من سائق أجرة لأغنى شخص بسيناء! من هو العرجاني الذي يفرض “إتاوات” على الفلسطينيين لمغادرة غزة؟

عربي بوست
تم النشر: 2024/03/03 الساعة 07:52 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/03/03 الساعة 08:29 بتوقيت غرينتش
فلسطينيون يحملون جوازات سفر أجنبية عالقون في معبر رفح/ رويترز

بدأ في الآونة الأخيرة ظهور اسم رجل الأعمال المصري إبراهيم العرجاني على الساحة، بعد حديث وسائل إعلامية عن تورط شركاته في ابتزاز الفلسطينيين الراغبين في مغادرة قطاع غزة، سواء للعلاج أو لغيره، عبر إجبارهم على دفع مبالغ مالية باهظة. 

موقع Middle East Eye البريطاني نشر تقريراً حول حياة العرجاني، منذ أن كان يعمل سائق أجرة، حتى كوَّن إمبراطوريته التجارية، وترؤسه جماعة شبه عسكرية تتكون في معظمها من أفراد قبيلته.

وسلَّط التقرير الضوء على أن العرجاني كان له تأثيرٌ كبير على حركة الأشخاص والبضائع بين غزة ومصر المجاورة من خلال شركاته، منذ اندلاع حرب غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول

وأفادت تقارير بأن شركاته، وبعضها مملوك جزئياً لأجهزة الأمن المصرية، طلبت رشاوى للسماح بدخول المساعدات إلى غزة، وخروج الناس خارج القطاع.

وتعرضت جماعته شبه العسكرية لتدقيقٍ إعلامي متزايد منذ حرب غزة. وقد وصف أحد المنافذ المستقلة سيناء بأنها "شبه جزيرة العرجاني"، ما يعكس نفوذه الواسع النطاق في المنطقة الشمالية الشرقية. 

معبر رفح/رويترز<br>
معبر رفح/رويترز

من هو إبراهيم العرجاني؟ 

وُلِدَ إبراهيم جمعة سالم حسن العرجاني في الشيخ زويد بشمال سيناء، في 4 ديسمبر/كانون الأول 1974. وينحدر من قبيلة الترابين، إحدى أكبر القبائل في شمال سيناء.

ويرأس حالياً اتحاد قبائل سيناء، وهي جماعة شبه عسكرية تتكون في معظمها من أفراد قبيلته.

بدأ العرجاني حياته المهنية سائق سيارة أجرة في شمال سيناء، مستخدماً شاحنته الصغيرة، وشارك في أنشطة تهريب مربحة إلى غزة وإسرائيل. ويُعتقد أيضاً أن العرجاني حصل على أموال من خلال فرض رسوم على رجال الأعمال الذين استخدموا منطقة قبيلته في مشاريع البناء.

وتعرضت قبائل الترابين والسواركة والرميلات لحملة أمنية شرسة في أعقاب التفجيرات التي ضربت العديد من الوجهات السياحية في جنوب سيناء بين عامي 2004 و2006.

<strong>إبراهيم العرجاني/موقع عرجاني جروب</strong><br>
إبراهيم العرجاني/موقع عرجاني جروب

واستهدفت حملة الاعتقال عدة آلاف من رجال القبائل، بالإضافة إلى بعض النساء اللاتي اعتُقِلن لإجبار أقاربهن الذكور على تسليم أنفسهم.

ودفعت حملة القمع القبائل إلى تنظيم سلسلة من الاحتجاجات والاعتصامات، في أبريل/نيسان ويوليو/تموز 2007. كان العرجاني آنذاك في أوائل الثلاثينيات من عمره، وقد شارك في الاحتجاجات والاعتصامات، لكنه عمل أيضاً في الوقت نفسه وسيطاً بين الأجهزة الأمنية والقبائل، إلى جانب عضوين آخرين أكثر نفوذاً من قبيلة الترابين في ذلك الوقت، وهما موسى الدلح وسالم لافي. 

مقتل شقيقه على يد الشرطة

في نوفمبر/تشرين الثاني 2008، كانت هناك نقطة تحول في علاقة العرجاني بالدولة.

وكجزء من جهود الوساطة التي قام بها، أرسل العرجاني شقيقه واثنين من أقاربه لمحاولة تهدئة الوضع في أحد الاعتصامات أمام مقر الشرطة في سيناء، بالقرب من الحدود الإسرائيلية. وكان الناس قد تجمعوا هناك للاحتجاج على ما اعتبروه قتلاً خارج نطاق القضاء لرجال القبائل، على أيدي ضباط الشرطة، في ذلك الشهر.

