الشيوعي الصيني أن السلطات المحلية تلقت تعليمات "بالالتزام بمبدأ هدم المزيد وتقليص البناء".
في السياق، قال رسلان يوسوبوف، عالم الأنثروبولوجيا في جامعة كورنيل الذي أمضى عامين في شاديان للقيام بعمل ميداني: "إن إضفاء الطابع الصيني على هذين المسجدين التاريخيين يمثل نجاح الحملة. حتى لو بقيت مساجد صغيرة على الطراز العربي في القرى، سيكون من الصعب على المجتمعات المحلية أن تطعن في خطة إضفاء الطابع الصيني".
بينما قالت هانا ثيكر، مؤرخة الإسلام في الصين بجامعة بليموث، إن حملة إضفاء الطابع الصيني على المساجد تقدمت "مقاطعة تلو الأخرى"، وأضافت: "بحلول عام 2023 كان هناك شعور بين المجتمعات بأن التقليد المعماري سيصل إلى مساجد يونان الشهيرة، باعتبارها آخر المساجد الرئيسية غير المألوفة في الصين".
من جهته، قال ما جو، وهو ناشط صيني من الهوي مقيم في نيويورك، إن التجديدات كانت "رسالة واضحة لتدمير دينكم وعرقكم".
والهوي هم أقلية عرقية مسلمة صينية، يعيش معظمهم في غرب الصين. وهناك أكثر من 11 مليون شخص من الهوي، وفقاً لتعداد عام 2020، وهو عدد سكان مماثل للإيغور.
وتعتبر خطة الصين لتسييس المساجد مكتملة إلى حد كبير، ولكنها ليست سوى جزء من خططها لقولبة الدين، وخاصة الإسلام، ليتناسب مع أيديولوجية الحكومة، وفقاً للغارديان.
وبعد استيلاء الحزب الشيوعي على الحكم في الصين، في عام 1949، بدأت السلطات في استهداف كل أشكال التدين، التي بلغت ذروتها في عام 1975، عندما احتج مسلمو الهوي في مقاطعة يونان على إغلاق مسجد، ليقوم الجيش باجتياح المنطقة حيث تم قتل 1600 شخص بينهم نساء وأطفال.
كما ينص الدستور الصيني على حرية العبادة، لكنه يرسم حدوداً صارمة لهذا المبدأ، إذ لا يعترف سوى بخمس ديانات تُفرَض قيود صارمة على ممارسة شعائرها.