“وول ستريت”: السودان رفض طلباً إيرانياً لبناء قاعدة عسكرية على البحر الأحمر.. هذا ما تخشاه الخرطوم

عربي بوست
تم النشر: 2024/03/03 الساعة 08:07 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/03/03 الساعة 08:10 بتوقيت غرينتش
رئيس المجلس السيادي السوداني عبد الفتاح البرهان - رويترز

نقلت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية عن المستشار الأمني السوداني أحمد حسن محمد، الأحد 3 مارس/آذار 2024، أن الجيش السوداني رفض طلب إيران السماح لها ببناء قاعدة على البحر الأحمر؛ لتجنب رد فعل الولايات المتحدة وإسرائيل.

المستشار الأمني السوداني أضاف أن إيران زودت الجيش السوداني بمسيّرات، وعرضت تقديم سفينة حربية تحمل مروحيات إذا منح السودان الإذن لها بإقامة قاعدة عسكرية على البحر الأحمر.

المسؤول السوداني أضاف: "أكد الإيرانيون أنهم يريدون استخدام القاعدة لجمع المعلومات الاستخباراتية، لقد أرادوا أيضاً وضع سفن حربية هناك، ولكن الخرطوم رفضت الاقتراح الإيراني؛ لتجنب رد فعل الولايات المتحدة وإسرائيل".

وتابع: "السودان اشترى مسيّرات من إيران، لأننا كنا بحاجة إلى أسلحة أكثر دقة لتقليل الخسائر في الأرواح البشرية واحترام القانون الإنساني الدولي".

الصحيفة الأمريكية أشارت أيضاً إلى أن وجود قاعدة على البحر الأحمر سيسمح لطهران بتشديد قبضتها على أحد أكثر ممرات الشحن ازدحاماً في العالم، حيث إنها "ستساعد "الحوثيين" في اليمن على شن هجمات على السفن التجارية".

ووفقاً للصحيفة، يسلط طلب إيران الضوء على "سعي القوى الإقليمية للاستفادة من الحرب الأهلية المستمرة منذ 10 أشهر في السودان للحصول على موطئ قدم في البلاد، التي تعد مفترق طرق استراتيجياً بين الشرق الأوسط والصحراء الأفريقية الكبرى".

كما أكدت الصحيفة أن المسيرات الإيرانية ساعدت الحكومة السودانية في الأسابيع الأخيرة، على استعادة السيطرة على مناطق مهمة بالخرطوم.

إيران ترسل مستشارين عسكريين إلى الخرطوم

والأربعاء 28 فبراير/شباط الماضي، كشفت مصادر إيرانية رفيعة المستوى لـ"عربي بوست"، عن انفتاح إيران على مطالب وزير الخارجية السوداني، علي الصادق، بإرسال مسيّرات وصواريخ إلى القوات المسلحة السودانية التي تقاتل ضد قوات الدعم السريع، إضافة إلى إرسالها بالفعل مستشارين إيرانيين إلى السودان.

وزير الخارجية السوداني سبق أن زار العاصمة الإيرانية طهران في بداية شهر فبراير/شباط 2024، والتقى نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، الذي تسلَّم المطالب السودانية وأرسلها إلى قادة الحرس الثوري الإيراني، لمناقشتها واتخاذ القرار بشأنها، بحسب المصادر الإيرانية التي تحدثت لـ"عربي بوست".

طهران أرسلت مستشارين إيرانيين إلى السودان - رويترز
طهران أرسلت مستشارين إيرانيين إلى السودان – رويترز

النفوذ على البحر الأحمر والتنافس مع الإمارات

بشأن المصالح الإيرانية وراء دعم الجيش السوداني وإرسال مستشارين إيرانيين إلى السودان، أفادت مصادر إيرانية مطلعة، في حديثها لـ"عربي بوست"، بأن "طهران تهدف إلى تعزيز وتوسيع نفوذها في منطقة البحر الأحمر". 

أوضح المصدر أن "هذا التوسع من المحتمل أن يمكّن إيران من توسيع وجودها البحري في المنطقة، وأيضاً يضمن لها إعادة تزويد سفنها بالوقود في البحر الأحمر، بحسب ما تفكر فيه القيادة الإيرانية العليا".

