نشر الصحفي الأمريكي المخضرم توماس فريدمان مقالاً في صحيفة The New York Times الأمريكية أعرب فيه عن المخاوف التي تعتريه من النهج الذي يتبعه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على صعيد الحرب التي يشنها الاحتلال ضد غزة.
وقال فريدمان في بداية مقاله إن دولة الاحتلال تواجه خطراً كبيراً. وأوضح أنه برغم أن أعداء إسرائيل المتمثلين في حركة حماس وحزب الله والحوثيين وإيران ربما لا يتمتعون بشعبية في بعض أنحاء العالم، ومن ثم ينبغي أن تستمتع إسرائيل بتعاطف غالبية العالم معها، لكن الأمر ليس كذلك بسبب الطريقة التي يشن بها نتنياهو وائتلافه المتطرف هذه الحرب في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة.
فريدمان ينتقد سياسة نتنياهو في حرب غزة
كما أشار فريدمان إلى أن إسرائيل قد صارت خطيرة للغاية، وأن المجتمعات اليهودية في الشتات بكل مكان في العالم صارت غير آمنة على نحو متزايد، ولم يكتف الصحفي الحائز على جائزة بوليتزر ثلاث مرات بذلك، بل قدم تنبؤاً قاتماً لدولة الاحتلال، حين قال: "أخشى أن الأمر يوشك أن يسوء".
زعم فريدمان أن من حق إسرائيل الرد على عملية طوفان الأقصى، لكنه أوضح أن أي شخص منصف سينظر إلى الحرب الإسرائيلية التي تستهدف تدمير حماس والتي تسببت في استشهاد أكثر من 30 ألف فلسطيني في غزة، سيستنتج أن هناك شيئاً سار على نحو خاطئ هناك.
ويقول فريدمان: "تشمل الوفيات آلاف الأطفال، وكثير من الناجين يتامى. الكثير جداً من أراضي غزة صارت الآن أرضاً خراباً مليئة بالموت والدمار والجوع والمنازل المدمرة. تجلب حرب المدن أسوأ ما في البشر على الإطلاق، وهذا ينطبق بالتأكيد، على إسرائيل في غزة. إنها وصمة عار على جبين الدولة اليهودية".
فوضى في غزة
ويرى فريدمان أن هناك شيئاً واحداً أسوأ بالنسبة لإسرائيل، ناهيك عن غزة، من أن تُحكم غزة عن طريق حماس: وهذا الشيء هو ألا تُحكم غزة عن طريق أي شخص، حيث تصير مكاناً يتوقع العالم أن تفرض إسرائيل النظام فيه، لكن دولة الاحتلال لا تستطيع أن تفعل ذلك، ولن تفعل ذلك، ومن ثم ستثير هناك أزمة إنسانية طاحنة مستمرة.
وأشار إلى أن زيارته الأخيرة لحدود غزة تبين له أن هذا تماماً هو ما يتجه الوضع نحوه.
وقال فريدمان إنه رافق قائد القيادة المركزية الأمريكية، الجنرال مايكل كوريلا، في زيارة إلى معبر بيت حانون بين إسرائيل وغزة. كان كوريلا مسؤولاً عن الإنزال الجوي للمساعدات الإنسانية الأمريكية التي كانت توشك أن تحدث.
وأضاف فريدمان أنه استوعب فوراً مدى الفوضى التي تكشفت في المشهد على صعيد توزيع الغذاء، مشيراً إلى أن إسرائيل تكسر سيطرة حماس، لكنها ترفض تحمل مسؤولية الإدارة المدنية في غزة عن طريق قواتها، وترفض استدعاء السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، التي لديها آلاف الموظفين في غزة، من أجل الاضطلاع بتلك المهمة.
وتابع أن إسرائيل تتصرف بهذه الطريقة لأن نتنياهو لا يريد للسلطة الفلسطينية أن تصير الحكومة الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة، مما قد يمنحها المصداقية لتزدهر وتتحول إلى دولة فلسطينية مستقلة هناك في يوم من الأيام على حد قوله.
وتابع في مقاله: "بعبارة أخرى، لدى إسرائيل رئيس وزراء يفضل على ما يبدو أن يرى تحول غزة إلى صورة تشبه الصومال يحكمها أمراء حرب، ويخاطر بالمكاسب العسكرية التي حققتها إسرائيل بتفكيك حماس، على أن يتشارك مع السلطة الفلسطينية أو أي جهة فلسطينية حاكمة أخرى ذات شرعية وقاعدة عريضة باستثناء حماس، وذلك لأن مجلسه الوزراء اليميني المتطرف، الذي يحلم بسيطرة إسرائيل على الأراضي بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط، وضمن ذلك غزة، سوف يطيحه من السلطة إذا فعل ذلك".