كشفت مصادر لـ"عربي بوست"، الأربعاء 31 يناير/كانون الثاني 2024، عن عودة تحركات دولية للدفع إلى حل سياسي في لبنان، وذلك بهدف تهدئة الأوضاع في جنوبه، مع تصاعد التوترات على حدوده مع الأراضي المحتلة، منذ عملية طوفان الأقصى 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
الهدف من تحرك "الخماسية الدولية" التي تتابع الملف اللبناني (الولايات المتحدة وقطر والسعودية وفرنسا ومصر)، "منع تدهور الصراع بين حزب الله وإسرائيل إلى ما هو أخطر، ومحاولة اندلاع حرب بينهما"، في ظل الانشغال الدولي والإقليمي بملف قطاع غزة.
حراك اللجنة "الخماسية الدولية" في لبنان
يعود الاهتمام الخارجي بالوضع اللبناني، في أكثر من ملف، في مقدمة ذلك الدفع بإنجاز الاستحقاق الرئاسي، وتكليف رئيس جديد للحكومة، والبحث عن كيفية إعادة الاستقرار في جنوب البلاد.
بحسب مصدر دبلوماسي عربي لـ"عربي بوست"، فإن الملفين السابق ذكرهما، كانا محور الاجتماع الذي عقد الثلاثاء 30 يناير/كانون الثاني 2024، بين رئيس مجلس النواب نبيه بري وسفراء الدول الخمس: السعودي وليد البخاري، والقطري سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، والأمريكية ليزا جونسون، والمصري علاء موسى، والفرنسي هيرفيه ماغرو.
وضع السفراء أمام بري خارطة طريق تمّ العمل عليها خلال الاجتماع الخماسي الذي عقد في منزل السفير السعودي منذ أسبوع مضى، بحسب المصدر، الذي قال إن رئيس البرلمان اللبناني أبدى تأييداً لكل الأفكار التي عرضها السفراء.
زيارة السفراء إلى بري، ستتبعها أخرى لاحقاً إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وحزب الله والكتل المسيحية والسنية وكتلة التغيير، وذلك "لإظهار موقف موحد للدول الخمس، بدون الدخول في التفاصيل أو الأسماء أو المرشحين، خاصة بعد الخلاف الحاصل بين سفراء واشنطن والرياض حيال طريقة إدارة الملف"، بحسب المصدر ذاته.
النائب في كتلة بري (التنمية والتحرير)، قاسم هاشم، قال لـ"عربي بوست"، بشأن الاجتماع مع السفراء، إن "بري خرج منه متفائلاً، مع شعوره أن أصدقاء لبنان حريصون على أن تتمم الاستحقاقات الدستورية، وأن يمنعوا أي مغامرة إسرائيلية تستغل الفراغ الحاصل لتوجيه ضربة للبنان"، وفق قوله.
أشار كذلك إلى أن "بري وعد السفراء بأنه سيعمل هو على تحضير الأرضية اللازمة للمباشرة في البحث بين الكتل عن كيفية الوصول إلى توافق على مرشح رئاسي، عبر حوارات ثنائية أو جماعية، والتوافق على الصيغ المطلوبة، وعدم إشعار المسيحيين أنهم خارج الاستحقاق".
اقتراح أمريكي- قطري
كشف مصدر دبلوماسي غربي لـ"عربي بوست"، عن وجود اقتراح أمريكي- قطري، بعقد الاجتماع الخماسي المقبل في مقر البرلمان في بيروت، وأن يشارك فيه الموفد الأمريكي آموس هوكشتاين والفرنسي جان إيف لودريان والسعودي نزار العلولا، ووزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد الخليفي، إضافة لممثل عن وزير الخارجية المصري سامح شكري.
عن الهدف من عقد الاجتماع في بيروت، أوضح أن "المقاربات التي يناقشها ممثلو هذه الدول تنطلق من مجموعة ثوابت لدى الخماسية، في مقدمتها أن الملف المطروح شأن لبناني داخلي، لذا وجبت مقاربته مع الكتل البرلمانية تحت قبة البرلمان في لبنان"، وأنه "يجري العمل على تحديد موعد لانعقاد الاجتماع، وبرنامج عمله، وسقف المطالب التي ستنتج عنه.
