نشر موقع Middle East Eye البريطاني تقريراً الخميس 15 فبراير/شباط 2024، حول طرق المُهربين التي تساعد السودانيين على الوصول إلى بر الأمان في مصر، لا سيما بعد أن فرضت القاهرة قيوداً مشددة على الطرق القانونية للدخول من السودان منذ بدء الحرب هناك، مما ترك اللاجئين يدفعون للمهربين ذوي العلاقات بالشرطة لنقلهم عبر الحدود.
الموقع البريطاني التقى بسودانيين تمكنوا من الوصول إلى مصر من بينهم المواطنة "إيمان علي" التي قالت: "إن الأمر استغرق ثلاث ليالٍ لعبور الحدود من السودان، موطنهم الذي مزقته الحرب، إلى القاهرة".
مسارات نائية
وبإرشاد من المهربين، سافرت إيمان وطفليها ووالديها عبر مسارات نائية في سيارة من طراز تويوتا هيلوكس، ووصلت إلى مدينة أسوان جنوبيّ مصر بعد اجتياز العديد من العقبات.
وأوضحت إيمان، البالغة من العمر 35 عاماً، والتي تعيش الآن في حي فيصل بالقاهرة: "عندما وصلنا إلى أسوان، كان والداي مريضين وكان طفلاي يعانيان من الجفاف، لأننا كنا نجلس تحت شمس الصحراء الحارقة في سيارة الهايلوكس التي استأجرناها"، مشيرة إلى أن المرشدين الذين أخذوا الأسرة ساعدوا في إبعادهم عن الشرطة المصرية.
كانت إيمان تعمل مهندسةً في السودان قبل اندلاع الحرب، وهي من بين آلاف السودانيين الذين اضطروا للجوء إلى المهربين غير الشرعيين لعبور الحدود إلى محافظة أسوان المصرية.
ورغم ضمان حرية التنقل والإقامة والعمل وملكية العقارات بموجب اتفاقية عام 2004 بين البلدين، فرضت السلطات المصرية قيوداً واسعة النطاق على دخول السودانيين إلى مصر، بما في ذلك الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 50 عاماً والأطفال أقل من 18 عاماً.
فُرِضَت هذه القيود في أعقاب اندلاع الحرب بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في أبريل/نيسان من العام الماضي.
ووفقاً للأمم المتحدة، عبر أكثر من 1.6 مليون شخص حدود السودان إلى البلدان المجاورة منذ ذلك الحين. وقد ذهب حوالي 450 ألفاً منهم إلى مصر، لينضموا إلى نحو أربعة ملايين سوداني يعيشون هناك بالفعل.
طريق صعب
كما سلط تقرير الصحيفة على حالة السودانية "وفاء أحمد" التي انتقلت مع سبعة أفراد آخرين من الأسرة -إخوتها وأخواتها ووالداها- من مدينة أبو حمد شماليّ السودان في ديسمبر/كانون الأول الماضي، ووصلوا إلى أسوان بعد ليلتين على الطريق.
وبحسب الصحيفة: "لقد دفعوا حوالي 300 دولار لوالدي وفاء المسنين للجلوس داخل السيارة الهيلوكس، و250 دولاراً لبقية أفراد الأسرة للجلوس في الجزء الخلفي من السيارة مع الركاب الآخرين".
وأوضحت وفاء، البالغة من العمر 31 عاماً والموجودة الآن في القاهرة: "كان الطريق صعباً للغاية، وقدنا السيارة لمدة 12 ساعة من أبو حمد إلى موقع على الحدود يسمى العبار، حيث قضينا الليل. كان المكان قذراً جداً. لقد دفعنا حوالي 50 دولاراً مقابل غرفة خشبية". وأضافت: "كان الأمر بمثابة كابوس، لم أستطِع النوم".
فيما قالت عائلة أخرى قادمة من أم درمان، المدينة التوأم للعاصمة السودانية الخرطوم، إنها دفعت 500 ألف جنيه سوداني (832 دولاراً) للشخص الواحد مقابل كل مقعد في سيارة لاند كروزر، نقلتهم إلى أسوان في خمسة أيام.
وحول نقاط التفتيش، قالت وفاء إن عائلتها مرت بثلاث نقاط تفتيش سودانية بين أبو حمد والحدود المصرية.
علاقة المهربين بالشرطة
في السياق ذاته، قال محمد أحمد، شقيق وفاء، إنه رأى رجالاً يرتدون زي الشرطة، وقال إن السائقين يعرفون بعضهم البعض جيداً.
وقد لاحظ أشياء غريبة تشير إلى أن المهربين، المصريين والسودانيين، لديهم علاقات مع الشرطة على جانبي الحدود، وخاصة في السودان.
وتابع: "عندما توقفنا عند النقطة خارج أبو حمد، لاحظت أن هذه المنطقة ربما تكون نقطة تجمع للمهربين، لأنني رأيت مركبات أخرى، بما في ذلك هيلوكس ولاند كروزر، قادمة من مدن أخرى في السودان، بما في ذلك عطبرة وأم درمان وبورتسودان".
وبعد أن عبرت إيمان علي وعائلتها الحدود، استبدلوا مرشدهم السوداني وحل محله مرشد مصري طلب المزيد من المال "لأننا كنا بحاجة إلى أن نسلك طريقاً آخر، لأن الشرطة المصرية كانت في طريقهم"، على حد قولها. وأمضت الأسرة الليل في السيارة لتجنب الاعتقال.
قالت إيمان: "عندما وصلنا إلى أسوان، ربطنا المهربون بالسماسرة الذين قدموا لنا شقةً صغيرة لنبيت فيها طوال الليل، وباعوا لنا شرائح اتصال للهواتف المحمولة وتذاكر حافلة إلى القاهرة".
وسلكت وفاء أحمد الطريق نفسه، ودخلت القاهرة فجراً؛ لتجنب نقاط تفتيش الشرطة.
بمجرد وصولهم إلى القاهرة، يتعين على اللاجئين السودانيين التعامل مع الوسطاء، الذين يتوسطون في تسجيلهم لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أو المنظمة الدولية للهجرة، ويجدون لهم شققاً للإيجار ويؤمِّنون احتياجاتهم الأساسية الأخرى.
من جانبه، قال كمال محمود، الذي وصل إلى القاهرة في بداية شهر فبراير/شباط: "لقد خدعنا السماسرة في ما يتعلق باستئجار الشقق وتغيير الأموال، من بين أنواع أخرى من الاستغلال".
"نحن بحاجة حتى إلى دفع تكاليف التسجيل في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. ورغم أن التسجيل مجاني، فقد كنا بحاجة إلى دفع حوالي 500 جنيه مصري للشخص الواحد (16 دولاراً) للقيام بالتسجيل والحصول على بطاقة اللاجئين.
وتمتد طوابير الانتظار أمام مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة في الشارع، حيث ينتظر آلاف اللاجئين السودانيين رؤيتهم.