تستعد بريطانيا لإطلاق مشروع رائد عالمياً لإنشاء "جيل خالٍ من التدخين"، بعد أن أقر مجلس العموم مشروع قانون، الثلاثاء 16 أبريل/نيسان 2024، ينص على حظر بيع السجائر في بريطانيا لأي شخص ولد في عام 2009 أو بعده، حسب ما جاء في تقرير لصحيفة "Washington Post" الأمريكية.
لسنوات عديدة، اعتمد خبراء الصحة في مجال مكافحة التدخين على الحملات التثقيفية والضرائب المرتفعة للتخلص من هذه العادة. والآن تتجه بريطانيا إلى فرض حظر يمكن أن يعني نهاية التبغ، على الرغم من أن شركات التبغ تسعى جاهدة لمواصلة بيع منتجاتها عبر أنظمة توصيل "أقل ضرراً".
حسب الصحيفة البريطانية، سيسمح للمدخنين الأكبر سناً في بريطانيا بمواصلة شراء التبغ حتى يقلعوا عنه أو يموتوا، لكن تشريع حظر بيع السجائر في بريطانيا، الذي يجب أن يمر ببضع خطوات أخرى قبل أن يصبح قانوناً، من شأنه أن يرفع السن القانونية للشراء كل عام، بحيث يستمر الحظر على الشباب إلى أجل غير مسمى.
التدخين في حد ذاته لن يخضع للغرامات. فقط مبيعات تلك المنتجات، مع فرض غرامات على تجار التجزئة.
حظر بيع السجائر في بريطانيا
سيتم استبعاد منتجات التدخين الإلكتروني من حظر بيع السجائر في بريطانيا، لكن التشريع يسعى إلى جعل التدخين الإلكتروني أقل جاذبية، من خلال تغيير العبوة، وعن طريق حظر أجهزة الاستنشاق الشائعة التي تستخدم لمرة واحدة والتي يمكن العثور عليها متناثرة على أرصفة البلاد.
حسب "التايمز"، قاد رئيس الوزراء ريشي سوناك -الذي لا يشرب الكحول ولا يدخن، والذي يقال إنه يصوم يوماً واحداً في الأسبوع- المعركة، زاعماً أن التدخين يقتل عشرات الآلاف من الناس كل عام، حيث يبدأ معظم المدخنين في سن المراهقة.
لكن في حين تم إقرار تشريع حظر بيع السجائر في بريطانيا الصحي المميز بأغلبية 383 صوتاً مقابل 67، بدعم من المشرعين من حزب العمال، فقد أثار هذا التشريع ثورة داخل حزب المحافظين الذي ينتمي إليه وأثار جدلاً حول ما يجب أن يمثله المحافظون في بريطانيا.
وصف سلف سوناك، ليز تروس، رئيس الوزراء الأقصر خدمة في تاريخ بريطانيا، مشروع القانون بأنه عمل غير مدروس من جانب "دولة مربية".
في مجلس العموم، الثلاثاء، وصفت تروس حظر بيع السجائر في بريطانيا بأنه "رمز لمؤسسة تكنوقراطية في هذا البلد تريد الحد من حرية الناس". ونددت بـ"الشرطة الصحية". وقالت تروس إن فكرة أن الحكومة يجب أن "تحمي البالغين من أنفسهم تمثل مشكلة كبيرة".
كما هو الحال في معظم أنحاء العالم، انخفضت معدلات التدخين في بريطانيا، لكن لا يزال حوالي 1 من كل 8 أشخاص في بريطانيا يدخن، ولا تزال معدلات التدخين بين المراهقين مرتفعة، حيث يدخن أكثر من 12% من المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و17 عاماً في إنجلترا.
استلهام تجربة نيوزيلندا
بينما استلهم تشريع سوناك حظر بيع السجائر في بريطانيا من نيوزيلندا، التي أقرت العام الماضي أقوى قوانين مكافحة التبغ بالعالم، والتي تهدف إلى حظر مبيعات التبغ لأولئك الذين ولدوا بعد الأول من يناير/كانون الثاني 2009، بالإضافة إلى خفض محتوى النيكوتين وخفض عدد تجار التبغ بالتجزئة.
لكن الحكومة الجديدة في نيوزيلندا أعلنت، في فبراير/شباط، أنها ستلغي القواعد للمساعدة في دفع تكاليف التخفيضات الضريبية؛ ولأن الحظر، في تقديرها، يمكن أن يخلق سوقاً سوداء غير قانونية سيكون من الصعب السيطرة عليها.
فيما توقع سوناك حدوث انشقاقات في البرلمان بشأن مشروع قانون حظر بيع السجائر في بريطانيا، وسمح "بالتصويت الحر"، مما يعني أن المشرعين المحافظين يمكنهم التصويت والتعبير عن آرائهم ضد الحكومة دون عقاب.
كانت وزيرة الأعمال كيمي بادينوش، أول عضو في مجلس الوزراء، تقول إنها ستصوّت ضد رئيسها. وقالت إنها اعترضت على النهج "حيث يتمتع الأشخاص الذين يولدون بفارق يوم واحد بحقوق مختلفة بشكل دائم" ويضع عبء التنفيذ على الشركات الخاصة.
كما أشار رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون -الذي شغل نفسه بعمود صحفي والحفلات الخطابية منذ تعرضه للضغوط للخروج من البرلمان- إلى حظر التبغ باعتباره مثالاً رئيسياً على الخطأ في حزب المحافظين الذي يتزعمه في الوقت الحالي.
حيث قال أمام حشد في كندا الأسبوع الماضي: "عندما أنظر إلى بعض الأشياء التي نقوم بها الآن، أو التي يتم القيام بها باسم المحافظة، أعتقد أنها مجنونة تماماً".