أثارت تصريحات عضو مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس حول تهديده بالانسحاب من حكومة الحرب وتحديده مهلة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للموافقة على خطة لما بعد الحرب على غزة، انتقادات حادة من نتنياهو ووزراء عدة في الائتلاف الحاكم، بينهم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.
نتنياهو يهاجم
التصريحات دفعت نتنياهو إلى إصدار بيان عبر مكتبه السبت 18 مايو/أيار 2024، هاجم فيه مجلس الحرب بيني غانتس، قائلاً إن الأخير "يصدر إنذاراً نهائياً له بدلاً من حماس".
وحسب البيان قال نتنياهو: "بينما يقاتل جنودنا لتدمير كتائب حماس في رفح (جنوب قطاع غزة)، يختار غانتس إصدار إنذار نهائي لرئيس الوزراء بدلاً من إصدار إنذار نهائي لحماس".
كما أضاف نتنياهو: "الشروط التي وضعها بيني غانتس (خلال مؤتمر صحفي عقده السبت) هي كلمات مغسولة ومعناها واضح: نهاية الحرب وهزيمة إسرائيل، وإطلاق سراح معظم الأسرى، وترك حماس سليمة، وإقامة دولة فلسطينية".
وتابع: "لم يسقط جنودنا هباءً، وبالتأكيد ليس من أجل استبدال حماستان بفتحستان (في إشارة إلى حركة فتح والسلطة الفلسطينية اللتين يرأسهما الرئيس الفلسطيني محمود عباس)".
غانتس يرد على نتنياهو
لكن هجوم نتنياهو دفع غانتس للرد عليه؛ حيث قال في بيان صادر من مكتبه السبت: " لو استمع رئيس الوزراء إلى الوزير غانتس لكنا دخلنا رفح منذ شهرين وأنهينا المهمة، وعلينا أن نكملها، وأن نهيئ الظروف اللازمة لها".
البيان أضاف: "لن تتمكن السلطة الفلسطينية من السيطرة على غزة، ولن تتمكن العناصر الفلسطينية الأخرى من ذلك، إلا إذا نجحنا في الحصول على دعم الدول العربية المعتدلة والدعم الأمريكي. وعلى رئيس الوزراء التعامل مع هذا الأمر وعدم تخريب هذه الجهود".
وأوضح مكتب غانتس: "كما قال غانتس في خطابه، لا نية لإقامة دولة فلسطينية، وهذا ليس مطلب السعوديين". "خلافاً لنتنياهو، غانتس لم يعد الخليل ولم يعلن دعمه لحل الدولتين في بار إيلان. إذا كانت حكومة الطوارئ مهمة لرئيس الوزراء، عليه إجراء المناقشات اللازمة، واتخاذ القرارات اللازمة، وعدم المماطلة". "وألا ترتعش قدماه خوفاً من المتطرفين في حكومته".
وفي مؤتمر صحفي بتل أبيب، حدد غانتس شرطه النهائي لبقائه في الائتلاف الحكومي في ظل رفض نتنياهو وضع خطة ما بعد الحرب لحكم قطاع غزة، وطالب حكومة الحرب بخطة من 6 نقاط بحلول الثامن من يونيو/حزيران المقبل.
"مخادع كبير"
تهديد غانتس، دفع وزراء عدة بحكومة الاحتلال التعليق عليه ومهاجمته، إذ قال وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير: "غانتس قائد صغير ومخادع كبير، وكان منذ اللحظة الأولى لانضمامه للحكومة يركز بشكل أساسي على تفكيكها".
وأضاف بن غفير أن "رحلات غانتس إلى واشنطن لم تكن سوى جزء صغير من مؤامراته".
كما علق وزير الاتصالات الإسرائيلي شلومو كرعي وقال: "إن غانتس يهدد بالاستقالة بحلول 8 يونيو/حزيران إذا لم نستسلم لمطالبه، وأقترح عليه الاستقالة غداً"، مشيراً إلى أن "غانتس يريد جلب السلطة الفلسطينية للسيطرة على غزة".
وتابع كرعي: "حكومة الحرب أصبحت يسارية منذ فترة طويلة ووسيلة لإضعاف رئيس الوزراء وحكومة اليمين".