في السياق ذاته، تحدث مصدر سياسي من مكتب المرشد الأعلى الايراني، لـ"عربي بوست"، شارحاً الصورة والنية الإيرانية من مساعدة الجيش السوداني، دون الكشف عن هويته، قائلاً: "سيوفر ذلك لطهران حلفاء جدداً في منطقة البحر الأحمر وشرق أفريقيا، وكذلك تهتم القيادة في طهران بتعزيز العلاقات مع المجموعات السودانية الإسلامية المتحالفة مع الجيش السوداني"، دون أن يسميها.

الجيش السوداني طلب مساعدة إيران بإمداده بالأسلحة وإرسال مستشارين إيرانيين إلى السودان – رويترز
الجيش السوداني طلب مساعدة إيران بإمداده بالأسلحة وإرسال مستشارين إيرانيين إلى السودان – رويترز

سبب آخر وراء الاهتمام الإيراني بدعم الجيش السوداني، هو ما عبَّر عنه مسؤول إيراني مقرب من الحرس الثوري الإيراني، في حديثه لـ"عربي بوست"، بشأن مسألة التنافس في النفوذ مع الإمارات بمنطقة البحر الأحمر.

منذ عام 2019، لعبت الإمارات دوراً سياسياً كبيراً في السودان بالتعاون مع السعودية، بدعم الجيش السوداني منذ إطاحته بحكم عمر البشير، لكن أبوظبي في الوقت ذاته عمّقت علاقتها مع قوات الدعم السريع، عكس الرياض، الأمر الذي عبرت عنه السلطات السودانية الحالية التي هاجمت علناً، ومراراً، الدعم الإماراتي لـ"الدعم السريع".

لذلك، حذرت المصادر الإيرانية من أن "الأهداف المتضاربة لإيران والإمارات في البحر الأحمر يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الوضع بين البلدين، وفي نهاية المطاف يجدان نفسيهما أمام حرب بالوكالة، تُطيل أمد الصراع في السودان".

تعليقاً على هذا الأمر، قال مسؤول أمني إيراني رفيع المستوى لـ"عربي بوست": "هناك احتمالية بالطبع لحدوث تصادم بين الإمارات وإيران بالسودان، وذلك في حال قررت القيادة الإيرانية دعم الجيش السوداني بالأسلحة والخبرات".

استبعد المصدر أن ترفض طهران دعم الجيش السوداني، لكنه أوضح أن "هناك خطوات لا بد من اتخاذها في البداية، مثل إرسال مستشارين إيرانيين إلى السودان، وتعزيز العلاقات مع الجماعات الأخرى المتحالفة مع الجيش السوداني، لسماع آرائهم، واستكمال إعادة العلاقات بين طهران والخرطوم، وإرسال البعثات الدبلوماسية والعسكرية".

تصاعد الدخان في الخرطوم– رويترز
تصاعد الدخان في الخرطوم– رويترز

إيران تدخل السودان بعد استئناف العلاقات

اتخذت العلاقات الإيرانية-السودانية منعطفاً سيئاً في مطلع عام 2016، بعد أن قامت حكومة عمر البشير الرئيس السوداني السابق، بقطع العلاقات الدبلوماسية والسياسية مع طهران، تماشياً مع قرار السعودية حينها قطع العلاقات مع إيران؛ على أثر اقتحام متظاهرين إيرانيين للسفارة الإيرانية في طهران. 

عادت الخرطوم وطهران لاستئناف العلاقات الكاملة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، في عهد مجلس السيادة العسكري بقيادة عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش.

سياسي إيراني رفيع المستوى مقرب من دوائر صنع القرار في العاصمة طهران، قال لـ"عربي بوست"، إن "العلاقات مع الغرب والولايات المتحدة تنهار كل يومٍ أكثر من السابق، خاصة بعد حرب غزة، وطهران تسعى إلى إيجاد حلفاء آخرين مثلما تفعل مع روسيا والصين".

وقال إن "منطقة البحر الأحمر منطقة ذات أهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة لإيران، لذلك تسعى إلى ايجاد الحلفاء والأصدقاء هناك". 

أضاف إلى ذلك أن "تصدير الأسلحة الإيرانية إلى الجيش السوداني له مكاسب اقتصادية لطهران".

يشار إلى أن التعاون العسكري بين السودان وإيران عاد بعد أشهر من استئناف العلاقات بينهما بصورة رسمية في أكتوبر/تشرين الأول 2023، عقب 7 سنوات من القطيعة.

جاء ذلك بعد اتفاق السعودية وإيران، بوساطة صينية، على عودة العلاقات، ما مثل رفعاً للحرج عن الخرطوم باستئناف علاقاتها مع طهران.

تحميل المزيد