رغم العدوان الإسرائيلي على غزة، وتوقف العملية التعليمية، بسبب تدمير المدارس وتحولها إلى مراكز لإيواء النازحين، إلا أن نماذج الصمود ومبادرات تدريس الأطفال ما زالت حاضرة فيها.
وفي وسط قطاع غزة، تنشط مجموعة من المعلمات في مركز إيواء، بـ"مبادرة الصف التعليمي".
حيث يلتف العشرات من الأطفال الفلسطينيين النازحين حول المعلمة حنان الوخيري، للمشاركة في النشاطات الترفيهية والتعليمية، في مركز إيواء مدرسة ذكور البريج الإعدادية في مخيم البريج.
وتحاول المعلمة الوخيري الترفيه عن الأطفال المشاركين في مبادرة "الصف التعليمي" التي تنفذها من خلال أنشطة وفعاليات متنوعة كالتعليم بالقراءة والكتابة والرسم والتلوين، بعد مرور 8 أشهر على توقف العملية التعليمية.
فقد تعطلت العملية التعليمية في قطاع غزة، منذ بداية الحرب الإسرائيلية المدمرة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ولا يزال مصيرها مجهولاً بعد تدمير إسرائيل غالبية الجامعات والمعاهد المتوسطة، والمئات من المدارس الحكومية والتابعة لوكالة الغوث الدولية "الأونروا".
استجابة كبيرة في مبادرة الصف التعليمي
المعلمة الوخيري تقول لوكالة الأناضول، أثناء تنفيذها لنشاط لطلبة الصف الأول: "طرحنا مبادرة الصف التعليمي في مركز الإيواء، ولاحظنا استجابة كبيرة جداً من الأهالي وإقبالاً شديداً في التسجيل وتم تشجيعنا عبر فريق العمل".
ورغبة من النازحين داخل مركز الإيواء في إنجاح المبادرة، قرروا إخلاء الغرفة الصفية في الصباح الباكر يومياً، لتنفيذ الأنشطة التعليمية والترفيهية، وبادروا بترتيبها لفريق العمل لتكون صفاً تعليمياً للطلاب في المراحل الدراسية من الصف الأول حتى الصف السادس.
حيث توضح الوخيري: "لدينا 6 مراحل تعليمية كل مرحلة من هذه المراحل تُخصص لها ساعة زمنية محددة للتعلم".
وبدت السعادة والفرحة الغامرة على وجوه الطلاب وأولياء الأمور، أثناء حضورهم في اليوم الأول للمبادرة، وكانوا يرتدون ملابس بهية وزاهية كأنه يوم عيد، وفق الوخيري.
إلى ذلك، لاحظت المعلمة اندفاع الطلاب للتعليم بشكل كبير، ضمن المبادرة التعليمية، حيث استقبلتهم وسألتهم عن سبب سعادتهم وفرحتهم، فأجابوا بسبب العودة لمقاعد الدراسة والتعلم والرسم والتلوين.
فيما تشمل المبادرة الأطفال المتواجدين داخل مركز الإيواء وهم من النازحين من مدينة رفح ومن شمالي القطاع ومدينة خان يونس.
وتقول: "نحاول إخراج النازحين ولا سيما الأطفال من أجواء الحرب التي نعيشها وأصوات القصف وإطلاق النيران، وضغوطات الحياة التي يعيشونها، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والصحية وغيرها".
فقد شهدت المبادرة، بحسب الوخيري، إقبالاً من الأطفال المتواجدين خارج مركز الإيواء، ما يتطلب فتح شعب أخرى لاستيعاب أعداد جديدة بعد نجاح هذه المبادرة والإقبال الكبير عليها.
حماية الطفولة
وتبدو السعادة على وجه الطفلة لولو عز الدين فايق، ذات الأعوام السبعة، بعدما التحقت بالمبادرة التعليمية والمشاركة في الأنشطة الترفيهية وأنشطة التفريغ النفسي.
حيث تقول الطفلة فايق وهي ترسم: "التحقت بالمبادرة حتى أقرأ وأتعلم وألون وأرسم"، متمنية أن تنتهي الحرب الإسرائيلية المدمرة بأسرع وقت.
كما تتفق الطفلة هلا عاشور مع سابقتها في أسباب مشاركتها في المبادرة التعليمية، وتقول: "أنا سعيدة بالعودة إلى مقاعد الدراسة بعد أن حرمنا الاحتلال من التعلم طيلة الأشهر السبعة الماضية".
فكرة مبادرة الصف التعليمي
وحول فكرة المبادرة، تقول المعلمة فاطمة أبو هميسة: "تبلورت مبادرة الصف التعليمي بعد توقف العملية التعليمية لما يقارب 7 أشهر، ونظراً للظروف الصعبة التي يعيشها الطلاب داخل مراكز الإيواء واستمرار الحرب الإسرائيلية".
وتهدف المبادرة بحسب أبو هميسة إلى النهوض بالمستوى التعليمي للطلبة، حيث تم وضع خطة مسبقة وتدوين إجراءات عمل واضحة للصف التعليمي مع إدارة المركز.
كما تشير إلى إجراء حصر للفئات الطلابية والعمرية والإعلان المسبق عن مبادرة الصف التعليمي، وتشكيل لجنة من المعلمين للمشاركة في المبادرة وتقديم الخدمات التعليمية للطلاب إلى جانب عملهم في لجنة الطوارئ وتوزيع المساعدات داخل مركز الإيواء.
لكن المبادرة تواجه صعوبات جمة في مقدمتها عدم توفر البيئة الصفية اللازمة لتعليم الطلبة، ونقص الخدمات اللوجستية كالمقاعد والقرطاسية والجوائز التحفيزية، ناهيك عن حالة الاكتظاظ في الصف التعليمي، وفق المعلمة أبو هميسة.
حيث أوضحت المعلمة أبو هميسة: "نحاول استيعاب الجميع وتقديم الخدمات التعليمية لهم بشكل أفضل، ونقدم رعاية طبية ونفسية لهم داخل الصف التعليمي ونستقطع جزءاً من الوقت لتنفيذ أنشطة وفعاليات ترفيهية لإخراج الطلاب من أجواء الحرب.
واللافت أن إدارة المركز وضعت خطة عمل مسبقة لإنجاح المبادرة تشمل تنفيذ 6 حصص أسبوعية لكل مرحلة تعليمية، مدة كل حصة ساعة واحدة يومياً.