اقتحمت الشرطة في العاصمة الفرنسية باريس جامعة "سيونس بو" الفرنسية المرموقة، الجمعة 3 مايو/أيار 2024، وأخرجت بالقوة الناشطين الطلابيين الذين اعتصموا داخل مبانيها احتجاجاً على جرائم إسرائيل في غزة.
وأظهرت مجموعة من المقاطع المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي قيام الشرطة الفرنسية باقتحام المباني وإخراج العديد من المتظاهرين الذين بلغ عددهم 70 شخصاً بالداخل.
وأصبحت "ساينس بو" مركزاً لاحتجاجات الطلاب الفرنسيين بشأن الحرب والعلاقات الأكاديمية مع إسرائيل، والتي انتشرت في جميع أنحاء فرنسا، بعد أن حذت حذو عدد من الجامعات الأمريكية.
وفق وكالة "رويترز" فقد أغلقت الجامعة أبوابها الجمعة، وسط تواجد مكثف للشرطة حول المبنى الرئيسي.
ونقلت الوكالة تصريحات من "جاك"، وهو طالب في جامعة "سيونس بو" رفض الكشف عن لقبه، إنه كان واحداً من حوالي 70 طالباً أمضوا ليلة الخميس في أحد المباني الرئيسية بالجامعة في وسط باريس.
وقال إن المحتجين رفضوا إنذاراً أطلقه مسؤولو الجامعة لإخلاء أجزاء كبيرة من المبنى وتقييد حركتهم في منطقة أصغر.
من جهته، قال متحدث باسم معهد العلوم السياسية، قبل تدخل الشرطة، إن الجامعة تسعى إلى "حل تفاوضي لإنهاء المواجهة" مع طلابها، وإن بعض فروعها الجامعية في ريمس ولوهافر وبواتييه تأثرت أيضاً بالاحتجاجات.
وأظهرت صور بثتها قنوات إخبارية فرنسية أن طلاباً محتجين أغلقوا أيضاً جامعة ساينس بو ليون، وهي جامعة غير تابعة لها في ثالث أكبر مدينة في فرنسا، الجمعة، وكذلك مدرسة ليل للصحافة.
فيما رفض مدير معهد العلوم السياسية جان باسيريس، الخميس 2 مايو/أيار 2024، مطالب المتظاهرين بمراجعة علاقاته مع الجامعات الإسرائيلية، مما دفع المتظاهرين إلى مواصلة حركتهم مع دخول شخص واحد على الأقل في إضراب عن الطعام، وفقاً لطالب يتحدث نيابةً عن المتظاهرين.
نحو ألفي معتقل
في سياق مرتبط بالحراك الطلابي عبر العالم، بلغ عدد الأشخاص الذين أوقفتهم السلطات الأمريكية خلال المظاهرات الداعمة لفلسطين في الجامعات نحو ألفي شخص، بينهم طلاب وأساتذة جامعيون.
بحسب معلومات حصلت عليها وكالة أسوشيتد برس من مصادرها الخاصة، فقد تم توقيف ما لا يقل عن ألفي متظاهر خلال أسبوعين، بينهم العديد من المحاضرين والأساتذة.
ومنذ 18 أبريل/نيسان تشهد عشرات الجامعات ومنها مؤسسات التعليم العالي المرموقة بالولايات المتحدة الأمريكية، احتجاجات ضد الحرب الإسرائيلية على المدنيين في قطاع غزة.
هذا، وأصبحت الجامعات بولاية كاليفورنيا من مناطق الاحتجاج الأكثر نشاطاً خلال اليوم الأخير، حيث تم تفريق مخيمات التضامن مع غزة التي أقيمت في حرم الجامعات في جميع أنحاء البلاد بضغط إدارات الجامعات والتدخل العنيف من الشرطة.
تصعيد مستمر
في جامعة كاليفورنيا حصلت "مشاهد فوضوية" عندما تدخلت وحدات الشرطة الخاصة ضد الطلاب، فيما أعلنت شرطة الولاية اعتقال ما لا يقل عن 200 شخص في مداهمة الشرطة للجامعة في لوس أنجلوس، واحتجازهم في سجن المقاطعة.
بينما كانت الشرطة تحاول تفكيك خيام التضامن مع غزة، سأل طلاب جامعة كاليفورنيا قوات الأمن، وهم يستذكرون الهجوم الذي شنته عليهم مجموعة مؤيدة لإسرائيل: "أين كنتم الليلة الماضية؟".
وسأل الطلاب الشرطة عن سبب عدم حمايتهم من المؤيدين لإسرائيل الذين هاجموهم بأدوات حادة وعن سبب عدم اعتقال المهاجمين.
وتصاعد التوتر في جامعة كاليفورنيا الليلة الماضية عندما هاجمت مجموعة ملثمة مؤيدة لإسرائيل منطقة الخيام في الحرم الجامعي، واستغرق الأمر ساعات حتى تدخلت الشرطة في الحادث.
كما تم فض مخيمات الاعتصام والاحتجاج واحتجاز الطلاب في جامعات نيو هامبشاير، وشمال أريزونا، وتولين.
وفي نيويورك رائدة مخيمات التضامن مع غزة، تم تفريق الناشطين بسبب تدخل الشرطة العنيف ضد الاحتجاجات التي شهدتها جامعات سيتي كوليدج، وستوني بروك، وبافلو، وفوردهام، بعد حراك جامعة كولومبيا.
وقالت ريبيكا الحسيني، المديرة التنفيذية لمجلس العلاقات العامة الإسلامية، في مؤتمر صحفي: "المجتمع بحاجة إلى أن يشعر بأن الشرطة تحميه، ولا تسمح للآخرين بإيذائه".
وفي بيان صحفي تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، أدان فرع جامعة كولومبيا لرابطة أساتذة الجامعات الأمريكية، إدارة الجامعة لمطالبتها قسم شرطة نيويورك بالتدخل لتفريق الطلاب المناصرين لفلسطين داخل الحرم الجامعي.
وفي 18 أبريل/نيسان بدأ طلاب رافضون للحرب الإسرائيلية على غزة اعتصاماً بحرم جامعة كولومبيا في نيويورك، مطالبين إدارتها بوقف تعاونها الأكاديمي مع الجامعات الإسرائيلية وسحب استثماراتها في شركات تدعم احتلال الأراضي الفلسطينية.
ومع تدخل قوات الشرطة واعتقال عشرات الطلاب، توسعت حالة الغضب لتمتد المظاهرات إلى عشرات الجامعات في الولايات المتحدة، منها جامعات رائدة مثل هارفارد، وجورج واشنطن، ونيويورك، وييل، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ونورث كارولينا.
ولاحقاً، اتسع الحراك الطلابي غير المسبوق بالولايات المتحدة، إلى جامعات بدول مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا وكندا والهند، وشهدت جميعها مظاهرات داعمة لنظيراتها بالجامعات الأمريكية ومطالبات بوقف الحرب على غزة ومقاطعة الشركات التي تزود إسرائيل بالأسلحة.