كشفت قناة إسرائيلية، مساء الإثنين 19 فبراير/شباط 2024، عن رسالة "حادة" بعث بها الوزير بمجلس الحرب في الحكومة الإسرائيلية غادي أيزنكوت إلى المجلس ذاته، حذر فيها من "صعوبة متزايدة في تحقيق أهداف الحرب" في غزة، فيما جددت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" تأكيدها أنه لا تفاوض على إطلاق سراح الأسرى دون وقف شامل لإطلاق النار.
وقالت القناة "12" الإسرائيلية الخاصة: "أرسل الوزير غادي أيزنكوت رسالة تحذير طويلة ومفصلة قبل نحو أسبوع، إلى أعضاء مجلس الحرب ينتقد فيها قرارات المنتدى الذي هو عضو فيه".
تفاصيل الرسالة
القناة كشفت أن أيزنكوت كتب في رسالته: "بعد أكثر من أربعة أشهر من الحرب، من المناسب تقييم الإنجازات ودراسة اتجاهات الاستمرار".
كما تابع: "برأيي، في ظل تجنب اتخاذ قرارات حاسمة وهامة، هناك صعوبة متزايدة في تحقيق أهداف الحرب".
ثم مضى في رسالته يقول: "لقد تعثر المخطط الاستراتيجي للحرب، وهو يهدد عملياً تحقيق أهداف الحرب، وعلاوة على ذلك، الوضع الاستراتيجي لدولة إسرائيل"، بحسب المصدر ذاته.
كذلك، قال أيزنكوت إن "هدف تقليص قدرات حماس العسكرية والسلطوية لم يتحقق إلا بشكل جزئي، وكذلك إعادة المحتجزين من قطاع غزة، وإعادة الأمن لسكان منطقة غلاف غزة".
المتحدث نفسه اعتبر أن "حالة إنهاء الحرب بحيث لا تشكل غزة تهديداً مستقبلياً على إسرائيل لم تتحقق، وكذلك تعزيز الأمن الشخصي والقدرة على الصمود الوطني للإسرائيليين".
وتابع: "من الناحية العملية، لم يتم اتخاذ أي قرارات حاسمة منذ ثلاثة أشهر. فالحرب تجري وفق إنجازات تكتيكية، دون تحركات كبيرة لتحقيق إنجازات استراتيجية".
وأوضح أيزنكوت أن ثمة قرارات يتعين على مجلس الحرب اتخاذها وتشمل الانتقال الكامل للمرحلة الثالثة، وهي مرحلة المداهمات المركزة مع التموضع خلف شريط (حزام) أمني خارج القطاع، وتنفيذ صفقة لتبادل الأسرى قبل حلول رمضان المقبل.
كما تشمل القرارات التي دعا أيزنكوت إلى اتخاذها، الحيلولة دون التصعيد بالضفة الغربية مع اقتراب رمضان، وعودة السكان الإسرائيليين إلى منازلهم في الشمال والجنوب بعدما نزحوا منها إثر اندلاع الحرب، والدفع نحو إيجاد بديل مدني لحكم حماس في غزة، وفق القناة "12".
وفي نهاية رسالته انتقد أيزنكوت رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والمصطلح الذي صاغه "النصر الكامل"، وقال إنه من الصواب أن يناقش مجلس الحرب هذا المفهوم بجدية وتوضيحه عملياً، وفق المصدر ذاته.
يشار إلى أن أيزنكوت شغل منصب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي في الفترة من 2015 إلى 2019، وقُتل ابنه وكذلك ابن شقيقه في ديسمبر/كانون الأول 2023 في معارك بقطاع غزة.
موقف حماس الثابت
في سياق متصل، جددت حركة "حماس"، الإثنين، تأكيدها أنها تشترط للموافقة على صفقة تبادل أسرى مع تل أبيب وقف الحرب على غزة، ودخول الإغاثة للقطاع، وتحرير المعتقلين الفلسطينيين في سجون إسرائيل.
جاء ذلك في تصريحات لخليل الحية عضو المكتب السياسي لحركة "حماس"، في لقاء على قناة "الجزيرة" القطرية، وفق ما نشرته الحركة على منصة "تليغرام".
