قبل يوم واحد من إعلان المسؤولين في موسكو عن وفاته، ظهر المعارض الروسي الشهير أليكسي نافالني في المحكمة، عبر اتصال بالفيديو من "مستعمرة عقابية" روسية وهو يُلقي النكات ويبتسم أثناء حديثه إلى أحد الأشخاص، وقد تبيَّن فيما بعد أنه القاضي، وذلك وفق ما نشرت صحيفة Washington Post الأمريكية في تقريرها، يوم الجمعة 16 فبراير/شباط 2024.
وفي مقطع الفيديو الذي نشرته وكالة Sota الروسية، داعب نافالني- المعروف بخفة الظل والكاريزما- القاضي المسؤول عن قضيته، يوم الخميس 15 فبراير/شباط 2024، إذ قال له نافالني وهو يضحك: "أنا في الانتظار يا حضرة القاضي، سأرسل لك رقم حسابي الشخصي حتى تتمكن من استخدام راتبك الفيدرالي الضخم لتغذية حسابي الشخصي".
جدير بالذكر أن زعيم المعارضة الروسي وأكبر منافس للرئيس فلاديمير بوتين، كان قبل وفاته "الغامضة" ينفذ عقوبة سجن مشتركة تمتد لعقود، داخل "مستعمرة عقابية قاسية"، في الدائرة القطبية الشمالية، وذلك عن تهم تتضمن "التطرف" و"الاختلاس".
نافالني يبتسم ويشكو من نفاد أمواله
قال نافالني بابتسامة في مقطع الفيديو: "بدأت أموالي في النفاد، وسوف تنفد بسرعة أكبر بفضل قراراتك؛ لهذا أرجوك أن ترسل لي بعض المال، وكذلك أنتم يا رفاق في مراكز الاحتجاز".
وأفادت سلطات السجن، يوم الجمعة 16 فبراير/شباط، بأن نافالني "شعر بتوعك" بعد التمشية، "ثم فقد الوعي على الفور تقريباً". وقالوا إن الفريق الطبي فشل في إنعاشه، بينما أشارت التقارير إلى أن نافالني كان يبدو بصحة جيدة نسبياً خلال الأيام التي سبقت الإعلان عن وفاته.
وصرَّحت المحكمة لشبكة RBC الروسية، بأن نافالني "بدا بخير" أثناء جلسة الاستماع يوم الخميس. وذكرت الشبكة أنه "لم يُعرب عن أي شكاوى حيال صحته، وتحدث بشكلٍ نشط، وقدم حججه للدفاع عن موقفه".
محامي نافالني يعلِّق على وفاته
فيما قال محامي نافالني، ليونيد سولوفيوف، لصحيفة Novaya Gazeta الروسية، بعد وقت قصير من انتشار الخبر، إن أحد المحامين قد زار الناشط يوم الأربعاء 14 فبراير/شباط. وأردف: "كان كل شيء على ما يرام".
يأتي ذلك في الوقت الذي قالت فيه جماعة "أو.في.دي-إنفو" الحقوقية إن السلطات الروسية ألقت القبض على 212 شخصاً على الأقل، خلال فعاليات لتأبين المعارض البارز أليكسي نافالني، الذي تُوفي الجمعة، وكان أقوى المعارضين المحليين للرئيس فلاديمير بوتين.
ستكون هذه أكبر موجة من الاعتقالات في الأحداث السياسية في روسيا، منذ سبتمبر/أيلول 2022، عندما احتجزت السلطات أكثر من 1300 شخص خلال مظاهرات ضد "التعبئة الجزئية" لجنود الاحتياط، من أجل الحملة العسكرية في أوكرانيا.
تفاصيل وفاة نافالني
من جانبها أعلنت السلطات أن نافالني، وهو محامٍ سابق عمره 47 عاماً، سقط مغشياً عليه وتوفي بعد جولة سير في مستعمرة بولار وولف العقابية، في القطب الشمالي، حيث كان يقضي عقوبة بالسجن لمدة 30 عاماً.
وقالت "أو.في.دي-إنفو"، المعنية بحرية التجمع في روسيا، إن 212 على الأقل قُبض عليهم في 21 مدينة بأنحاء روسيا، خلال مسيرات عفوية حتى الساعة 1127 بتوقيت غرينتش السبت.
وأضافت أن 109 على الأقل قُبض عليهم في سان بطرسبرغ، كما جرى احتجاز 39 على الأقل في موسكو، وهما أكبر مدينتين في روسيا، وتلقَّى فيهما نافالني معظم تعليمه، ويتركز فيهما أنصاره في الحضر.
كما قالت "في كل مركز شرطة يحتمل أن يكون هناك عدد من المعتقلين أكبر من الموجودين في القوائم المنشورة… ننشر فقط أسماء من نملك بشأنهم معلومات موثوقة، ويمكننا نشر أسمائهم". ولم يتسن لرويترز التحقق بعد من العدد.
وتمت إزالة مئات الزهور والشموع التي وُضعت في موسكو، الجمعة، لتكريم نافالني، وجمعها في أكياس سوداء خلال الليل، وعبَّر الروس الذين أبدوا احترامهم لنافالني عن اليأس الذي أصابهم بعد وفاته.