بالتزامن مع الانتخابات المرتقبة في الهند، والتي ستجرى في الفترة ما بين 19 أبريل/نيسان حتى الأول من يونيو/حزيران المقبلين، رفع عدد من الهندوس المتطرفين دعاوى قضائية تطالب بهدم مساجد بُنيت قبل مئات السنين، في خطوة قد تثير تصعيداً جديداً مشابهاً لما حدث مع مسجد بابري في شمال البلاد.
يأتي هذا في وقت يشن فيه حزب "بهاراتيا جاناتا" القومي الهندوسي، الذي يتزعمه مودي، حملات منذ عقود لتوسيع بناء المعابد في الهند.
حملة ضد المساجد في الهند
صحيفة فايننشيال تايمز البريطانية قالت إن المتطرفين الهندوس دعوا إلى هدم مسجد في مدينة ماثورا الشمالية، والتي يقدسها الهندوس باعتبارها مسقط رأس من يصفونه بـ"الإله كريشنا"، وفي مدينة فاراناسي، حيث يقع معبد كاشي فيشواناث، أحد أشهر المعابد الهندوسية المخصصة لمن يصفونه بـ"الإله شيفا"، وكلا المدينتين في ولاية أوتار براديش.
ويقع معبد كاشي فيشواناث على بعد أمتار قليلة من مسجد جيانفابي، الذي بناه السلطان الهندي المسلم أورنجزيب في القرن الـ17 الميلادي.
المحامي الهندي فيشنو شانكار جين، وكيل المتقاضين الهندوس في قضيتي فاراناسي وماثورا، قال للصحيفة البريطانية "إننا نخوض هذه النزاعات من أجل إحياء الثقافة والنهوض بها، إنه نزاع من أجل استعادة تراثنا وماضينا الثقافي المجيد، ومن أجل استرداد حقوق آلهتنا".
فيما يتهم المسلمون الهندوسَ وحكومةَ مودي بالترويج للهندوسية على حساب ديانات أخرى، كما كشفت الصحيفة أن الهندوس دخلوا في وقت سابق، في فبراير/شباط الماضي، سرداباً يشبه المغارة داخل مسجد جيانفابي، في مدينة فاراناسي، وأقاموا الصلاة به لأول مرة منذ 3 عقود.
قصة مسجد بابري
في وقت سابق كشفت السلطات الهندية عن معبد هندوسي جديد في موقع مسجد قديم، وذلك تنفيذاً لوعد انتخابي أعلن عنه رئيس الوزراء ناريندرا مودي منذ عشر سنوات، والذي واجه انتقادات واسعة بسبب صمته على قمع المسلمين في البلاد من قِبل الهندوس، وذلك في خطوة من شأنها أن تحقق مكاسب انتخابية لحزب مودي المتطرف.
نُشرت تفاصيل معبد رام جانمابهومي ماندير في وقت سابق، حيث تُوضح هيكله الفخم الذي يُبنى مكان مسجد بابري، الذي دمرته مجموعة هندوسية يمينية عام 1992.
يقع المعبد في مدينة أيوديا المقدسة، في ولاية أتر برديش، ذات الأهمية الانتخابية، وقال رئيس لجنة بناء المعبد، نريبندرا ميسرا، إنه سيتم تزيين المعبد من الداخل بسبائك ذهبية وأعمال فنية تحتفي بتنوع الهند.
كان المسلمون في الهند قد طالبوا بالأرض التي بُني عليها المعبد، لأن المسجد بني عليها عام 1528، لكن الكثير من الهندوس يعتقدون أن مسجد بابري بني على أنقاض معبد هندوسي، يُزعم أن بابر أول إمبراطور مغولي في جنوب آسيا دمره.
تعد أيوديا، وهي مدينة قديمة يبلغ عدد سكانها حوالي 76 ألف نسمة في ولاية أتر برديش، مزاراً مهماً للحج الهندوسي وتستقبل ملايين الزوار كل عام.
فيما خضعت المدينة مؤخراً لتجديدات كبيرة في البنية التحتية، شملت بناء مطار دولي جديد، من المقرر افتتاحه في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، ورُممت بعض المواقع التاريخية والدينية في المدينة أيضاً، وفقاً لتقارير إعلامية محلية، ويتوقع تجديد الطرق والسكك الحديدية.
من جانبهم، يقول محللون إن رئيس وزراء ولاية أتر برديش، المنتمي لحزب بهاراتيا جاناتا، الراهب الهندوسي المتشدد يوغي أديتياناث، يعتمد على استراتيجية تمزج بين الإصلاح الاقتصادي والاستقطاب الديني لجذب الأصوات.
في الوقت نفسه، نفذ سياسات يقول منتقدوه إنها تحابي الهندوس وتميز ضد الأقليات، وخاصة المسلمين.
يُذكر أنه منذ وصول مودي إلى السلطة، شنَّت جماعاتٌ هندوسية يمينية هجمات على أقليات بدعوى أنها تحاول منع التحول الديني، وأقرت ذلك عدة ولايات هندية، وتعمل أخرى على دراسة قوانين مناهضة لحق حرية الاعتقاد الذي يحميه الدستور.