ذكر الحية، أن "إعادة أسرى الاحتلال (الإسرائيلي) لها ثلاثة أثمان: الأول إغاثة شعبنا وعودته إلى حياته الطبيعية، ثانياً وقف العدوان، ثالثاً تبادل أسرى حقيقي يحرر أسرانا الـ10 آلاف في سجون الاحتلال".
كما قال إن "الاحتلال يرفض أن ينسحب من قطاع غزة ولا من أجزاء منه، ويرفض أن يعود النازحون، ولا يعطي أي بارقة موافقة على إنهاء هذا العدوان".
وأضاف: "حتى الآن لم يعطِ ضمانة لوصول الإغاثة الكافية وإعادة ترميم المستشفيات والمخابز والبنية التحتية حتى الإيواء بالخيام الاحتلال لم يعطِ موافقة واضحة صريحة على ذلك.. إذن علامَ نتفق؟!".
ثم زاد: "الاحتلال يحاول أن يغير الحقيقة بأن يقول مطالب حماس كبيرة أو غير ذلك".
والسبت 17 فبراير/شباط 2024، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في مؤتمر صحفي عقد بالقدس، إن "مطالب حماس (حول صفقة الهدنة وتبادل الأسرى) جنونية، إنهم يريدون تحقيق هدف واحد، وهو هزيمة إسرائيل".
"أكاذيب الاحتلال"
كذلك، لفت الحية إلى أن "الاحتلال اليوم يستخدم إطالة المعركة بأكاذيب وآمال لن يصل إليها، فمرة يقول الثمن الغالي الذي تطلبه الحركة في مقابل الأسرى عندنا, ومرة يقول إنه يريد أن يفكك المقاومة وما تبقى من قدرات القسام في رفح".
ثم أوضح أن نتنياهو "ليس جاداً في الوصول لاتفاق ينهي العدوان ويغيث شعبنا الفلسطيني ويخرج الاحتلال من غزة بعد هذا العدوان الطويل".
وأشار إلى أن "نتنياهو تراجع في رده النهائي الأسبوع الماضي، عما كان قد وافق عليه في ورقة باريس".
وترعى القاهرة إلى جانب الدوحة وواشنطن، جهود وساطة للتوصل إلى هدنة ثانية بين "حماس" وإسرائيل بموجب مقترح قدم في باريس، بعد هدنة أولى استمرت لمدة أسبوع وانتهت مطلع ديسمبر/كانون الأول 2023، وأسفرت عن تبادل أسرى بين الطرفين، وإدخال كميات محدودة من الوقود والمساعدات إلى القطاع المحاصر.
خلاف بين نخبة الاحتلال
والخميس 15 فبراير/شباط 2024، أمر نتنياهو الوفد الإسرائيلي الذي كان من المفترض أن يسافر لاستئناف مفاوضات تبادل الأسرى في القاهرة، بعدم الذهاب.
والثلاثاء، استضافت القاهرة مفاوضات للتوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى بين وفد إسرائيلي برئاسة رئيس الموساد دافيد برنيع، ورئيس المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) ويليام بيرنز، ورئيس المخابرات المصرية عباس كامل، ورئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.
ووقتها، قالت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية إن المفاوضات انتهت، وسط إصرار حركة حماس على موقفها بإنهاء الحرب على قطاع غزة، وهو ما لا تقبله إسرائيل.
فيما نقلت القناة "13" العبرية الخاصة، وقتها عن مسؤول إسرائيلي لم تسمه، أن خلافاً نشب بين النخبتين السياسية والأمنية بإسرائيل حول مشاركة الوفد في محادثات القاهرة.
بحسب المسؤول ذاته، فإن وصول الوفد الإسرائيلي إلى القاهرة كان بهدف إجراء "محادثات مجاملة بناءً على طلب الرئيس الأمريكي جو بايدن".
وسبق أن سادت هدنة بين "حماس" وإسرائيل لمدة أسبوع حتى 1 ديسمبر/كانون الأول الماضي، جرى خلالها وقف إطلاق النار وتبادل أسرى وإدخال مساعدات إنسانية محدودة للغاية إلى غزة، بوساطة قطرية مصرية أمريكية.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرباً مدمرة على قطاع غزة خلفت عشرات آلاف الضحايا معظمهم أطفال ونساء، وفق بيانات فلسطينية وأممية، ما أدى إلى محاكمة إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب "جرائم إبادة"، للمرة الأولى منذ تأسيسها.