وانضم أيضاً للهجوم وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريش: "غانتس، إن الخلط في الحرب هو بسببك وبسبب أعضاء حكومة الحرب حتى بعد 7/10، يواصلون الضغط من أجل وقف الحرب وإقامة الدولة الفلسطينية تحت الضغط الأمريكي".
בני, הדשדוש במלחמה הוא בגללך ובגלל חבריך לקבינט הקונספציה שגם אחרי ה7.10 ממשיכים לדחוף לעצירת המלחמה ולהקמת מדינה פלסטינית בלחץ אמריקאי.
— בצלאל סמוטריץ' (@bezalelsm) May 18, 2024
מדינת ישראל תנצח עם גנץ ובלעדיו בזכות הלוחמים הגיבורים ועם ישראל. אני קורא לרוה״מ לקבל הכרעה אסטרטגית על שליטה ישראלית מלאה בעזה והחלטה שמכאן…
وأضاف: "دولة إسرائيل ستنتصر بغانتس وبدونه بفضل المقاتلين وشعب إسرائيل. وإنني أدعو رئيس الوزراء إلى اتخاذ قرار استراتيجي بشأن السيطرة الإسرائيلية الكاملة على غزة، وقرار بأننا من الآن فصاعداً لن نوقف قواتنا في رفح وفي وسط وشمال قطاع غزة حتى تحقيق أهداف التسوية".
في المقابل، طالب يائير لابيد رئيس حزب "هناك مستقبل" وزعيم المعارضة الإسرائيلية من الوزيرين في مجلس الحرب غانتس وغادي آيزنكوت، بالخروج من مجلس الحرب والاكتفاء بعقد مؤتمرات، مضيفاً: " لو لم تكونا جالسين في الحكومة لكنا قد تجاوزنا عهد نتنياهو وبن غفير".
"حل مجلس الحرب بات قريباً"
وعلى وقع الخلافات والتراشق بالتصريحات، نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصدر في مجلس الحرب أن حل المجلس بات أقرب من أي وقت مضى.
المصدر قال إنه إذا جرت عملية واسعة في رفح دون موافقة ودعم أمريكيين ودون تحديد تفاصيل اليوم التالي، فإن أعضاء بمجلس الحرب سوف يدعون إلى حلّه، مضيفاً أن العلاقات بين أعضاء المجلس تزداد سوءاً بسبب عدم اتخاذ قرارات استراتيجية.
كما كشف المصدر الإسرائيلي عن توتر داخل مجلس الحرب بسبب عدم اتخاذ قرارات بشأن اليوم التالي في غزة وعدم تحقيق تقدم في صفقة تبادل الأسرى.
في المقابل، نقلت صحيفة معاريف الإسرائيلية عن مصدر مسؤول أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو غير مستعد للحسم أو اتخاذ قرارات بشأن اليوم التالي بغزة، لكنه مستعد لعرقلة الحلول التي يضعها الذين لا يتفق معهم.
المصدر الإسرائيلي المطلع على المحادثات الإسرائيلية-الأمريكية قال للصحيفة إن الإدارة الأمريكية بدأت تتوصل لحقيقة مفادها أن حركة حماس لن تختفي وأنها ستبقى في غزة بصورة أو بأخرى حتى بعد انتهاء الحرب.
وأشار المصدر إلى أن أي دولة عربية لن تقبل أن تتحول إلى مقاول لدى إسرائيل وإدارة غزة وإعمارها، بينما تحتفظ إسرائيل لنفسها بحرية تنفيذ هجمات وعمليات عسكرية.
وأعلن الجيش الإسرائيلي في 6 مايو/أيار الجاري، بدء عملية عسكرية في رفح، متجاهلاً تحذيرات إقليمية ودولية من تداعيات ذلك، في ظل وجود نحو 1.4 مليون نازح بالمدينة، دفعهم إليها بزعم أنها "آمنة" ثم شن عليها لاحقاً غارات أسفرت عن قتلى وجرحى.
وخلفت الحرب الإسرائيلية على غزة المتواصلة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أكثر من 114 ألفاً بين قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، ودماراً هائلاً، ما أدى إلى مثول إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية".