استخدمت الولايات المتحدة يوم الثلاثاء 20 فبراير/شباط 2024 حق النقض (الفيتو) لثالث مرة ضد مشروع قرار في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، مما عرقل المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية.
وصوت 13 من الدول الأعضاء بالمجلس لصالح النص الذي صاغته الجزائر، بينما امتنعت بريطانيا عن التصويت. وهذه هي المرة الثالثة التي تستخدم فيها الولايات المتحدة حق النقض منذ بدء القتال الحالي في أعقاب هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 على إسرائيل.
فيتو أمريكي في مواجهة مشروع قرار جزائري يخص غزة
قال سفير الجزائر لدى الأمم المتحدة عمار بن جامع للمجلس قبل التصويت: "التصويت لصالح مشروع القرار هذا هو دعم لحق الفلسطينيين في الحياة. وعلى العكس من ذلك، فإن التصويت ضده يعني تأييداً للعنف الوحشي والعقاب الجماعي الذي يتعرضون له".
ولوّحت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد قبل أيام من الجلسة باستخدام الولايات المتحدة لحق النقض ضد مشروع القرار؛ بسبب مخاوف من أنه قد يعرِّض للخطر المحادثات بين الولايات المتحدة ومصر وإسرائيل وقطر، والتي تسعى إلى التوسط في وقف مؤقت للحرب وإطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى حماس في قطاع غزة.
وأضافت السفيرة أمام المجلس قبل التصويت: "أي إجراء يتخذه هذا المجلس الآن يجب أن يدعم، لا أن يعوق، هذه المفاوضات الحساسة الجارية. ونعتقد أن القرار المطروح الآن سيؤثر في الواقع سلباً على تلك المفاوضات".
وتابعت "المطالبة بوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار دون التوصل إلى اتفاق يلزم حماس بالإفراج عن الرهائن لن يؤدي إلى سلام دائم، وربما يؤدي بدلاً من ذلك إلى إطالة أمد القتال بين حماس وإسرائيل".
ووفقاً لنص اطلعت عليه رويترز، تقترح الولايات المتحدة في المقابل مشروع قرار يدعو إلى هدنة مؤقتة في الحرب بين إسرائيل وحماس ويعارض أي هجوم بري كبير تشنه حليفتها إسرائيل في رفح. وقالت واشنطن إنها تعتزم إتاحة الوقت للمفاوضات ولن تتعجل في التصويت.
وقف مؤقت للحرب في غزة
لا تزال واشنطن تعارض استخدام كلمة وقف إطلاق النار في أي إجراء للأمم المتحدة يتعلق بالحرب الدائرة، لكن النص الأمريكي يؤكد نبرة قال الرئيس جو بايدن إنه استخدمها خلال محادثاته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وينص مشروع القرار الأمريكي على أن "يشدد (مجلس الأمن) على دعمه لوقف مؤقت لإطلاق النار في غزة في أقرب وقت ممكن عملياً، على أساس صيغة (تضمن) إطلاق سراح جميع الرهائن، كما يدعو إلى رفع كل العوائق أمام تقديم المساعدات الإنسانية على نطاق واسع".
ولم يربط مشروع القرار، الذي صاغته الجزائر وعرقلته الولايات المتحدة، وقف إطلاق النار بالإفراج عن الرهائن. وطالب بشكل منفصل بهدنة فورية لأسباب إنسانية والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن.
نزوح المئات في غزة
يأتي ذلك في الوقت الذي نزحت فيه مئات العائلات الفلسطينية من منازلها، الثلاثاء، على وقع القصف العنيف والتوغل التي تنفذه القوات الإسرائيلية، في حي الزيتون شرقي مدينة غزة.
وأفاد شهود عيان بأن منطقة الزيتون تشهد قصفاً "عنيفاً" من قبل المدفعية والطائرات الحربية الإسرائيلية، بالإضافة إلى توغل للقوات. وأوضح الشهود أن القصف والتوغل أديا لنزوح مئات العائلات من تلك المنطقة إلى المناطق الغربية للمدينة، بينها حي الرمال والميناء والشاطئ. وذكروا أن القصف تسبب بتدمير منازل وشوارع وبنية تحتية.
بدورها، قالت كتائب "القسام"، الذراع العسكرية لحماس، في بيان: "نخوض معارك ضارية مع قوات الاحتلال في محور التقدم جنوبي حي الزيتون بمدينة غزة ورصد عدد من طائرات العدو التي حضرت لنقل القتلى والإصابات جراء الاشتباكات".
وفي وقت سابق الثلاثاء، قالت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، إن الجيش بدأ الليلة الماضية عملية عسكرية في حي الزيتون. ولفتت إلى أنه "من المتوقع أن تستمر عدة أسابيع".
وحتى الثلاثاء 20 فبراير/شباط 2024، خلَّفت الحرب الإسرائيلية على غزة "29 ألفاً و195 شهيداً و69 ألفاً و170 مصاباً، معظمهم أطفال ونساء، بالإضافة إلى آلاف المفقودين تحت الأنقاض"، بحسب السلطات الفلسطينية. وللمرة الأولى منذ قيامها في عام 1948، تخضع إسرائيل لمحاكمة أمام محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة؛ بتهمة ارتكاب جرائم "إبادة جماعية" بحق الفلسطينيين.