تجني ملايين الدولارات من المستوطنات.. قصة شركة ألمانية عملاقة “تصر” على دعم عدوان إسرائيل على غزة

عربي بوست
تم النشر: 2024/02/06 الساعة 22:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/02/06 الساعة 22:26 بتوقيت غرينتش
المستشار الألماني شولترز رفقة رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو/الأناضول

كشف موقع The Intercept الأمريكي، في تقرير نشره الثلاثاء 6 فبراير/ شباط 2024، عن جانب من الأسباب التي تجعل شركات ألمانية عملاقة على غرار شركة AXEL SPRINGER تقدم دعمها اللامشروط للاحتلال في عدوانه على قطاع غزة، مؤكدة أن ذلك راجع إلى مصالح اقتصادية لها مع دولة الاحتلال، وعقود ضخمة في المستوطنات، تجني من خلالها ملايين الدولارات.

يمثل دعم إسرائيل سبيلاً من سبل حفظ المصلحة الوطنية بالنسبة لألمانيا، وذلك من أجل التعامل مع ماضيها المظلم من القرن العشرين. وازدادت حدة هذا الالتزام الذي يجتاح وسائل الإعلام في أعقاب هجوم حماس يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وبالتزامن مع الحرب الإسرائيلية اللاحقة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.

مصالح متضاربة

بينما تُجسِّد شركة Axel Springer هذا النهج باعتبارها أكبر دارٍ للنشر في أوروبا، حيث تمتلك صحيفة Bild الألمانية الرائدة وتتبنى موقفاً لا يتزعزع في تأييدها لإسرائيل. وقد نشرت صحيفة Die Welt الألمانية المملوكة للشركة مقالاً افتتاحياً صدر مؤخراً بعنوان: "بارك الله جيش الدفاع الإسرائيلي". بينما كتب الرئيس التنفيذي للشركة على صفحات مجلة Politico الأمريكية، المملوكة لـAxel Springer، أن هتافات "من النهر إلى البحر.. ستتحرر فلسطين" تُعد بمثابة دعوة للإبادة الجماعية بحق اليهود. ويتماشى ذلك الموقف مع إعلان الحكومة الألمانية اعتبار هذا الشعار غير قانوني في نوفمبر/تشرين الثاني.

المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية / أرشيفية
المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية / أرشيفية

مع ذلك فإن الدفاع عن إسرائيل في مواجهة الانتقادات التي تتهمها بانتهاك حقوق الإنسان هو أمر يختلف تماماً عن التربح من تلك الانتهاكات. لكن يبدو أن هذا هو ما تفعله الشركة تحديداً. إذ يُعتبر موقع Yad2 الإسرائيلي المملوك للشركة أكبر موقع إعلانات مبوبة على غرار Craigslist في البلاد؛ حيث ينشر إعلانات عقارية في مختلف أنحاء إسرائيل. وتشمل إعلانات الموقع شققاً للإيجار والبيع في المستوطنات الإسرائيلية التي تُعتبر غير قانونية بموجب القانون الدولي.

في ديسمبر/كانون الأول، نشر Yad2 إعلانه الخاص في صحيفة إسرائيلية من أجل الترويج لمبيعات المنازل عبر موقعه. واحتوى الإعلان المنشور في صحيفة The Marker على العنوان التالي بالإنجليزية: "من النهر إلى البحر"، مع صورةٍ لخريطة إسرائيل وفلسطين بدبابيس معلقة في كافة أنحائها. ولم تكن الخريطة تحتوي على "خطٍّ أخضر" أو أي علامات تفصل بين الحدود الإسرائيلية المعترف بها دولياً وبين الأراضي الفلسطينية المحتلة. وأسفل شعار الاحتجاجات الشهير، ظهرت جملة بالعبرية تقول: "يساعدك موقع Yad2 في التطلع إلى الأمام وبناء مستقبلٍ في منزلك التالي داخل إسرائيل".

دعم الاستيطان

قد يكون إعلان Yad2 بمثابة إشارة وقحة للخطاب الموالي لإسرائيل، كما رآه العديد من المعلقين، لكنه يشير كذلك إلى الكيفية التي تتربح بها شركة Axel Springer من مشروع الاستيطان الإسرائيلي. ويستطيع الأفراد نشر الإعلانات بالمجان على Yad2، كما هو حال Craigslist، لكن يتعين على المعلنين في بعض الفئات دفع المال مقابل نشر الإعلانات -ومنهم وسطاء وتجار العقارات.

