قالت صحيفة الغارديان البريطانية، الإثنين 20 مايو/أيار 2024، إن هجمات المستوطنين الإسرائيليين واعتقال إسرائيل للفلسطينيين في الضفة الغربية يخلق مناخاً من الخوف وانعدام الثقة في حركة فتح الحاكمة، الأمر الذي يسلط الضوء على عجزها عن حماية الفلسطينيين ويغذي شعبية حماس.
واستعرضت الصحيفة البريطانية قصة الشاب خليل (21 عاماً) الذي اعتقلته السلطات الإسرائيلية في مدينة رام الله في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بسبب ولائه لحركة حماس. وسُجن لمدة ستة أشهر دون تهمة، في ظروف وصفها بـ "غير المعقولة".
ونقلت الصحيفة عن خليل قوله: "يحاول الإسرائيليون كبح جماحنا وإرهابنا باستخدام هذه الأساليب. الناس خائفون ولا توجد حرية تعبير… أخشى أن يتم اعتقالي في حال توجهت إلى أي مدينة من مدن الضفة الغربية".
وأضاف خليل: "تولد حملات المداهمة شعوراً بعدم الثقة تجاه السلطة الفلسطينية… فهم لا يستطيعون حمايتنا وحسب، ولكن في الوقت نفسه يمكنهم مهاجمتنا أيضاً"، مشيراً إلى تاريخ السلطة في اعتقال أعضاء من حماس في الضفة الغربية.
بالنسبة لخليل، وهو طالب في جامعة بيرزيت، فإن موجة المداهمات الإسرائيلية لم تحقق سوى إثارة غضب الناس. وأشار إلى أن جميع قادة اتحاد الطلاب الـ 24 تقريباً إما معتقلون أو يخشون الاعتقال. وكانت الكتلة الطلابية التي تدعمها حماس قد اكتسحت الانتخابات الطلابية السنوية في جامعة بيرزيت في الأعوام الأخيرة.
ووفقاً للصحيفة البريطانية، فإن حماس تنظر إلى هذه النجاحات باعتبارها إشارة واضحة إلى الدعم الشعبي الذي تحظى به، في ظل غياب الانتخابات على صعيد السلطة الفلسطينية منذ ما يقرب من عقدين من الزمن.
ولكن الخوف من الاعتقال، أو في بعض الحالات إعادة الاعتقال، كان سبباً في خنق حرية التعبير في مختلف أنحاء الضفة الغربية، حيث قد تعني المناقشات غير الرسمية حول دعم حماس المخاطرة بالاعتقال.
هجمات المستوطنين
وكانت استطلاعات للرأي أجراها المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في رام الله في أبريل/نيسان الماضي قد أظهرت ارتفاعاً في دعم حماس في الأشهر التي تلت هجوم أكتوبر/تشرين الأول. ورغم أن هذا الدعم ربما يكون قد تقلص في أشهر لاحقة، إلا أن ما بقي ثابتاً هو النفور من رئيس السلطة محمود عباس، والبحث عن بدائل سياسية لحكمه، حسبما ذكرت الغارديان.
وفي نفس السياق، أثارت هجمات المستوطنين الإسرائيليين على الضفة الغربية مشاعر الغضب لدى المواطنين تجاه السلطة الفلسطينية والمستوطنين الإسرائيليين على حد سواء.
وقال أحمد، الذي يسكن في قرية المغير إحدى قرى شمال الضفة الغربية: "السلطة الفلسطينية تظهر هنا بالبنادق، لماذا لا يستخدمونها عندما يهاجم المستوطنون؟ إنهم يأتون إلى هنا فقط لجمع الضرائب. يأخذون كل شيء، ويعدوننا بالحماية ولا يقدمون لنا شيئاً. ولكن إذا حاولت حماية نفسك، فسوف تعتقلك السلطة الفلسطينية قبل الإسرائيليين".
وأضاف أحمد: "الحقيقة واضحة تماماً: حماس تمنحنا بصيصاً من الأمل. إن دعمي لحماس يتزايد باستمرار، وما تم أخذه بالقوة لا يمكن استعادته إلا بالقوة. حماس وحدها هي القادرة على الدفاع عنا ضد المستوطنين".
وتابع: "نحن نواجه السلطة الفلسطينية ولا نستفيد منها. من الواضح أنهم أعداؤنا… لا يوجد أي معنى لوجودهم"، مضيفاً أن السلطة "كثفت" حملتها على أنصار حماس في الأشهر الأخيرة، بحثاً عن الأسلحة.
حركة فتح والقلق من دعم حماس
وقد أعرب بعض قادة فتح عن قلقهم من أن إخفاقات الحركة الملموسة تشجع منافسيهم.
وقال قدورة فارس، أحد كبار قادة فتح ورئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، إن قرية المغير هي المكان الذي تعتمد فيه فتح تقليدياً على مجموعة كبيرة من الدعم، لكنه يخشى أن تؤدي هجمات المستوطنين المتزايدة، التي تحدث تحت أعين الجنود الإسرائيليين أو حتى بمشاركتهم، إلى تقويض التعاون الأمني السياسي للسلطة مع إسرائيل.
وقال فارس: "لا يؤيد غالبية الفلسطينيين هذا التعاون الأمني المستمر. أضف إلى ذلك أن هناك فساداً وغياباً للعملية الانتخابية؛ مما يعني الافتقار إلى الشرعية، وهذا يزيد من الأسباب التي تجعل الناس يختارون حماس".
ووصف فارس ما شاهده خلال حضوره تجمعات سياسية في رام الله، العاصمة الفعلية للسلطة الفلسطينية، حيث فوجئ بتعبير مشاركين علمانيين ومسيحيين عن دعمهم لحماس.
وقال: "لقد ارتفعت شعبية حماس في الضفة الغربية بشكل واضح"، معتبراً أن أحد أخطاء حركة فتح الأساسية هو اعتقال أعضاء حماس، مطالباً بوقف هذه الاعتقالات.