ما هو جيش العدل البلوشستاني، ولماذا تشكل هذه العرقية وتراً حساساً بين إيران وباكستان دفعة واحدة؟

عربي بوست
تم النشر: 2024/01/21 الساعة 15:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/01/21 الساعة 15:35 بتوقيت غرينتش
يعاني سكان الإقليم من المسلمين السنة من تردي الوضع المعيشي والفقر - Shutterstock

بعدما أعلنت وكالة "إرنا" الإيرانية للأنباء الثلاثاء، 16 يناير/كانون الثاني 2024، أن طهران استهدفت مقرين لجماعة "جيش العدل البلوشستاني" في باكستان، شهدت المنطقة تصعيداً خطيراً بين البلدين كان التمرد البلوشي هو نقطة الارتكاز فيها. فما هو جيش العدل في بلوشستان، ولماذا تشكل هذه العرقية وتراً حساساً بين إيران وباكستان وأفغانستان دفعة واحدة؟

البلوش بالزي التقليدي - أرشيف
البلوش بالزي التقليدي – أرشيف

جيش العدل البلوشستاني في إيران

"جيش العدل" البلوشستاني هو جماعة إيرانية معارضة، تأسست على أنقاض حركة "جند الله" البلوشية، عقب إعدام طهران زعيمها عبد المالك ريغي في يونيو/حزيران 2010.

إذ جرى تشكيل جماعة جيش العدل بمبايعة عبد الرحيم ريغي شقيق عبد المالك ريغي نهاية عام 2012 وعيّن عبد الرحيم ملا زاده أميراً للجماعة، وانضمت إليها خلال سنوات عدة جماعات مسلحة معارضة للنظام الإيراني.

وأكدت الجماعة الجديدة عقب تبنيها عمليات مسلحة عام 2012 أن هدفها الرئيسي هو النضال المسلح من أجل استعادة حقوق البلوش وتحقيق المساواة في حقوق أهل السنة مقارنة بالشيعة داخل إيران.

وتؤمن الجماعة بالنضال المسلح لاستعادة حقوق البلوش وأهل السنة ضد ما تصفه بالتمييز الطائفي من النظام الإيراني. وهو يُعد من أبرز التنظيمات المسلحة داخل إيران وفي محافظة سيستان وبلوشستان جنوب شرقي البلاد.

نشط تنظيم جيش العدل في محافظة سيستان وبلوشستان الواقعة جنوب شرقي إيران، ويتخذ منها منطلقاً لتنفيذ عملياته في المناطق الشرقية الإيرانية.

جيش التحرير البلوشستاني في باكستان

من جانب آخر، جيش التحرير الوطني لبلوشستان، المعروف باسم "بي إن إيه – BNA"، هو حركة قومية انفصالية تستهدف الجيش الباكستاني ومؤسسات الدولة بالعديد من الهجمات، خاصة في إقليم بلوشستان.

ونتيجة لتشارك إقليم بلوشستان بين باكستان وإيران وأفغانستان، برز "جيش العدل" كمعارضة مسلحة ناشطة في إقليم بلوشستان، المنطقة الفقيرة التي تقع على الحدود مع باكستان وأفغانستان.

تم تأسيس جيش بلوشستان الوطني بشكل رسمي بعد اندماج كل من "جيش بلوشستان الجمهوري" الذي أُسّس عام 2006 بعد مقتل القيادي البلوشي نواب أكبر بوجاتي، و"جيش بلوشستان المتحد" الذي انشق عن "جيش تحرير بلوشستان" بعد خلافات بين الأخوين من قبيلة المري هيرباير ومهران، ثم انشق فصيل آخر منه تحت قيادة مُريد بلوش.

وهو يطالب باستقلال أكبر لإقليم بلوشستان عن باكستان وصد التدخلات الإيرانية، وباستثمار المزيد من الموارد الاقتصادية في المنطقة، والتوقف عن استغلال الموارد الطبيعية للإقليم عبر الاستثمارات الصينية التي يصفها بـ"الاحتلال".

يعاني سكان الإقليم من المسلمين السنة من التهميش - Shutterstock
يعاني سكان الإقليم من المسلمين السنة من التهميش – Shutterstock

هوية جيش بلوشستان الوطني في باكستان

يُعد "جيش بلوشستان الوطني" أحد المكونات الأساسية لتحالف الحركات القومية الانفصالية البلوشية المعروفة باسم "بلوش راجي آجوي سنغار"، الذي أُسّس عام 2018.

ويضم هذا التحالف حركات قومية أخرى مثل "جيش تحرير بلوشستان" و"جبهة تحرير بلوشستان" و"الحرس الجمهوري البلوشي". كما يضم التحالف جماعة انفصالية مسلحة من إقليم السند المجاور تعرف باسم "جيش السندوديش الثوري".

ينتمي أغلب مقاتلي "جيش بلوشستان الوطني" إلى قبائل "بوجتي"، كما يضم طلاباً من المناطق الحضرية في بلوشستان.

ويتبنى التنظيم رؤية مفادها أن الجيش الباكستاني "يحتل إقليم بلوشستان، ويسرق موارده الطبيعية أو يوزعها بطريقة غير عادلة"، بالإضافة إلى "التمييز، وإعطاء الوظائف والمناصب للعرقيات الأخرى التي تسكن بلوشستان، في تهميش للسكان البلوش الأصليين".

أما بالنسبة لأيديولوجية "جيش بلوشستان الوطني"، فهي تقوم على المبادئ القومية الانفصالية بوجه خاص، وتميل إلى اعتبار أن الهوية العرقية البلوشية تسبق أي اعتبارات دينية.

تأثير تمرد البلوش في المنطقة

اكتسب التمرد البلوشي أهمية متزايدة بعد بروز الصين كأهم مستثمر في الإقليم، حيث يرى قادة الحركات الانفصالية أن الاستثمار الصيني بمثابة "احتلال وسرقة لموارد المنطقة"، ولذلك ركز "جيش بلوشستان الوطني" وغيره من الحركات البلوشية على استهداف المشاريع والعمال والمصالح الصينية.

في المقابل، تتهم باكستان حركات التمرد البلوشية بشكل عام بتلقي دعم خارجي، خاصة من الهند والحكومة الأفغانية السابقة، بحسب إذاعة مونت كارلو الدولية.

وخلال عهد الرئيس الأفغاني السابق أشرف غني، كان لدى "جيش تحرير بلوشستان" معسكرات في أفغانستان، وكان العديد من قادته يقيمون في كابل.

لكن بعد أغسطس/آب عام 2021، طردت حركة طالبان جيش تحرير بلوشستان من أفغانستان.

من جانبها، أعلنت الحكومة الأمريكية والمملكة المتحدة الجيش منظمة إرهابية، ما أضفى شرعية دولية على العمليات العسكرية للحكومة الباكستانية في بلوشستان.

خان البلوش في إيران 1884 - أرشيف
خان البلوش في إيران 1884 – أرشيف

الأبعاد التاريخية

يشار إلى أن منطقة سيستان وبلوشستان حكمتها السلالات المغولية المتعاقبة، وصولاً إلى اجتياحها خلال القرن الـ16 من الصفويين، وانتهاء بالاستعمار البريطاني الذي فصل المنطقة عن أفغانستان وألحقها بالأراضي الإيرانية، وهو ما أثار الكثير من النزاعات السياسية ذات الخلفية العرقية والطائفية.

وبحكم تركيبتها العرقية والمذهبية المعقدة وموقعها الجغرافي تعتبر المنطقة ذات أهمية خاصة لدى السلطات الإيرانية، ولا سيما أن السنوات الأخيرة شهدت تنامي المطالبات بالانفصال في أجزاء بلوشستان الثلاثة في كل من إيران وباكستان وأفغانستان لتأسيس الدولة البلوشية.

وقد ألحقت طهران الإقليم بأراضيها عام 1928، ويعد من أكبر المحافظات الإيرانية، فيما انضم جزء منه إلى باكستان بعد عام على قيامها عام 1947 ليصبح رابع أقاليمها.

تحميل المزيد