قال رئيس المخابرات العسكرية الأوكرانية إن القوات الأوكرانية تعاني من ضغوط كبيرة، ولديها احتياطيات قليلة يمكن الاعتماد عليها، بالإضافة إلى نقص الأسلحة، في وقت أكد فيه حاكم منطقة خاركيف الأوكرانية -ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا- أن روسيا واصلت هجومها البري على المنطقة، الإثنين 13 مايو/أيار 2024، وهاجمت مناطق جديدة بمجموعات صغيرة.
هذا التطور الخطير في الجبهة، دفع وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن للتحرك، والسفر مباشرة إلى العاصمة الأوكرانية كييف، وأكد لهم أن حزمة جديدة من الأسلحة الأمريكية بدأت بالفعل في الوصول إلى أوكرانيا ومن المتوقع وصول مزيد من الإمدادات في وقت قريب.
ما طبيعة التقدم الروسي في أوكرانيا؟
وقال جنود وقادة أوكرانيون من مجموعة من الألوية الذين تمت مقابلتهم في الأسابيع الأخيرة، إن أوكرانيا أصبحت أكثر عرضة للخطر من أي وقت مضى منذ الأسابيع المروعة الأولى من غزو عام 2022. وتحاول روسيا استغلال هذه الفرصة السانحة، من خلال تكثيف هجماتها عبر الشرق، وتهدد الآن بفتح جبهة جديدة من خلال مهاجمة المواقع الأوكرانية على طول الحدود الشمالية خارج مدينة خاركيف.
بحسب أحدث المعلومات الواردة من أوكرانيا، فإن القوات الروسية تمكنت من السيطرة على 9 قرى ومناطق بالقرب من خاركيف.
واعترف الجيش الأوكراني في وقت مبكر من يوم الإثنين 13 مايو/أيار 2024، بأن القوات الروسية استولت على عدد من المناطق في هجوم سريع.
وقالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية في بيان: "العدو يحقق حالياً نجاحاً تكتيكياً" .
وتقترب القوات الروسية من مناطق أكثر اكتظاظاً بالسكان، وقد تشتد حدة القتال في الأيام المقبلة، فيما أجلت السلطات المحلية بالفعل ما يقرب من 6000 شخص منذ يوم الجمعة، وفقاً لأوليه سينيهوبوف، رئيس الإدارة العسكرية لمنطقة خاركيف.
ما سبب انهيار الجبهة الأوكرانية؟
بحسب خبراء عسكريين ومسؤولين أوكرانيين، فإن القوات الروسية تقدمت في معظم المناطق التي استهدفتها حتى الآن، معللين ذلك بأنها مناطق تتمتع بحماية ضعيفة ومهجورة إلى حد كبير، وهو ما يفسر التقدم السريع نسبياً.
كما أشاروا إلى أن الحدود في شمال شرق أوكرانيا تعرضت لقصف روسي منتظم طوال الحرب، مما جعل من الصعب إنشاء مواقع محصنة ودفع العديد من المدنيين إلى الفرار.
أما صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية فأرجعت سبب التقدم الروسي إلى تأخر واشنطن في تقديم المساعدات، وهو ما تسبب في نقص حاد في الذخيرة لدى كييف، وتزايد عدد الضحايا، وهو ما يظهر بشكل واضح في نبرة الجنود المنخرطين في القتال اليومي.
وخلال الأشهر السبعة الأخيرة، انشغلت الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وأمدت الاحتلال بجسر جوي من الأسلحة والدعم، كما قامت بإرسال حاملة الطائرات إلى البحر الأحمر في محاولة منها لمنع توسع الصراع في المنطقة، وكان ذلك على حساب الدعم المقدم لأوكرانيا.
لكن وعلى الرغم من عودة الدعم الأمريكي، وبداية تدفق الأسلحة والذخائر، إلا أن الأمر سوف يستغرق أشهراً لتزويد كافة القوات الأوكرانية بالإمدادات الكافية. وهذا يخلق نافذة من الضعف يستغلها الروس، بحسب صحيفة واشنطن بوست.
هذا الوضع جعل أوكرانيا تتخذ موقفاً دفاعياً بعد شهور من تباطؤ إمدادات المساعدات العسكرية الغربية وخاصة الأمريكية، ما منح روسيا اليد العليا في العدد والذخائر.
ما هدف روسيا من فتح جبهات جديدة؟
استغلت القوات الروسية انشغال القوات الأوكرانية في الدفاع عن الخط الأمامي للجبهة الذي يبلغ طوله 600 ميل، ويمتد من شرق خاركيف إلى مدينة خيرسون عند البحر الأسود، فقامت بفتح جبهات جديد.
يرى خبراء عسكريون أن الجيش الروسي، من خلال الهجوم الجديد، يحاول زيادة الضغط على الخطوط الأوكرانية واختراقها في نهاية المطاف، بحسب ما ذكرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.
ويصف محللون عسكريون التحرك الروسي بأنه يهدف إلى إرهاق القوات الأوكرانية وتشتيتها في جبهات قتالية عدة.
وقال فرانز ستيفان غادي، المحلل العسكري المقيم في فيينا، إن روسيا تحاول تفريق القوات الأوكرانية الموجودة في منطقة دونباس جنوب شرق البلاد، لتسهيل سيطرة القوات الروسية عليها.
الهدف الرئيسي لروسيا، وفقاً لـ"غادي"، هو سحب القوات بعيداً عن منطقة تشاسيف يار، وهو معقل أوكراني تهاجمه القوات الروسية منذ أسابيع حيث تقع المدينة على أرض مرتفعة استراتيجية وهي أساسية للدفاع عن الجزء الذي تسيطر عليه أوكرانيا من دونباس.
وقال ميخايلو ساموس، نائب مدير المركز الأوكراني لدراسات الجيش والتحويل ونزع السلاح، وهي منظمة أبحاث عسكرية في كييف، إن الوضع "استقر حتى الآن"، حيث تمكنت القوات الأوكرانية من إبطاء التقدم الروسي.
لكن ساموس وباروينن قالا إن روسيا لم ترسل بعد أعداداً كبيرة من القوات إلى الهجوم – ربما تنشر بضعة آلاف فقط من الجنود – وإن الكثير سيعتمد على الخطوة التالية لموسكو.