وقال العرجاني إن شقيقه واثنين من رفاقه قُتِلوا ودُفِنوا في مكبٍّ للقمامة بالقرب من الحدود الإسرائيلية. وقال إن الضباط أرادوا خلق انطباع كاذب بأنهم قُتلوا أثناء عملية تهريب.

ورداً على جريمة القتل، قام أفراد من القبائل، بقيادة العرجاني ولافي، بمحاصرة عدة أقسام للشرطة في سيناء، واستولوا على الأسلحة، واحتجزوا العشرات من ضباط الشرطة.

وبعد يوم واحد اتصل مسؤول كبير بوزارة الداخلية بالعرجاني ولافي، ووعدهما بتسوية الخلاف إذا سلَّما الضباط المحتجزين، وفقاً لروايات الرجلين، لكن الاثنين اعتُقِلا بمجرد لقائهما بالمسؤول في الوزارة، ووُجِّهَت إليهما تهمٌ وصفها العرجاني بتهم "جنائية وسياسية".

وفي حين تمكن لافي من الهروب من السجن، في فبراير/شباط 2010، بمساعدة رجال القبائل، ظل العرجاني في السجن لمدة 23 شهراً، حتى أُطلِقَ سراحه في يوليو/تموز من ذلك العام. 

قوات من الجيش المصري في سيناء /أرشيف<br>
قوات من الجيش المصري في سيناء /أرشيف

قائد ميليشيا

أثبت العرجاني نفسه كزعيم ميليشيا مؤثر في شبه جزيرة سيناء. شهدت السنوات التي أعقبت ثورة 2011 ظهور جماعات مسلحة في سيناء كانت في البداية تابعة لتنظيم القاعدة، لكنها أعلنت فيما بعد الولاء لتنظيم الدولة الإسلامية وأعادت تسميتها باسم "ولاية سيناء".

بعد قيادة انقلاب عام 2013، أعلن وزير الدفاع سابقاً الفريق عبد الفتاح السيسي "الحرب على الإرهاب" ضد المتشددين في سيناء. ومع ذلك فإن معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل تعني أن هناك حدوداً لعدد القوات المصرية المسموح لها بالتمركز في سيناء.

ولتعزيز قواته لجأ السيسي إلى القبائل المحلية، بما في ذلك قبيلة العرجاني، لحمل السلاح ضد ولاية سيناء إلى جانب الجيش. وقدمت القبائل خبرةً قتالية إضافية بسبب معرفتها بالبيئة الصحراوية وتكتيكات القتال، بحسب العرجاني.

واشترطت قبيلتا السواركة والرميلات أن تقاتل كل قبيلة داخل أراضيها، لكن الجيش رفض، واعتمد بدلاً من ذلك على تعاون أفراد القبائل، بما في ذلك العرجاني ولافي والدلح من قبيلة الترابين وأعضاء آخرون من السواركة والرميلات. 

وفي عام 2015، شكَّل العرجاني ولافي والدلح اتحاد قبائل سيناء، وهي ميليشيا تهيمن عليها قبيلة الترابين. وأصبح الاتحاد الحليف الرئيسي للجيش المصري في قتال ولاية سيناء. واقتصرت أنشطته على أراضي قبيلة الترابين، ونجحت الميليشيا في الدفاع ضد الهجمات، بينما توسعت الجماعة التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية في أراضي القبائل الأخرى، حتى إنها وصلت إلى عاصمة محافظة شمال سيناء؛ العريش.

وهاجم مسلحو تنظيم ولاية سيناء منزل العرجاني ودمروه في عام 2015 انتقاماً لمقاومة ميليشياته.

كان العرجاني في البداية مسؤولاً عن الشؤون المالية لاتحاد قبائل سيناء، ثم تولى قيادة الميليشيا بعد مقتل لافي والتقاعد المفاجئ للدلح في عام 2017.

وأصبح الاتحاد أكثر مؤسسية تحت قيادة العرجاني، وأصبح أعضاؤه يحصلون على راتب شهري، ويحملون بطاقات هوية خاصة، بحسب موقع "مدى مصر" المصري. وبدأت الميليشيا أيضاً في جذب أفراد من القبائل الأخرى.

هُزِمَت ولاية سيناء رسمياً في عام 2022. لكن الاتحاد لم يُفكَّك وهدفه الحالي غير واضح.

