حذر قائد في حلف شمال الأطلسي (الناتو) من أنَّ أمن ما يقرب من مليار شخص في جميع أنحاء أوروبا وأمريكا الشمالية يتعرض للتهديد من المحاولات الروسية لاستهداف نقاط الضعف واسعة النطاق في البنية التحتية تحت الماء، بما في ذلك مزارع الرياح وخطوط الأنابيب وكابلات الطاقة، وذلك وفق ما نقلته صحيفة The Guardian البريطانية، الثلاثاء 16 أبريل/نيسان 2024.
تأتي هذه التحذيرات بعد حادثتين، يُشتبَه أنهما تخريب متعمد، على خطوط أنابيب الغاز في بحر البلطيق في الأشهر الثمانية عشر الماضية؛ الأولى على نورد ستريم 1 و2 في سبتمبر/أيلول 2022، والثانية على خط أنابيب بالتيكونكتور في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.
الحرب الهجينة
نائب الأميرال ديدييه ماليتير، نائب قائد القيادة البحرية لحلف شمال الأطلسي (ماركوم)، قال إنَّ شبكة كابلات الإنترنت والكهرباء وأنابيب الغاز تحت الماء التي تعتمد عليها قوة أوروبا واتصالاتها لم تُبن بطريقة تسمح لها بتحمل "الحرب الهجينة" التي تنتهجها موسكو وغيرها من خصوم الناتو.
كما أضاف: "نحن نعلم أنَّ الروس طوّروا الكثير من استراتيجيات الحروب الهجينة تحت البحر لتعطيل الاقتصاد الأوروبي، من خلال كابلات الكهرباء والإنترنت وخطوط الأنابيب. إنَّ اقتصادنا بأكمله تحت البحر يتعرض للتهديد".
ثم تابع: "لكي نكون واضحين للغاية، نحن نعرف ما طوّره الروس فيما يتعلق بالغواصات النووية للعمل تحت البحر؛ لذلك نحن لسنا ساذجين، وتعمل دول الناتو معاً في مواجهة ذلك".
ماليتير، قال أيضاً إنَّ البيئة تغيرت تغيراً كبيراً عمّا كانت عليه عندما بدأ القطاع الخاص لأول مرة يطوّر جزءاً كبيراً من البنية التحتية البحرية الحالية؛ مما جعلها معرضة للخطر للغاية.
وحذر: "الشركات المسؤولة عن هذه البنية لم تعرف أنَّ مثل هذه الحرب الهجينة ستتطور بهذه السرعة. أكثر من 90% من الإنترنت موجود تحت البحر. وجميع روابطنا بين الولايات المتحدة وكندا وأوروبا تنتقل تحت البحر؛ لذلك هناك الكثير من نقاط الضعف".
مخاوف متصاعدة
في السياق نفسه، أشار ماليتير إلى أنَّ قيادة ماركوم صار لديها في الطبيعي "أكثر من 100 سفينة وغواصات نووية وغواصات تقليدية" تجري دوريات في المياه بما في ذلك القطب الشمالي والبحر الأسود والمحيط الأطلسي وبحر البلطيق والبحر المتوسط.
وأوضح: "هذا مصدر قلق مهم جداً لأنها قضية أمنية لنحو مليار مدني من دول الناتو. نحن بحاجة إلى الحماية وتأمين البنية التحتية الحيوية تحت سطح البحر لدينا".
لكن حتى مع هذا الانتشار الكبير، كان من المستحيل على حلف شمال الأطلسي حراسة كل قطعة من البنية التحتية تحت البحر، حيث تقع المسؤولية الأساسية على عاتق الدول لحماية البنية التحتية الخاصة بها.
قبل أن يتابع قائلاً: "نحن نعلم أنَّ هناك الكثير من نقاط الضعف… عندما يكون لدينا منشآت بحرية، فإنَّ المسؤوليات تقع في المقام الأول على عاتق الدول".
وأضاف: "لدينا اهتمام خاص بالروس في الوقت الحالي، لكن من الصعب جداً أن يكون لدينا مراقبة دائمة لكل كابل؛ فهذا غير ممكن. وقد طور الكثير من الدول -النرويج والسويد والدنمارك أيضاً- طائرات مُسيَّرة وأجهزة استشعار ومركبات مُسيَّرة تحت الماء لتتمكن من رصد أي شيء مشبوه أو خطأ بسرعة كبيرة".
يحدث هذا في الوقت الذي تتصاعد فيه المخاوف بشأن الأمن تحت البحر لدرجة دفعت الناتو لإنشاء مركز مُخصَّص لهذه القضية في مقر ماركوم في المملكة المتحدة في نورثوود، على المشارف الشمالية الغربية للندن، إلى جانب مركز الشحن التابع لحلف شمال الأطلسي.
يُشار إلى أن هذا المركز يعتمد على الذكاء الاصطناعي والأقمار الصناعية، ويقول ماليتير: "نحن نستخدم جميع أجهزة الاستشعار لدينا من قاع البحر إلى الفضاء، خاصة قدرات الأقمار الصناعية لحلف شمال الأطلسي، حتى نتمكن من تحديد الأنشطة المشبوهة".