تحدّث طبيب بريطاني فلسطيني، عن فوارق صادمة ما بين رحلته الأولى والثانية إلى قطاع غزة خلال الحرب، مشيراً إلى أنه ذهل كثيراً من فقدان زملائه لوزنهم، والتدهور الملحوظ في القطاع، والذي اختلف عما رآه في رحلته الأولى، بحسب تقرير نشره موقع "ميدل إيست آي"، الثلاثاء 23 أبريل/نيسان 2024.
الطبيب البريطاني الفلسطيني خالد دوّاس، ذهب في مهمة طبية إلى مستشفى الأقصى في يناير/كانون الثاني 2024، وعاد في رحلة ثانية بعد 3 أشهر.
على الرغم من أن التوقيت الزمني بين الرحلتين كان بضعة أشهر فقط، إلا أن الفارق كان صارخاً، ولدى عودته، صدم من فقدان زملائه للوزن بشكل كبير.
وقال لـ"موقع ميدل إيست آي"، إنه عندما رآهم مباشرة سألهم: "ماذا حدث لكم؟"، مضيفاً: "لقد اختلفوا عن السابق، وفقدوا جميعاً الوزن، وأنا أتحدث هنا عما بين 5 إلى 20 كيلوغراماً".
وأضاف: "إنهم يعملون مثل الروبوتات، حاولنا أن نخبرهم أننا كنا هناك لمنحهم فترة راحة.. لكن الجلوس في المنزل أسوأ بالنسبة لهم، لأنهم يفكرون: ماذا سأفعل؟ أجلس في المنزل وأنتظر فقط أن يحدث لي شيء ما؟".
طبيب بريطاني فلسطيني يروي التغيرات التي رآها
كما روى الطبيب البريطاني الفلسطيني دواس، عما آلت إليه الأوضاع في قطاع غزة عندما عاد إليه مجدداً، قائلاً: "كان التحول الرئيسي الآخر هو الكثافة السكانية الهائلة"، حيث أصبح الطريق المؤدي إلى المستشفى، والذي كان في السابق طريقاً ريفياً، مكتظاً الآن بالخيام، حيث يتزايد نزوح الفلسطينيين بسبب القصف الإسرائيلي المستمر لقطاع غزة.
ولفت إلى أن مستشفى شهداء الأقصى وسط قطاع غزة، كان أيضاً مكتظاً بالناس، حيث يشغلون ساحاته، قائلاً: "في الواقع لم تعد هناك مساحة متبقية، كما الأمر في رحلتي الأولى في يناير/كانون الثاني، في كافة الممرات يوجد أشخاص، وكانت عائلاتهم ترقد على الأرض بين الأسرة".
كان دواس يعالج المصابين بالشظايا في البطن والصدر، ويتعامل مع حوالي 4 إلى 5 حالات يومياً، وقال للموقع البريطاني: "إن إصاباتهم معقدة للغاية، والعديد منهم يعانون من إصابات متعددة في أعضاء جسدهم، وكسور وبتر أطراف، وإصابات في البطن، وإصابات في الصدر".
وعندما تعرض مخيم النصيرات للاجئين لقصف شديد من الجيش الإسرائيلي في الفترة ما بين 11 و13 أبريل/نيسان 2024، امتلأ المستشفى بالحالات، معظمها من الأطفال، وكان دواس يجري عمليات جراحية لـ20 إلى 30 مريضاً يومياً، بعضهم في وقت واحد.
كما أشار الطبيب البريطاني الفلسطيني، إلى أنه أجرى عمليات لعدة حالات بنفس الوقت، ووجد نفسه يعالج مرضى السرطان في مراحله المتقدمة.
وقال: "لقد تعاملت مع رجل يبلغ من العمر 45 عاماً توفي بالفعل بعد أيام قليلة من وصولي، ورأيت شاباً في الثلاثينيات من عمره مصاباً بسرطان الكبد، وهو أمر نادر جداً، وكان هناك آخرون مصابون بسرطان البنكرياس، وآخر مصاب بسرطان القولون الذي انتشر في كل مكان، لذا فقد فات الأوان لفعل أي شيء".
وتابع قائلاً: "ربما كنت قد رأيت مريضاً بالسرطان في يناير/كانون الثاني الماضي، ولكن حالياً لا شيء يشبه الذي كنا نراه سابقاً".
كان دواس يعلم أنه سيأتي ليتعامل مع الحد الأدنى من المعدات الطبية، ولكن خلال زيارته الثانية، كان هناك المزيد من الأدوات الطبية المتاحة، ومع ذلك، كانت هذه في الغالب أجهزة "ذات استخدام واحد" واضطر إلى استخدامها "عشرات المرات".
في رحلته السابقة، تعلم أن يكون واسع الحيلة من خلال مراقبة زملائه الذين تكيفوا مع استخدام الأدوات المتفرقة التي كانت في متناول أيديهم.
كما أشار إلى أن مستوى النظافة كان في تدهور ملحوظ، حيث انتشرت رائحة مياه الصرف الصحي في المستشفى.
خلال زيارته الأولى، أصاب صاروخ مبنى مجاوراً للمستشفى، ما أدى إلى إحداث حفرة في الأرض أدت إلى تدفق مياه الصرف الصحي إلى الشارع، وعندما عاد كانت مياه الصرف الصحي قد شكلت بحيرة.
وقال: "كل شيء في غزة كان ملوثاً، والجميع أصيب بالعدوى، ورائحة القيح كانت في كل مكان".
كما شهد دواس حالات لأطفال يعانون من ظهور صديد في الرئتين نتيجة التهابات في الصدر، وقال: "هذه حالات نادرة للغاية، وعليك أن تتساءل عما إذا كان مصابون بمرض السل، ولكن لا توجد طريقة للاختبار لأنه لا توجد هناك المختبرات اللازمة للقيام بذلك".
ووفقاً لتقرير صادر عن كلية لندن للصحة والطب الاستوائي ومركز جونز هوبكنز للصحة الإنسانية، فحتى مع وقف فوري لإطلاق النار، فإن ما يقرب من 12 ألف شخص قد يموتون بسبب الأمراض في غزة.