بعد إخلاء سفارات لها حول العالم.. إسرائيل تلجأ لإجراءات دفاعية جديدة، ترقباً لرد إيراني محتمل ضدها 

عربي بوست
تم النشر: 2024/04/05 الساعة 07:04 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/04/05 الساعة 07:04 بتوقيت غرينتش
رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو - رويترز

في ترقب للرد الإيراني المحتمل، باشرت إسرائيل تعزيز جاهزيتها الدفاعية عبر تعليق منح تراخيص المغادرة للجنود والتشويش على إشارات نظام تحديد المواقع واستدعاء جنود احتياطيين إضافيين. يأتي هذا في ظل حالة الغليان والصدمة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط بعد قصف قنصلية طهران في دمشق ومع اقتراب الحرب مع حماس في غزة من دخول شهرها السابع وذلك وفق ما قالت وكالة "فرانس برس" في تقريرها يوم الجمعة 5 أبريل/نيسان 2024.

قصف قنصلية طهران في دمشق

حيث قال جيش الاحتلال الإسرائيلي إنه يعمل على تعزيز إجراءاته الدفاعية، في ظل حالة الغليان التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط إثر الهجوم على القنصلية الإيرانية في دمشق الإثنين، والذي أودى بحياة سبعة من أفراد الحرس الثوري.

وكان ضمن قتلى الهجوم سبعة عناصر في الحرس الثوري، بينهم عميدان. ووفق المرصد السوري لحقوق الإنسان قتل خمسة مقاتلين سوريين وآخر من حزب الله.

وبعد إعلان تعليق منح تراخيص مغادرة للوحدات القتالية مؤقتاً وحجب إشارات نظام تحديد المواقع (جي بي إس) في بعض المناطق وتعزيز التأهب، توعّد نتانياهو بإلحاق الأذى بمن يؤذي بلاده.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي: "منذ سنوات تعمل إيران ضدنا، سواء بشكل مباشر أو عبر وكلائها، لذا فإن إسرائيل تعمل ضد إيران ووكلائها دفاعياً وهجومياً". مضيفاً: "نعرف كيف ندافع عن أنفسنا وسنعمل وفقاً لمبدأ بسيط مفاده من يؤذينا أو يخطط لإيذائنا، سنؤذيه".

كما أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه "تقرر تأجيل الأذونات الممنوحة للوحدات القتالية مؤقتاً"، مشيراً إلى أن القوات الإسرائيلية "في حالة حرب وتتم مراجعة مسألة نشر الجنود باستمرار وفقاً للاحتياجات". وقال أيضاً إنه يدعو إلى إرسال جنود احتياطيين إضافيين لوحداته الجوية والاستخبارات والدفاع المدني.

وأكد المتحدث باسمه دانيال هاغاري التشويش على إشارات نظام تحديد المواقع، في خطوة دفاعية بمواجهة أسلحة معينة مثل الصواريخ والطائرات المسيّرة. وأضاف: "قمنا بتعزيز تأهب وحداتنا القتالية حيث تدعو الحاجة.. عززنا الأنظمة الدفاعية ولدينا طائرات جاهزة للدفاع وجاهزة للهجوم في سيناريوهات مختلفة".

وآثرت تل أبيب عدم التعليق على هجوم دمشق، لكن محللين اعتبروا الضربة تصعيداً إسرائيلياً في حملة ضد وكلاء إيران الإقليميين، ما ينطوي على مخاطر اندلاع حرب أوسع نطاقاً.

تصعيد كبير في الشرق الأوسط 

في سياق متصل، يرى محللون أن هذه الضربة تشكل تصعيداً خطيراً في الحملة الإسرائيلية الأوسع نطاقاً لتقويض النفوذ الذي اكتسبته إيران في سوريا على مدى العقد الماضي. وتسببت الطريقة التي وقع بها الهجوم في موجات صدمة هزت المنطقة المضطربة بسبب الحرب الإسرائيلية في غزة.

في هذا السياق، قال غريغوري برو المحلل في مجموعة يوراسيا: "من وجهة نظري الأمر غير مسبوق". وأضاف أنه لا يتذكر قيام أي دولة باستهداف مباشر للوجود الدبلوماسي لدولة أخرى بتلك الطريقة. وتابع: "اعتقد ضباط الحرس الثوري، على الأرجح، أنهم في مأمن طالما بقوا في المجمع الدبلوماسي.. لا أتخيل أن أي ضابط في الحرس الثوري يشعر بالأمان حالياً".

اغتيال قائد عسكري إيراني في دمشق.. ما هي تداعيات مقتل محمد رضا زاهدي على إيران؟
جانب من الدمار الذي خلفه الهجوم الإسرائيلي على مجمع دبلوماسي في دمشق/ رويترز

ومع تعهد الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي بالثأر، تنطوي تبعات الهجوم على مخاطر زيادة تصعيد الصراع الذي يتمدد بالفعل في الشرق الأوسط منذ اندلاع حرب غزة. وجاء في منشور خامنئي بالعبرية: "بعون الله سنجعل الصهاينة يندمون على جريمتهم العدوانية على القنصلية الإيرانية في دمشق".

وقال مسؤول إيراني بارز إن الجمهورية الإسلامية مضطرة لاتخاذ رد فعل جدي لردع إسرائيل عن تكرار مثل تلك الهجمات أو التصعيد. لكنه أضاف أن مستوى الرد سيكون محدوداً ويهدف للردع دون أن يدلي بمزيد من التفاصيل. وأحجم مكتب العلاقات العامة للحرس الثوري الإيراني عن التعليق. وقال مصدر أمني إيراني آخر إن بلاده ستعدّل أساليبها في ضوء الهجوم.

