كشفت مصادر فلسطينية مطلعة، السبت 4 مايو/أيار 2024، تفاصيل عن "ورقة السداسية العربية" التي تتضمن مقترحاً من دول عربية بتمكين السلطة الفلسطينية في غزة، لحكمها في مرحلة ما بعد الحرب، وغضب رئيس السلطة محمود عباس من وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بسبب رفضه إياها.
اللجنة السداسية العربية، مكوّنة من مصر والسعودية والأردن وقطر والإمارات، والسلطة الفلسطينية، التي تتباحث تطورات الحرب في غزة وتداعياتها، وكانت قد قدمت "ورقة عربية" لبلينكن، في 20 مارس/آذار 2024، تتكون من مقترحات متعلقة بالحرب على غزة وملف المساعدات، ومرحلة ما بعد الحرب، إلا أنه رفضها.
غضب عباس من بلينكن
قيادي في السلطة الفلسطينية، قال لـ"عربي بوست"، عن غضب عباس من بلينكن، إن "الرئيس غضب بسبب موقف وزير الخارجية من الورقة العربية، وعبر عن إحباطه، وقام عباس بتسليم اللجنة السداسية العربية رداً مكتوباً على الرفض الأمريكي لمقترح تمكين السلطة الفلسطينية في غزة لحكمها في مرحلة ما بعد الحرب".
أوضح أيضاً، أن "عباس استعرض رده على بلينكن خلال اجتماع مشترك في الرياض مع دول السداسية العربية، قبل أيام، إلا أن ورقته لم تحظَ بتبنٍّ من اللجنة العربية".
وأفاد القيادي المقرب من عباس بأن "اللجنة السداسية رفضت تبني رد السلطة المكتوب؛ وطلبت من عباس عدم تسليم الرد لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الذي جاء إلى الرياض في 29 أبريل/نيسان 2024، خشية التسبب باشتباك سياسي مع الولايات المتحدة، في مرحلة تعدها الأطراف العربية بالغة التعقيد على المنطقة".
جاء رد السلطة المكتوب في ظل غضب عباس من بلينكن وموقف قيادات أخرى في رام الله مستاء من موقف واشنطن السلبي تجاه الورقة العربية.
وكشفت المصادر في السلطة الفلسطينية لـ"عربي بوست"، أن الورقة العربية تضمنت 3 نقاط رئيسية، هي:
– أولاً: وقف الحرب على غزة، وإدخال المساعدات بكميات كبيرة وشاملة.
– ثانياً: تمكين السلطة الفلسطينية من إدارة الأمور في غزة وانسحاب الجيش الإسرائيلي الكامل من القطاع.
– ثالثاً: إطلاق مسار سياسي يقود إلى إقامة الدولة الفلسطينية.
بحسب المصدر القيادي في السلطة، فإن رد إدارة بايدن السلبي على الورقة العربية تم قبل نحو أسبوع من وصول وزير الخارجية الأمريكي إلى الرياض، على هامش منتدى "دافوس" الاقتصادي.
حاولت حينها اللجنة العربية "السداسية" إقناع بلينكن بالورقة العربية مجدداً، عند لقائها إياه في العاصمة السعودية قبل أيام، مؤكدة له أنها "السبيل الوحيد لحل القضية الفلسطينية، وتحقيق الهدوء في المنطقة".
بالنسبة لبلينكن، فإنه بحسب المصدر، "يفضل دعم خيار تولي قوات عربية زمام الأمور في غزة بعد الحرب لمدة 5 سنوات، على أن تكون مرجعيتها لجنة إقليمية دولية، عوضاً عن سيناريو تمكين السلطة، إلى حين نضوج الوضع لترتيبات لاحقة، وهو أمر يرفضه عباس".
كشف كذلك عن أن "ورقة السلطة المكتوبة التي كان يريد عباس تقديمها إلى بلينكن، تضمنت ردوداً تفصيلية على كل نقطة جاءت في الرفض الأمريكي، سواء بخصوص الاعتراف المسبق بالدولة الفلسطينية، أم إقامتها بموجب مسار سياسي، ومروراً بغزة، واليوم التالي للحرب، إضافة إلى الضمانات الأمنية، ومفهوم السلطة للإصلاح الذي تصر عليه واشنطن".
إلا أن بلينكن رفض الورقة العربية، والمقترح بتمكين السلطة الفلسطينية في غزة لحكمها لاحقاً.
بشأن ما قاله عباس لبلينكن في الرياض، قال المصدر ذاته، إن "عباس لم يخض نقاشاً معمقاً مع بلينكن، لكون المباحثات كانت في سياق الاجتماع تحت مظلة اللجنة السداسية العربية، التي يمثل فيها الطرف الفلسطيني أمين سر منظمة التحرير حسين الشيخ".
أسباب الرفض الأمريكي
عن أسباب الرفض الأمريكي، قال القيادي الفلسطيني، إن "إدارة بايدن بررت رفضها دعم تمكين السلطة من حكم غزة، بأن خطوات إصلاح السلطة تسير ببطء شديد، وأنها ليست كفيلة لصياغة سلطة متجددة".
كشف أيضاً عن أن واشنطن أوردت في ردها على الورقة العربية، أن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "لا تريد السلطة ولا حماس"، وأن تل أبيب لا تثق بالسلطة الفلسطينية.
