قدّم مانحون جمهوريون كبار تبرعات لمنظمة يمينية متطرفة شاركت في حملة لتخويف وترهيب الطلاب المؤيدين للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية، وفقاً لما ذكره موقع ميدل إيست آي البريطاني، الأربعاء 15 مايو/أيار 2024.
وكانت منظمة Accuracy in Media قد كشفت في إقرارها الضريبي، للسنة المالية المنتهية في عام 2023، عن قائمة الجهات المانحة التي قدمت مجتمعة ما يقرب من مليوني دولار من التبرعات للمجموعة.
وتشمل هذه القائمة المتبرع الجمهوري البارز جيف ياس، ومؤسسة عائلة ميلستين، والمؤسسة العائلية لقطب الشحن ريتشارد يوهلين، ومؤسسة أدولف كورس.
وشملت قائمة المانحين أيضاً مؤسسة Informing America Foundation، وهي منظمة سبق أن ورد أنها تقف وراء محاولات لترهيب طلاب جامعيين مؤيدين للفلسطينيين.
يُظهر الإقرار الضريبي أن المتبرع الجمهوري ياس منح ما قيمته مليون دولار لمجموعة Accuracy in Media، بحسب ما نشر موقع سي إن بي سي نيوز.
وفيما لم تشكك مجموعة Accuracy in Media في صحة الوثيقة الضريبية، لكنها أشارت إلى أن ياس لم يتبرع بهذه المبالغ فعلياً للمجموعة، حسبما نقل موقع سي إن بي سي نيوز عن رئيس المجموعة آدم جيليت الذي قال إن شركة المحاسبة التابعة لهم "ارتكبت خطأً فادحاً" .
وأفاد "ميدل إيست آي" بأن مجموعة Accuracy in Media قد شاركت على مدى الأشهر القليلة الماضية في حملة لتخويف وترهيب الطلاب الذين يعبرون عن وجهات نظر مؤيدة للفلسطينيين في حرم الجامعات.
ما هي منظمة Accuracy in Media؟
تأسست المنظمة عام 1969 بهدف "فضح التحيز في وسائل الإعلام الرئيسية ووسائل التواصل الاجتماعي"، بحسب بيان لرئيسها الحالي. وقد دعمت المنظمة حرب فيتنام ودافعت عن استخدام إدارة الرئيس السابق جورج بوش للتعذيب.
بعد أيام من شن جيش الاحتلال الإسرائيلي حرباً على قطاع غزة بعد هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، قامت المجموعة بحمل لوحة إعلانية متنقلة حول حرم جامعة هارفارد تعرض أسماء وصور الطلاب إلى جانب كلمة "معادون للسامية"، حسب ما نشره موقع نيويورك بوست الأمريكي.
وواصلت المنظمة، التي تصف نفسها بأنها تُعنى بـ"الصحافة الاستقصائية والنشاط الثقافي"، استخدام اللوحات الإعلانية المتنقلة التي تعرض أسماء وصور الطلاب في عدد من الجامعات، بما في ذلك جامعات كاليفورنيا، وكولومبيا، وستانفورد، وجامعة جنوب كاليفورنيا.
وقد طالت إحدى أبرز حملات الترهيب والتشهير التي مارستها المنظمة في الآونة الأخيرة تلك الحملة التي مُورست بحق الطالبة أسنا تبسّم التي ألغت جامعة جنوب كاليفورنيا الأمريكية خطاباً كان من المقرر أن تلقيه منتصف الشهر الماضي، مشيرة إلى مخاوف أمنية لم تحددها بعد أن قوبل اختيارها كطالبة متفوقة بموجة من الهجمات عبر وسائل التواصل الاجتماعي الموجهة ضد آرائها المؤيدة للفلسطينيين.
وقالت تبسّم في بيان تمت مشاركته عبر الإنترنت آنذاك: "لستُ متفاجئة من أولئك الذين يحاولون نشر الكراهية. أنا مندهشة من أن جامعتي -بيتي التي قضيت فيه أربع سنوات- قد تخلت عني".
وفي الوثائق الضريبية الخاصة بشركة Accuracy in Media التي كشف عنها موقع سي إن بي سي أيضاً، أدرجت المجموعة أيضاً شركة Mow the Lawn Productions، وهي مقاول مستقل استأجرته المجموعة لتقديم خدمات صحفية.
وليس من الواضح ما هي الخدمات المحددة لهذه المجموعة وما هو اسم المجموعة المشتق منها. ومع ذلك، فإن اسم الشركة Mow the Lawn أو ما يقابله في اللغة العربية "جز العشب"، هي استعارة يستخدمها جيش الاحتلال الإسرائيلي لوصف استراتيجيته المتمثلة في استهداف غزة بشكل دوري من خلال شن غارات جوية.
محاربة الجمهوريين للطلاب المناصرين لفلسطين
وكانت الجامعات الأمريكية قد شهدت احتجاجات طلابية واسعة مؤيدة للفلسطينيين ومطالبة بسحب الاستثمارات من الشركات المتعاونة مع إسرائيل، حتى إن هذه التظاهرات اكتسبت زخماً عالمياً وامتدت لتشمل جامعات أوروبية وآسيوية.
وقد لاقت هذه التظاهرات معارضة ملحوظة من تيارات عدة مؤيدة لإسرائيل من بينهم نواب جمهوريين.
وقال السيناتور الجمهوري توم كوتون علناً إنه كان ينبغي للشرطة أن تتخذ إجراءات صارمة ضد الاحتجاجات منذ البداية.
وأضاف: "لم يكن ينبغي لنا أن نتسامح مع هذه التظاهرات ولو للحظة واحدة".
وكان تحقيق أجراه موقع عربي بوست قد كشف عن نفوذ واسع مارسه مليارديرات أمريكيون يهود من عمالقة عالم "وول ستريت" للمال وخارجه، على إدارات الجامعات التي تشهد تظاهرات مؤيدة لغزة لصالح إسرائيل، ويرتبط بعضهم بـ"إيباك" أو إحدى أذرعها، وهي من أقوى منظمات الضغط في أمريكا الداعمة لـ تل أبيب.
التقصي الذي أجراه "عربي بوست" عن ضغط مليارديرات أمريكا على الجامعات، يظهر أنهم يُعتبرون من المانحين الرئيسيين للجامعات، وتمثل أموال المانحين رافداً رئيسياً للجامعات إلى جانب استثماراتها الواسعة التي تفرض عليها أغلب الجامعات تكتماً شديداً.
ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2023، على سبيل المثال لا الحصر، وقَّع 250 من كبار الشخصيات في القطاع المالي بأمريكا، على بيان توعدوا فيه بعدم توظيف طلاب الجامعات المنددين بإسرائيل في المؤسسات التابعة لهم، ومن بينهم أثرياء في "وول ستريت"، أبرزهم الملياردير الأمريكي من أصل يهودي، ويليام أكمان، الذي تخرج في جامعة هارفارد.