وفي زيارة حظيت بتغطية إعلامية واسعة النطاق، قام بها رئيس الوزراء مصطفى مدبولي إلى محافظة شمال سيناء، في أكتوبر/تشرين الأول، خلال الحملة الانتخابية للسيسي، ظهر العرجاني جنباً إلى جنب مع مدبولي وكبار ضباط الجيش. ورافقت شاحنات تحمل اسم اتحاد قبائل سيناء موكب رئيس الوزراء.

وسبق أن وثقت منظمة هيومن رايتس ووتش ومؤسسة سيناء لحقوق الإنسان عدة حوادث قتل خارج نطاق القضاء على يد الميليشيا، بمساعدة الجيش المصري.

إمبراطورية تجارية

بالإضافة إلى دوره في الميليشيا، أصبحت الأنشطة التجارية للعرجاني تحت الأضواء في أعقاب الحرب الإسرائيلية على غزة.

تحتكر اثنتان من شركاته حركة الأشخاص والبضائع عبر معبر رفح، البوابة الوحيدة لغزة التي لا تخضع لسيطرة إسرائيل المباشرة.

وتتحكم شركة أبناء سيناء، وهي شركة إنشاءات ومقاولات، في تصاريح الخروج للشاحنات والبضائع الأخرى، في حين تمتلك شركة هلا للاستشارات والخدمات السياحية الحقوق الحصرية للتحكم في نقل المسافرين من وإلى قطاع غزة.

أطلق العرجاني إمبراطوريته التجارية في عام 2010، بعد وقت قصير من خروجه من السجن، بدءاً بشركة أبناء سيناء، التي كانت في البداية استثماراً في المحاجر.

وبعد ذلك بعامين أصبحت "أبناء سيناء" إحدى شركتين متعاقدتين مكلفتين بجهود إعادة الإعمار في غزة، في أعقاب العملية العسكرية الإسرائيلية المدمرة ضد القطاع الفلسطيني في عام 2012.

ثم في أعقاب الهجوم الإسرائيلي على غزة عام 2014، تولت هذه الشركة دوراً أكبر في جهود إعادة الإعمار، من خلال احتكار نقل البضائع إلى القطاع عبر معبر رفح.

وفي ذلك العام، عُيِّنَ العرجاني رئيساً لمجلس إدارة شركة أخرى، هي شركة مصر سيناء للتنمية الصناعية والاستثمار، والمساهم الأكبر فيها هي هيئة تابعة للجيش المصري، وفقاً لتحقيقات موقع مدى مصر.

وبعد أن أصبح العرجاني رئيساً لاتحاد قبائل سيناء عام 2017، قام بتوسيع شركتي أبناء سيناء ومصر سيناء. وبدأت شركة مصر سيناء في تصدير البضائع إلى غزة، وأصبح رئيس المخابرات العسكرية السابق في شمال سيناء، العميد لؤي زمزم، نائب رئيس مجلس إدارة شركة العرجاني، بحسب صفحة الشركة على فيسبوك.

وأُنشِئت شركة رابعة، وهي أبناء سيناء للتشييد والبناء (منفصلة عن الشركة السابقة التي تسمى أبناء سيناء)، في عام 2021، بعد الهجوم الإسرائيلي على غزة في ذلك العام وكُلِّفَت بإعادة إعمار القطاع في عقد بقيمة 500 مليون دولار مدفوع من قبل الدولة المصرية، وفقاً لتقارير وسائل الإعلام المصرية المرتبطة بالدولة.

ووقعت شركة نيوم للتطوير العقاري، وهي شركة أخرى مملوكة لشركة العرجاني، اتفاقيات في يناير/كانون الثاني، مع حكومة شرق ليبيا، للمشاركة في إعادة إعمار درنة في أعقاب الفيضانات المدمرة التي دمرت جزءاً كبيراً من المدينة الليبية العام الماضي. 

وتضم مجموعة العرجاني، التي تعمل كمظلة لشركاته، أيضاً شركة الخدمات الأمنية، إيتوس، التي تم التعاقد معها للإشراف على العديد من الأحداث الرياضية الكبرى.

وفي يناير/كانون الثاني 2022، عين السيسي العرجاني عضواً في هيئة تنمية سيناء، وهي هيئة حكومية تتمتع بالسيطرة الحصرية على أنشطة التطوير والبناء في شبه الجزيرة.

تحميل المزيد