كليجدار أوغلو يعود للواجهة مجدداً.. طوارئ في “الشعب الجمهوري” قبيل إعلان مرشحيه، والخلافات بذروتها

عربي بوست
تم النشر: 2024/01/26 الساعة 09:18 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/01/26 الساعة 09:37 بتوقيت غرينتش
استعان رئيس حزب الشعب الجمهوري الحالي بسابقه كمال كليجدار أوغلو - رويترز

أعلن حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة في تركيا، "حالة الطوارئ" في مقره العام بالعاصمة أنقرة، استعداداً لإعلان القوائم النهائية لمرشحيه في الانتخابات المحلية المقررة في 31 مارس/آذار 2024، وسط تصاعد الخلافات الداخلية بين قياداته، وصلت إلى رجوع الرئيس السابق للحزب كمال كليجدار أوغلو إلى الواجهة مجدداً.

بعد خلافات طويلة بين الأجنحة المختلفة، استقرت قيادة الحزب على إعلان قوائم المرشحين الجمعة 26 يناير/كانون الثاني 2024.

أعلن حزب الشعب الجمهوري عن مرشحيه في 622 دائرة انتخابية حتى الآن في تركيا، واستكمل استطلاعات الرأي داخل أروقة الحزب لنحو 700 دائرة أخرى لم يعلن فيها مرشحيه.

الخلافات الداخلية

في حين يستعد العدالة والتنمية لإعلان برنامجه للانتخابات المحلية في 30 يناير/كانون الثاني 2024؛ فإن الوضع في حزب الشعب الجمهوري لا يسير على الوتيرة ذاتها؛ إذ لا يزال البحث عن مرشحي التحالفات ومرشحي الحزب قائماً.

بحسب الكاتب التركي تونجا بنجين، فإن هناك حالة من الارتباك، سببها تغيير قيادة الحزب في نوفمبر/تشرين الثاني 2023؛ بعد تشكل العديد من التيارات والأجنحة داخل أروقة الحزب، وبات الصراع والتسابق بينها معلوماً للجميع.

في الجبهة الأولى، يقف رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو، في مواجهة رئيس الحزب الحالي أوزغور أوزيل؛ فيما تشتغل الكواليس الداخلية للحزب بمنافسة حامية الوطيس مع رئيس الحزب السابق كمال كليجدار أوغلو الذي ظل يقود الحزب من المقر لأكثر من 10 سنوات.

كان إمام أوغلو تحالف مع أوزيل لإنهاء عهد كمال كليجدار أوغلو - رويترز
كان إمام أوغلو تحالف مع أوزيل لإنهاء عهد كمال كليجدار أوغلو – رويترز

يرى الكاتب الصحفي أنه عندما يكون هناك الكثير من مراكز السلطة داخل حزب سياسي، فسيكون هذا هو الحال الذي لا مفر منه عند اختيار المرشحين؛ خاصة في بلديات مثل كاديكوي وباكيركوي وبشيكتاش في إسطنبول، ومناطق أخرى في إزمير، التي يُنظر إليها على أنها معاقل لحزب الشعب الجمهوري. 

عودة كمال كليجدار أوغلو

في محاولة حسم الخلافات داخل أروقة المقر، التقى رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل مع رئيس الحزب السابق كمال كليجدار أوغلو في العاصمة أنقرة مؤخراً. 

لم يتم الإدلاء بأي بيانات بشأن سبب الزيارة، أو اللقاء؛ إلا أن مقربين من حزب الشعب الجمهوري أرجعوا الاجتماع إلى "ذوبان أصوات الحزب"، مشيرين إلى أن أوزيل استشار كمال كليجدار أوغلو في عمليات الترشيح والاختيار الجارية للانتخابات القادمة.

كشف الصحفي المؤيد لحزب الشعب الجمهوري، شعبان سيفينتش، أن أوزيل قال لكمال كليجدار أوغلو خلال الاجتماع: "نحن بحاجة إليك، اذهب إلى الميدان في الانتخابات التركية وادعم مرشحي الحزب"، لكن الأخير -بحسب سفينتش- رفض هذا الطلب.

