أحدث القصف الإسرائيلي لغزة، خلال الأشهر الستة التالية لعملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر/تشرين الأول، تسوية المباني بالأرض وتدمير الأراضي الزراعية والبنية التحتية الحيوية في القطاع؛ لدرجة أنَّ إعادة بناء اقتصاد القطاع قد تستغرق عقوداً، وفقاً لما نقله موقع Axios الأمريكي عن تقرير صادر عن الأمم المتحدة.
واستهدفت الضربات كل المراكز السكانية بطول القطاع؛ ما أسفر عن مقتل أكثر من 33 ألف شخص ونزوح نحو 85% من سكان القطاع.
تدمير أكثر من 50% من المباني
وأظهر تحليل بيانات أقمار صناعية، أجراه جامون فان دين هويك من جامعة ولاية أوريغون، وكوري شير من مركز الدراسات العليا بجامعة مدينة نيويورك، أن عمليات جيش الاحتلال في الفترة بين 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي و2 أبريل/نيسان الجاري أدت إلى تخريب أو تدمير أكثر من 50% من المباني في قطاع غزة، بما في ذلك أكثر من 70% في المناطق الشمالية.
وبحسب أكسيوس، فقد دمَّرت الغارات الإسرائيلية المدارس والمخابز والمساجد ومواقع التراث الثقافي في غزة. وأصبحت البنية التحتية الطبية موضع تركيز كذلك؛ إذ خلصت تقارير إلى أنَّ إسرائيل استهدفت المستشفيات في غزة بصورة ممنهجة.
واستهدفت الضربات كل المراكز السكانية بطول القطاع؛ ما أسفر عن مقتل أكثر من 33 ألف شخص ونزوح نحو 85% من سكان القطاع.
وحتى قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أدّت سنوات من الحصار والعمليات العسكرية الإسرائيلية في القطاع المكتظ بالسكان إلى ترك الكثيرين في غزة غير قادرين على الحصول على المياه النظيفة أو الكهرباء أو الصرف الصحي.
ويُقدِّر مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية أنَّه إذا ما انتهت الحرب اليوم، فإنَّ إعادة غزة إلى مستويات الناتج المحلي الإجمالي التي كانت عليها في عام 2022 قد يستغرق 70 عاماً.
تدمير قرابة 50% من المحاصيل
فيما خلص تحليل منفصل باستخدام بيانات الأقمار الصناعية للدمار في القطاع الزراعي، أجراه الأستاذ المساعد من جامعة كينت الحكومية في الولايات المتحدة، هي ين، إلى أنَّ العمليات الإسرائيلية دمَّرت قرابة 50% من المحاصيل الشجرية و42% من الصوب الزراعية في غزة.
وصرَّح ين لموقع أكسيوس الأمريكي بأنَّ مستوى الدمار "أكبر بكثير من المناطق الأخرى المتضررة من الحرب التي درستُها، مثل الشيشان وسوريا".
ويُعَد تدمير الأراضي الزراعية ضاراً للغاية؛ لأنَّ الزراعة حيوية بالنسبة للاقتصاد المحلي، كما أنَّ المجاعة تخيم على غزة.
إلى ذلك، يقول ناصر قدوس، كبير المديرين في برنامج الزراعة وسبل العيش بمنظمة "أنيرا" الإغاثية، إنَّه جرى تدمير الكثير من بساتين الزيتون في شمال غزة أو لم يتم حصادها في أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني الماضيين حين غزا الإسرائيليون المنطقة.
وأضاف أن أسعار الخضروات المزروعة في الصوب الزراعية ارتفعت بصورة سريعة أيضاً، مشيراً إلى أنَّ "هناك بعض الصوب الزراعية التي لا تزال موجودة، لكنَّ المزارعين غير قادرين على الوصول إلى تلك الصوب الزراعية والاعتناء بنباتاتهم. الأمر خطير للغاية".
وتُعَد أشجار الزيتون، وهو محصول زراعي رئيسي في غزة، أيضاً رمزاً ثقافياً مهماً للفلسطينيين.
في السياق، خلص تحقيق أجراه فريق بحث جنائي رقمي بجامعة لندن إلى أنَّ إسرائيل "استهدفت بصورة ممنهجة" الأراضي والبنية التحتية الزراعية خلال الحصار.
من جانبه، صرَّح الجيش الإسرائيلي لموقع Axios الأمريكي بأنَّه يتّبع القانون الدولي ويتخذ الاحتياطات الممكنة لتخفيف الضرر عن المدنيين وتقليص التأثير أو الضرر على المناطق والبيئة الزراعية. ويقول "إنَّ حماس كثيراً ما تعمل انطلاقاً من البساتين والحقول والأراضي الزراعية" حسب قوله.