ولحظ مصدر إقليمي مقرب من طهران أنه لم يعد هناك أي مكان آمن في سوريا بعد تعدي إسرائيل على الأعراف الدبلوماسية.

في حين اعتبرت صنم وكيل نائبة رئيس برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد "تشاتام هاوس" أن الهجوم هو الأحدث الذي يظهر الطبيعة الدقيقة لمعلومات المخابرات الإسرائيلية في سوريا والمنطقة على نطاق أوسع. وأشارت إلى غارة إسرائيلية أدت في الثاني من يناير/كانون الثاني إلى مقتل قيادي كبير في حماس بلبنان، معقل جماعة حزب الله. والجماعتان جزء من "محور المقاومة" الإقليمي المرتبط بإيران.

وأضافت صنم: "لقد شهدنا عمليات قتل على مستوى عالٍ جداً لمسؤولين يضطلعون بمسؤوليات إدارية"، مضيفة أن الهجوم الأخير الذي استهدف زاهدي "يتعلق بهدف إسرائيل الأوسع المتمثل في محاولة إضعاف القدرات العملياتية لمحور المقاومة على مدى الأشهر الستة الماضية".

من جهته، وصف قاسم محب علي، المدير العام السابق لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية الإيرانية الهجوم، بأنه نقطة تحول في هجمات إسرائيل على الحضور الإيراني بسوريا. وقال إن إسرائيل "توخت الحذر فيما سبق أن عزفت عن استهداف مسؤولين إيرانيين ومواقع دبلوماسية إيرانية". 

وخلص محب إلى أن "الحرب المباشرة مع إسرائيل ليست في مصلحة إيران بأي شكل من الأشكال". وتابع: "دخول تلك الساحة لن ينتهي فقط بخوض حرب مع إسرائيل، قد يتصاعد الصراع وقد يشترك لاعبون آخرون مثل الولايات المتحدة".

إخلاء سفارات إسرائيل حول العالم

كانت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، قد سبق أن ذكرت يوم الخميس 4 أبريل/نيسان 2024، أن الاحتلال قرر إخلاء سفارات له حول العالم؛ خشية رد إيراني محتمل، على خلفية اغتيال مسؤول عسكري إيراني بارز في غارة على سوريا.

من جهتها، قالت القناة 11 الإسرائيلية، إن ممثليات إسرائيل في العالم رفعت درجة التأهب إلى الدرجة القصوى والدبلوماسيين انتقلوا إلى أماكن بديلة، كما أعلن الاستنفار في كل الوزارات والمنظومة الأمنية.

وكانت قناة "كان"، التابعة لهيئة البث، قد أوردت الإثنين 1 أبريل/نيسان 2024، أن "هناك حالة من التأهب بالفعل في سفارات إسرائيل منذ اندلاع الحرب على غزة (7 أكتوبر/تشرين الأول)، لكن بعد اغتيال المسؤول الإيراني بدمشق (محمد رضا زاهدي) سيتم رفع حالة التأهب في تلك السفارات".

بعضهم ممنوع من مغادرة منازلهم 

في السياق، ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، أنه "في سياق اغتيال مسؤولين إيرانيين كبار في دمشق، قررت الشعبة الأمنية في وزارة الخارجية، بالتنسيق مع الشاباك، الإغلاق المؤقت لعدد من البعثات الإسرائيلية حول العالم، بسبب تنبيهات أمنية، والخوف من انتقام إيران، كما صدرت تعليمات للمبعوثين بعدم الذهاب إلى البعثات وبقيت مغلقة".

رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو - رويترزرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو – رويترز

وأضافت الصحيفة أن "مستوى اليقظة في السفارات الإسرائيلية في الخارج كان مرتفعاً بالفعل بعد الحرب، وقد قامت وزارة الخارجية بإخلاء 7 سفارات منذ بدء الحرب (في مصر والأردن والبحرين والمغرب وأنقرة وإسطنبول في تركيا، وكذلك في تركمانستان) – ولكن بعد ذلك، وبعد الاغتيال المنسوب لإسرائيل في دمشق، تم إعلان حالة التأهب القصوى في جميع سفارات العالم".

وأكدت الصحيفة أن "الدبلوماسيين الإسرائيليين في الخارج يشعرون الآن بالقلق الشديد، ويخشون استهدافهم للانتقام من قِبل النظام الإيراني".

"إنه أمر مخيف فعلاً"

كما نقلت الصحيفة تصريحاً منسوباً لمسؤول دبلوماسي في دولة الاحتلال قال فيها: "يجب أن نتذكر أن أطفالنا يذهبون إلى المدارس الدولية إلى جانب الأطفال الذين يكون آباؤهم من دول إسلامية، مما يضيف مستوى آخر من التعقيد".

كذلك، كشفت الصحيفة أنه في بعض البلدان، كانت التوجيهات صارمة للغاية، لدرجة أنه تم منع الموظفين من مغادرة المنزل، حتى الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية في المبنى أو متجر قريب. 

كذلك، نقلت الصحيفة تصريحاً لدبلوماسي إسرائيلي آخر يعمل في الخارج، قال فيه: "إنه أمر مخيف حقاً. لا نعرف إلى أين نتجه. ليس هناك شك في أننا مكشوفون"، وأضاف: "كل خطوة وحركة نقوم بها تتطلب موافقة مسبقة، وهناك مناطق حتى في وسط المدينة يمنعنا دخولها خوفاً من مواجهة متظاهرين أو عناصر معادية".

علامات:
تحميل المزيد