الخلافات بين أكرم إمام أوغلو وكمال كليجدار أوغلو أدت إلى عدم التجديد للأخير - رويترز
الخلافات بين أكرم إمام أوغلو وكمال كليجدار أوغلو أدت إلى عدم التجديد للأخير – رويترز

أرجع الكاتب الصحفي هذا الرفض بسبب الانتقادات التي وجهت للرئيس السابق كمال كليجدار أوغلو في معسكر أنطاليا، حين اجتمع حزب الشعب الجمهوري لاختيار مرشحيه، فيما قال بعض النواب إن الانتقادات التي تم التعبير عنها داخل الحزب ضد كليجدار أوغلو كانت "غير عادلة".

وقال مناصروه: "رئيسنا السابق بحاجة إلى استرضاء". وفي هذا السياق، ذكر سيفينتش، أن أوزيل سيزور كليجدار أوغلو في مكتبه، وأنه سيطلب دعمه لعملية الانتخابات التركية المحلية، والأخذ بآرائه.

وكان كمال كليجدار أوغلو أسس مكتباً للاستشارات بعد انتهاء ولايته رئيساً لحزب الشعب الجمهوري، في العاصمة التركية أنقرة، بعد خسارته انتخابات رئاسة الحزب أمام منافسه أوزغور أوزيل، منتصف نوفمبر/تشرين الثاني 2023.


أعلن كمال كليجدار أوغلو، الذي ودّع فترة رئاسته لأكبر أحزاب المعارضة التركية التي دامت 13 عاماً؛ أنه سيواصل السياسة النشطة من العاصمة التركية، واختار منطقة مصطفى كمال في أنقرة؛ حيث يقع المقر الرئيسي لشركاء الطاولة الستة، حزب الجيد والمستقبل والديمقراطية والتقدم، ليكون مكتبه.


يقع مكتب كمال كليجدار أوغلو في مبنى منفصل، بجوار رئيس حزب الجيد ميرال أكشنار، ورئيس حزب الديمقرطية والتقدم علي باباجان، ورئيس حزب المستقبل أحمد داود أوغلو.


يسعى كذلك لافتتاح مكتب عمل آخر له في مدينة إسطنبول، ومن المتوقع أن يكون لمكتبه تأثير في توجيه أنشطة الحزب في المستقبل، خاصة من أنصاره داخل المقر.

الصراع داخل المقر 

من جانبه، يرى الباحث في مركز "سيتا" للدراسات في تركيا، باقي لالي أوغلو، أن هناك صراعاً بين الفرق داخل مقر الحزب، خاصة بعدما أصبح أوزغور أوزيل رئيساً للحزب؛ لكنه حتى اللحظة لم يتمكن من أن يكون زعيماً يتوافق عليه الجميع.

أوضح كذلك أن المنصب الذي يشغله أوزغور أوزيل رئيساً لحزب الشعب الجمهوري لم يصل إليه أوزيل بجاذبيته الشخصية؛ بل ضرورة التغيير داخل أروقة الحزب؛ التي كان يقود عجلتها أكرم إمام أوغلو.

لكن هذا الأمر ترى فيه قيادات داخل الحزب بأنه لم يكن بهدف التغيير بالنسبة لإمام أوغلو، بقدر ما كان بهدف دعم مسار حياته السياسية، وترشحه لانتخابات الرئاسة التركية القادمة عام 2028.

أضاف الباحث التركي في حديثه مع "عربي بوست"، أن "هناك محاولات من قبل أكرم إمام أوغلو خلف الكواليس؛ لتقديم نفسه إلى القاعدة الشعبية للحزب، وليس إلى إسطنبول فقط".

وقال إنه بسبب ذلك، أصبح أوزغور أوزيل متحدثاً رسمياً، وجسراً بين الفصائل المتناحرة داخل الحزب، أكثر من كونه رئيساً لأكبر أحزاب المعارضة التركية. 