وعثر موقع The Intercept الأمريكي على آلاف العقارات المعروضة للبيع والإيجار داخل المستوطنات غير القانونية في الضفة الغربية الفلسطينية المحتلة. وضمت تلك العقارات أكثر من 1.000 إعلان مدفوع الأجر من شركات الوساطة. وهذا يعني أن منصة Yad2، وشركة Axel Springer بالتبعية، قد جنت المال من تلك الإعلانات. وكانت بعض الإعلانات لمنازل في البؤر الاستيطانية أو المستوطنات التي تُعد غير قانونية حتى بموجب القانون الإسرائيلي، وفقاً للخبير الذي فحص الإعلانات لصالح الموقع الأمريكي، بينما ظهرت إعلانات أخرى لبيوت مبنية على أراضٍ فلسطينية خاصة استولى عليها الجيش الإسرائيلي لأغراض أمنية -لكنها صارت تستضيف المستوطنين اليهود الآن.

مستوطن مسلح بالضفة الغربية/ أرشيفية، رويترز
مستوطن مسلح بالضفة الغربية/ أرشيفية، رويترز

فيما قال عمر شاكر، مدير مكتب إسرائيل وفلسطين في منظمة هيومن رايتس ووتش، إن نشر الإعلانات التي تروّج للصفقات العقارية في المستوطنات الإسرائيلية يمثل مساهمةً في -واستفادة من- انتهاكات حقوق الإنسان.

وأشار شاكر إلى أن الفلسطينيين لا يمكنهم شراء أو استئجار عقارات في المستوطنات المخصصة لليهود فقط -سواء الفلسطينيين عديمي الجنسية في الضفة الغربية وقطاع غزة أو من يقطنون القدس وإسرائيل ويحملون هويات أو جنسية إسرائيلية.

وأردف شاكر في حديثه إلى الموقع الأمريكي: "إن الشركات المنخرطة في هذا المجال تستفيد من منظومة تُميّز ضد الفلسطينيين بشكلٍ منهجي وتحرمهم من تراخيص وموارد البناء، وكذلك الطرق والبنية التحتية. وتساعد تلك الشركات أيضاً في جعل المستوطنات أكثر استدامةً من الناحية الاقتصادية، لتساهم بذلك في زيادة ترسيخ السلوك الاستيطاني".

Yad2 في المستوطنات

بعد تأسيسه عام 2005، تحول موقع Yad2 إلى أكبر منصة للإعلانات المبوبة في إسرائيل. ويستطيع المستخدم أن يبحث عن أي شيء في الموقع، بدايةً بالحيوانات ووصولاً إلى الأسلحة. لكن نمو الموقع كان معتمداً في البداية على قوة إعلاناته العقارية ومبيعات السيارات المستعملة -ولا تزال هذه الفئات هي الأكثر رواجاً على الموقع حتى الآن، وتظهر بشكلٍ بارز في أعلاه.

تقودك علامة تبويب الشقق المخصصة للبيع إلى عدد ضخم من إعلانات العقارات، بما في ذلك نحو 1.300 شقة وعقار تجاري داخل مستوطنات يهودية في الضفة الغربية المحتلة فقط، وذلك حتى منتصف يناير/كانون الثاني. ويستطيع مستخدمو Yad2 العثور كذلك على نحو 1.000 شقة سكنية للإيجار داخل المستوطنات المخصصة لليهود فقط. ومن بين تلك المعروضات، شكّلت الإعلانات مدفوعة الأجرة من الوسطاء أكثر من 800 إعلان بيع، وأكثر من 100 إعلان إيجار، وأكثر من 100 إعلان للعقارات التجارية.

وتضمنت قوائم Yad2 عقارات معروضة للشراء أو الإيجار في مجموعة من أكثر مستوطنات الضفة الغربية تطرفاً من الناحية الأيديولوجية. وضمت قائمة المستوطنات المذكورة كلاً من كوخاف هشاحر، وكدوميم، وتلمون، وشيلو، وعيلي، وبسجوت، وتكواع، وعتنائيل، وسوسية. وتستقبل تلك المستوطنات اليهود الإسرائيليين حصراً، كما هو حال غالبية المشروعات الاستيطانية الإسرائيلية في الضفة الغربية.

تحميل المزيد