ربط القيادي في السلطة بين هذه الأسباب الأمريكية، وتعهد عباس خلال مؤتمر الرياض بحضور زعماء عرب ووزراء خارجية أمريكا وأوروبا، بـ"أمن إسرائيل"، موضحاً أنه "جاء في سياق تعليق ضمني من عباس على موقف واشنطن المتناغم مع حكومة نتنياهو برفض إدارة السلطة لغزة، ليرمي الكرة بملعبها".
وأضاف أن "الرئيس أبو مازن حاول إظهار الأمر كجزء من التزامات متوازية ومتقابلة ضمن حل سياسي، وليس في سياق وظيفة للسلطة تريدها أمريكا وإسرائيل"، على حد قوله.
تمسك السلطة بدور لها في غزة
مصادر سياسية من السلطة الفلسطينية، أكدت لـ"عربي بوست"، "مخاوف السلطة من تداعيات على وجودها، وشكلها، ووظيفتها، بفعل العدوان الإسرائيلي على غزة، في ظل تطورات دراماتيكية للأحداث في المنطقة".
تطرقت المصادر إلى تهديد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بتقويض السلطة الفلسطينية في حال أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال ضده وضد مسؤولين إسرائيليين آخرين.
أوضحت أن نتنياهو أجاب على سؤال عن مقصده من تقويض السلطة، بأنه سيجفف مصادر المال عنها، أي سيقطع أموال الضرائب الفلسطينية بشكل كامل.
وقالت المصادر إن السلطة تستلم شهرياً منذ سنوات، نحو 20% من أموال المقاصة، وهي أموال فلسطينية تجبيها إسرائيل بحكم سيطرتها على المعابر والحدود، وذلك بعد أن اقتطعت الحكومة الإسرائيلية النسبة الكبيرة من الأموال؛ بحجة أنها أموال تدفعها السلطة لأهالي الشهداء والأسرى.
وأكدت أن السلطة تواجه أزمة مالية غير مسبوقة، بفعل ضغوط مالية من دول عربية وعالمية، واقتطاع الاحتلال الإسرائيلي أموال المقاصة.
تفاصيل أخرى عن الورقة العربية
من جهتها، أوردت "القناة 12" العبرية، أن بلينكن قال لوزراء خارجية اللجنة السداسية العربية، إن "هذه أفكار غير واقعية"، عن الورقة التي قدموها إليه، مقدماً تعليقات مكتوبة ترفض الخطة بأكملها.
وأوردت أن الورقة العربية كتبت على 3 صفحات، متضمنة ما لا يقل عن 14 نقطة، متعلقة بقطاع غزة، والتقدم نحو إقامة الدولة الفلسطينية.
وقالت إن من بين النقاط:
– الاعتراف الفوري بالدولة الفلسطينية، وقبولها في الأمم المتحدة.
– توفير الحماية الكاملة لوكالة "الأونروا"، باعتبارها المزود الرئيسي للمساعدات الإنسانية لغزة.
– انسحاب كامل لقوات الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة خلال 21 يوماً من لحظة إعلان وقف إطلاق النار.
– نقل الحكم في غزة بشكل كامل إلى السلطة الفلسطينية، ودخول قواتها بمساعدة دولية إلى كافة أنحاء القطاع.
– مساعدة دولية واسعة النطاق لبناء الآليات الأمنية للسلطة الفلسطينية من أجل نشر قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، ليس فقط في قطاع غزة، بل أيضاً في الضفة الغربية وشرق مدينة القدس، على أساس قرار يتخذه مجلس الأمن.
– تنفيذ الاتفاقيات السابقة بين "إسرائيل" والفلسطينيين، بما فيها تلك الموقعة في العقبة وشرم الشيخ.
– فتح باب المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، من أجل إطلاق سراح جميع الأسرى من السجون الإسرائيلية، واستكمال الإجراءات القضائية خلال 180 يوماً.
– نقل سلطة إدارة المعابر الحدودية مع مصر والأردن إلى السلطة الفلسطينية تحت إشراف دولي، بما في ذلك حق استرداد الأصول وأموال المقاصة.
– عقد مؤتمر دولي لتقديم الدعم المالي الموسع للسلطة الفلسطينية.
– بناء خطة أمنية إقليمية بمشاركة الولايات المتحدة والدول العربية للحفاظ على أمن إسرائيل والدولة الفلسطينية.
يشار إلى أن بلينكن يقوم بجولة في المنطقة، متعلقة بالحرب في غزة، في وقت يهدد فيه الاحتلال الإسرائيلي باجتياح مدينة رفح، في حين أبلغ وزير الخارجية الأمريكي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بأن واشنطن تعارض "حالياً" أي عملية عسكرية إسرائيلية "واسعة" هناك، وفق هيئة البث الإسرائيلية الرسمية "كان".
يذكر أن العدوان الإسرائيلي المستمر منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، خلّف أكثر من 34 ألف شهيد فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، ومئات آلاف الجرحى، ونحو 10 آلاف مفقود، وسط مجاعة ودمار شامل، وفق بيانات فلسطينية وأممية.
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة للمعلومات التي تأكدنا من مصداقيتها من خلال مصدرين موثوقين على الأقل. يرجى تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو سلامتها.