انتخب البرلمان الباكستاني المشكل حديثاً، الأحد 3 مارس/آذار 2024، شهباز شريف رئيساً لوزراء باكستان للمرة الثانية، بعد 3 أسابيع من انتخابات عامة غير حاسمة أدت إلى تأخر تشكيل حكومة ائتلافية، وفق ما ذكرته وكالة رويترز.
إذ قال رئيس الجمعية الوطنية أياز صادق "نعلن انتخاب شهباز شريف رئيساً لوزراء جمهورية باكستان الإسلامية" بعد حصوله على 201 صوت، وهو ما يزيد على العدد المطلوب في المجلس، ويبلغ 169 صوتاً.
حيث تفوّق شريف على عمر أيوب، المرشح المدعوم من رئيس الوزراء السابق المسجون عمران خان، الذي حصل على 92 صوتاً.
احتجاجات بعد إعلان شهباز شريف رئيساً لوزراء باكستان
قوبل إعلان انتخاب شهباز شريف رئيساً لوزراء باكستان باحتجاجات صاخبة من حزب مجلس الاتحاد السنّي المدعوم من خان. ودعا المشرعون إلى إطلاق سراح خان، ورددوا شعارات تتهم شريف بالوصول إلى السلطة عن طريق تزوير الانتخابات.
فيما شابت انتخابات 8 فبراير/شباط الماضي، حجب خدمة الإنترنت عبر الهاتف المحمول، واعتقالات وأعمال عنف في الفترة التي سبقتها، وأثار التأخير غير المعتاد في النتائج اتهامات بتزوير التصويت.
بينما عاد شريف بذلك إلى المنصب الذي كان يشغله حتى أغسطس/آب، عندما تم حل البرلمان قبل الانتخابات وتولت حكومة تصريف أعمال المسؤولية. ولم يفز أي حزب بالأغلبية.
شريف، الذي يبلغ من العمر 72 عاماً، هو الأخ الأصغر لنواز شريف الذي تولى رئاسة الوزراء 3 مرات وقاد الحملة الانتخابية لحزب الرابطة الإسلامية الباكستانية – جناح نواز شريف.
فيما حصل المرشحون المدعومون من خان على أكبر عدد من المقاعد، لكن حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية – جناح نواز شريف، وحزب الشعب الباكستاني اتفقا على تشكيل حكومة ائتلافية، مما فتح الباب أمام انتخاب شهباز رئيساً للوزراء بعد امتناع شقيقه عن تولي المنصب.
في فترة ولايته السابقة، تمكنت حكومة شريف من التفاوض على اتفاق حاسم مع صندوق النقد الدولي، لكن الأمر واجه بعض التحديات، وساهمت الإجراءات التي يتطلبها الاتفاق، وينتهي في أبريل/نيسان، في ارتفاع الأسعار وزيادة الضغط على الفقراء وأسر الطبقة المتوسطة.
حسب وكالة رويترز، سيتعين على الحكومة الجديدة البدء فوراً في محادثات مع صندوق النقد الدولي للتوصل إلى الاتفاق التالي لدعم اقتصاد البلاد مع التعامل أيضاً مع الاستياء المتزايد من تفاقم الفقر. وسيتعين أيضاً على الحكومة مواجهة التحديات المستمرة من مؤيدي خان.
سياسي "مدمن على العمل
وُلد شريف في مدينة لاهور بشرق البلاد لعائلة ثرية تعود أصولها إلى كشمير، تعمل في تجارة الصلب. وبدأ مسيرته السياسية رئيساً لحكومة ولاية البنجاب عام 1997. ويصفه الوزراء والبيروقراطيون الذين عملوا معه عن قرب بأنه "مدمن على العمل".
عندما كان رئيساً لحكومة البنجاب خطط لعدد من مشروعات البنية التحتية الضخمة الطموحة ونفذها، بما في ذلك أول نظام حديث للنقل الجماعي بباكستان في لاهور.
لكن عندما أُطيح بشقيقه الأكبر من رئاسة الوزراء في انقلاب عسكري عام 1999، أحاطت الاضطرابات السياسية بشهباز فانتقل للعيش في السعودية.
دخل شهباز شريف حلبة السياسة على المستوى الوطني عندما صار زعيماً لحزب الرابطة الإسلامية الباكستانية – جناح نواز شريف بعد إدانة الشقيق الأكبر في عام 2017 بتهمة إخفاء الأصول المتعلقة بقضية وثائق بنما.
بالإضافة إلى حفاظه على تماسك الائتلاف بعد الإطاحة بعمران خان في عام 2022، ساعد شريف باكستان في الحصول على خطة إنقاذ حيوية من صندوق النقد الدولي العام الماضي.
استعاد منصب رئيس الوزراء بعد أن وأد حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية – جناح نواز شريف الخلافات مع الجيش صاحب النفوذ في مواجهة منافسهما المشترك خان، الذي لم يكن على وفاق مع كبار الجنرالات بشأن الكثير من القضايا السياسية.
في ذلك الوقت، كان نواز شريف في المنفى الاختياري في لندن، وتم استبعاده من تولي أي منصب عام. وعاد إلى باكستان في أكتوبر/تشرين الأول.
قبل توليه منصب رئيس الوزراء، اشتهر شهباز شريف كإداري أكثر من كونه سياسياً، إذ شغل منصب رئيس الوزراء 3 مرات في إقليم البنجاب، أكبر أقاليم البلاد.
لكن كرئيس للوزراء، سرعان ما اضطلع بدور صانع السلام بين أحزاب الائتلاف التي غالباً ما تشب بينها الخلافات حول السياسات الرئيسية.
كان أكبر إنجاز حققه شهباز شريف في فترة ولايته القصيرة هو التوصل إلى خطة إنقاذ بين صندوق النقد الدولي وباكستان التي كانت على شفا التخلف عن سداد الديون. وتم التوقيع على الاتفاق بعد أن أجرى اتصالاً شخصياً مع رئيسة الصندوق كريستالينا جورجيفا في يونيو/حزيران.
رغم ذلك، بلغ التضخم في عهد حكومته مستوى مرتفعاً عند 38%، مع انخفاض قياسي في قيمة الروبية، وهو ما يعود بشكل أساسي إلى الإصلاحات الهيكلية التي استلزمها برنامج صندوق النقد لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد.
تزوج شهباز شريف مرتين، وله ولدان وبنتان من زواجه الأول. ويعمل أحد ابنيه بالسياسة. وقالت مريم ابنة نواز شريف في منشور على منصة إكس للتواصل الاجتماعي إن والدها لم يكن يريد رئاسة حكومة أقلية بعد أن حصل على أغلبية واضحة في الفترات الثلاث السابقة التي رأس فيها الحكومة.