الهدف الثاني "يتمثل بتشكيل مظلة أمان دولية- إقليمية في لبنان، تمنع أي محاولة إسرائيلية لضرب البلاد".
لفت المصدر أيضاً إلى أن "الفكرة تتزامن مع الجهود الحاصلة لتقريب وجهات النظر بين الدول الخمس حول الشأن اللبناني، بعد حالة التوتر التي شابتها العلاقة بين فرنسا والسعودية من جهة، والولايات المتحدة من جهة أخرى".
وقال: "يجري التركيز على ألا يتحدث طرف باسم الدول الخمس من دون التوافق بين بقية أعضاء المجموعة، خاصة أن المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان كان يتحرك بشكل منفصل عن المجموعة، منتظراً ما سيتم إقراره في أي اجتماع خماسي سيعقد على مستوى المندوبين، ليزور بعدها لبنان".
هذه الاتصالات تجري، بحسب المصدر، بالتزامن مع الجولة التي يجريها الموفد القطري جاسم بن فهد آل ثاني على المسؤولين اللبنانيين، ولقاءاته مع حزب الله ورئيس البرلمان نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية.
ترسيم الحدود البرية
في إطار متصل، أشار المحلل السياسي اللبناني إبراهيم ريحان، في حديثه لـ"عربي بوست"، إلى أن جهود الخماسية "لا تنفصل عن المساعي المستمرة في سبيل الوصول إلى حل للوضع المتوتر في جنوب البلاد، ووقف كل أشكال التصعيد".
وقال إن هذه التحركات الجديدة، تأتي "في ظل المساعي الأمريكية- العربية بهدف استبعاد خيار الحرب، لذلك زار وفد عسكري بريطاني إسرائيل، وكذلك وفد آخر فرنسي، بشكل منفصل، للبحث في كيفية الوصول إلى آلية تطبيق القرار الدولي الصادر عن مجلس الأمن الدولي 1701 عقب حرب تموز 2006، وتجنب التصعيد ومنع حصول حرب".
بحسب ريحان، فإن ما يتم اقتراحه أيضاً هو ربط هذا السياق، بالمسارات السياسية، من خلال تسوية شاملة، وتثبيت الاستقرار عبر ضمانات يقدمها حزب الله و"إسرائيل".
وفقاً لريحان، فإن "العمل جارٍ لإيجاد الصيغ اللازمة لتثبيت الاستقرار ومراقبة هذه الآليات، عبر بروز اقتراح أمريكي- بريطاني بإنشاء أبراج مراقبة على طول الحدود الجنوبية، مشابهة للأبراج البريطانية التي تم بناؤها في عام 2014 على طول الحدود اللبنانية مع سوريا، حيث تم بناء هذه الأبراج لمراقبة الحدود في إطار التصدي لعناصر تنظيمي الدولة والنصرة، ومنعهم من الدخول إلى لبنان".
وأضاف أن التحركات الخارجية تأتي كذلك "استكمالاً لخط التفاوض الجاري برعاية الأمم المتحدة وإشراف الولايات المتحدة وفرنسا وقطر في إنجاز عملية ترسيم الحدود البرية، ووقف العمليات العسكرية، والذهاب للانسحاب الإسرائيلي أولاً من قرية الغجر، وثانياً مزارع شبعا".
يُشار إلى أن الحدود بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي تشهد منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، توتراً وتبادلاً متقطعاً للنيران بين الجيش الإسرائيلي من جهة، و"حزب الله" وفصائل فلسطينية أخرى في لبنان.
يأتي التصعيد على إثر العدوان الإسرائيلي المدمر ضد قطاع غزة، الذي أودى بحياة أكثر من 26 ألف شهيد، غالبيتهم من الأطفال والنساء، وأكثر من 65 ألف جريح فلسطيني، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 بعد انطلاق عملية طوفان الأقصى لفصائل المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي.
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة للمعلومات التي تأكدنا من مصداقيتها من خلال مصدرين موثوقين على الأقل. يرجى تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو سلامتها.