أوضح لالي أوغلو أن تحقيق التغيير من عدمه داخل أروقة الحزب، أمر بعيد المنال ويتجاوز قدراته؛ بسبب عدم امتلاكه ما يلزم من الموظفين الذين يدينون له بالولاء، إلى جانب افتقاد الكاريزما والسلطة.

التحالف مع الأكراد في تركيا

يسعى أكرم إمام أوغلو للتحالف مع حزب الديمقراطية والمساواة في تركيا، لتعويض غياب التحالف مع حزب الجيد، الذي قدم مرشحاً منافساً له في الانتخابات التركية القادمة. 

يرى الكاتب الصحفي التركي فؤاد بول، أن أكرم إمام أوغلو تَفوق على كمال كليجدار أوغلو؛ بعدما دفع حزب الشعب الجمهوري للتعاون مع ممثل الأكراد.

واعتبر أن "طموح أكرم إمام أوغلو يغطي على عقله، لدرجة أنه لا يرى أدنى ضرر في تحالف حزب مؤسس الجمهورية التركية مع حزب الديمقراطية والمساواة الكردي".

تابع أن "ممثل الأكراد يحاول الاستفادة من هذا الوضع، ويتلاعب بحزب الشعب الجمهوري"، وأن "من دلائل ذلك عدم دعم حزب الشعب الجمهوري، بيان مجلس الأمة التركي، الذي أدان الإرهاب ضد جنود الجيش التركي، ليقف إلى جانب حزب الديمقراطية والمساواة في رفض التوقيع على الإعلان المشترك، الذي يدين العملية الإرهابية التي استهدفت الجيش التركي".

مناورة دميرطاش 

في هذا السياق، أعلنت باشاك دميرطاش، زوجة الرئيس السابق لحزب الشعوب الديمقراطي في تركيا، صلاح الدين دميرطاش، المحبوس حالياً في سجن أدرنة بتهم دعم الإرهاب، عن احتمال ترشحها لبلدية إسطنبول الكبرى.

من الشائع، بحسب محللين أتراك، أن باشاك دميرطاش لم تكن لتدلي بمثل هذا التصريح دون علم زوجها، على الرغم من وجود أحاديث داخل مجالس الحزب الكردي حول ما إذا كان سيقدم مرشحاً، أو من سيكون مرشحاً في الانتخابات التركية القادمة.

يرى الباحث في مركز "سيتا" للدراسات في تركيا، باقي لالي أوغلو، أن إعلان باشاك دميرطاش يأتي ضمن محاولة زوجها إظهار نفسه داخل أروقة حزب ممثل الأكراد، الذي يشهد منافسة كبيرة هو الآخر، على من يسيطر عليه، خاصة وأن الحزب يتكون من أحزاب كردية عدة.

أشار لالي أوغلو إلى أن إعلان ديميرطاش يأتي أيضاً ضمن محاولات المفاوضات التي يخوضها الحزب الكردي مع حزب الشعب الجمهوري، التي لا تزال مستمرة حتى هذه اللحظة، متوقعاً أن يدعم الحزب الكردي أكرم إمام أوغلو في الانتخابات التركية المحلية القادمة؛ بعد حصوله على مكاسب من أكبر أحزاب المعارضة التركية.

يذكر أن التعاون الانتخابي بين حزب الديمقراطية والمساواة الشعبية وحزب الشعب الجمهوري سيتقرر الأسبوع الجاري. 

بينما كانت محادثات التعاون الانتخابي مع حزب الشعب الجمهوري تقترب من نهايتها، قالت باشاك دميرطاش للصحفي عرفان أكتان: "لم نتلق بعد اقتراحاً من حزبنا، لتسمية مرشح في إسطنبول، ولكن إذا كان الناس يريدون ذلك، وإذا رأى الحزب ترشيحي مناسباً؛ فأعتقد أن ذلك سيمهد الطريق للديمقراطية والسلام الاجتماعي".

يشار إلى أن انتخابات البلدية في تركيا من المتوقع أن تشهد منافسة حامية بين حزب العدالة والتنمية والشعب الجمهوري في بلديات المحافظات الكبرى الثلاث في البلاد، إسطنبول وأنقرة وأزمير.

تحميل المزيد