كشف تحقيق أممي أن أسلحةً أمريكية وبريطانية الصنع قد استُخدِمَت على الأرجح لقصف أطباء بريطانيين عاملين في منظمتين بريطانية وأمريكية داخل غزة في يناير/كانون الثاني، بحسب ما نشر موقع Middle East Eye البريطاني الخميس 14 مارس/آذار 2024.
حيث قالت جمعية العون الطبي للفلسطينيين ولجنة الإنقاذ الدولية إن المسؤولين الإسرائيليين قدموا ست تفسيرات مختلفة، لتبرير سبب قصف المجمع السكني الذي كان يؤوي موظفيهم.
إذ لم يكن ذلك المجمع قريباً من أي بنايةٍ أخرى، وتعرّض للقصف في الساعة السادسة صباحاً تقريباً يوم الـ18 من يناير/كانون الثاني بواسطة مقاتلة إف-16، التي أطلقت "قنبلةً موجهةً تزن 453.5 كغم على الأرجح" بحسب ما كشفه التحقيق.
وقبلها بشهرٍ واحد، كان الجيش الإسرائيلي قد أعطى الملحق العسكري البريطاني تأكيدات على أن هذا الموقع الذي يقع في منطقة المواصي الآمنة جنوبي غزة جرى إعلانه منطقة إنسانية محمية.
وأسفر القصف عن إصابات لا تهدد الحياة للعديد من الموظفين وأحد الحراس الشخصيين، بالإضافة إلى الأضرار الشديدة التي لحقت بالمجمع السكني. كما يُقال إن القصف أجبر كلتا المنظمتين على التوقف عن استقبال الأطباء الأجانب في غزة بالتزامن مع انهيار منظومة الرعاية الصحية.
وقالت المنظمتان: "يتضح من هذه التجربة أن الجيش والحكومة الإسرائيلية ليست لديهما القدرة أو الرغبة في فتح تحقيق ملائم حول هذه الواقعة الخطيرة".
وأعربت المنظمتان كذلك عن رغبتهما في الحصول على "ضمانات ملموسة" بعدم تكرار الهجمات ضد عاملي الإغاثة والصحة مستقبلاً.
وكتبت المنظمتان: "تتحمل حكومات دول مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة مسؤوليةً خاصة عن محاسبة إسرائيل على هذه الواقعة وغيرها من الهجمات، التي استهدفت العاملين في الإغاثة والمدنيين، وذلك باعتبارها المُورِّد الحالي للأسلحة والذخيرة إلى إسرائيل".
أسلحة بريطانية وأمريكية
وباعت الولايات المتحدة قنابل مارك83 لإسرائيل، وهي القنابل التي رجَّح محققو الأمم المتحدة استخدامها في الهجوم. كما سرّعت واشنطن تسليم معدات تُحوّل القنابل "غير الموجهة" إلى صواريخ دقيقة التوجيه، وذلك حتى شهر ديسمبر/كانون الأول على الأقل، وهي من نوعية القنابل التي تعرّف عليها التحقيق أيضاً.
يجري تصنيع مقاتلات إف-16 في الولايات المتحدة، وتحتوي على أجزاء بريطانية التوريد. وكشفت قاعدة البيانات التي جمعتها منظمة Campaign Against the Arms Trade أن الأشهر الستة الأولى من 2023 شهدت منح أربعة تراخيص للشركات البريطانية بقيمة 238 ألف دولار على الأقل، من أجل تصدير مكونات الطائرات القتالية لإسرائيل -وربما تشمل مكونات مقاتلات إف-16 أيضاً.
وقال متحدث الشؤون الخارجية في الحزب الوطني الاسكتلندي، براندان أوهارا، اليوم الخميس 14 مارس/آذار إنه يشعر "بالقلق الشديد" حيال احتمالية تكرار هجوم كهذا. وأردف أن تكرار الهجوم يبدو "حتمياً تقريباً" بالنظر إلى "إحساس الإفلات من العقاب" الذي تتصرف به إسرائيل.
وأضاف أوهارا: "إذا كانت القنابل أو الطائرات التي ألقتها مصنوعةً في المملكة المتحدة كما نظن، فأخشى أن هذا يجعل المملكة المتحدة شريكة".
ثم دعا الحكومة البريطانية "للاعتراف بما حدث في هذه الواقعة بالضبط.. نحن في أمسّ الحاجة إلى الشفافية حتى نرى كيف تؤثر مبيعات الأسلحة البريطانية المستمرة لإسرائيل على استمرار ذبح المدنيين الأبرياء".
ورغم دخول شهر رمضان، لا تزال إسرائيل تشن حرباً مدمرة على قطاع غزة بدعم أمريكي، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 خلفت عشرات آلاف الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلاً عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية".
وجراء الحرب وقيود إسرائيلية بات سكان غزة ولا سيما محافظتي غزة والشمال على شفا مجاعة، في ظل شح شديد في إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود، مع نزوح نحو مليوني فلسطيني من السكان القطاع الذي تحاصره إسرائيل منذ 17 عاماً.