منذ إعلان انتخاب المغرب رئيساً لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الأربعاء 10 يناير/كانون الثاني 2024، تعالت أصوات حقوقية تُطالب بالإفراج عن المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي.
ووجّه الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان، رسالة مفتوحة إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش، تطالبه بالمبادرة إلى ضرورة "وقف ظاهرة الاعتقال لأسباب سياسية أو حقوقية أو نقابية، أو بسبب الرأي والتعبير، وهذا بالطبع يفرض الإفراج الفوري عن كل المعتقلين السياسيين".
وتقصد رسالة الائتلاف (من 22 هيئة حقوقية)، "معتقلي الرأي، والصحفيين والمدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان، والمدونين، ورواد التواصل الاجتماعي ومناضلي الحركات والاحتجاجات الاجتماعية، وفي مقدمتهم معتقلو حراك الريف".
انفراجة حقوقية متوقعة
مصدر جيد الاطلاع على ملف المعتقلين السياسيين داخل المجلس الوطني لحقوق الإنسان (حكومي) قال لـ"عربي بوست" إن "المجلس حاول التدخل في الملف سابقاً، لكنه واجه صعوبات مع المعتقلين أنفسهم، الذين رفضوا وساطة المجلس".
وأضاف المتحدث، الذي فضل عدم ذكر اسمه، نظراً لحساسية الملف، قال إن "عائلات المعتقلين بدورها رفضت أي إمكانية لتدخل المجلس، بسبب موقفهم الشخصي من مواقف وتقارير المجلس".
وقال المتحدث: "الملف اليوم عند أعلى سلطة في البلاد، وهو من بيده العفو عن المعتقلين وتحقيق انفراج حقوقي يحتاجه المغرب اليوم قبل أي وقت مضى، وعلى ضوء ترؤس المغرب لمجلس حقوق الإنسان".
ويعتقد نفس المصدر، أنه "ربما الأيام أو الشهور المقبلة قد تأتي بجديد بخصوص الملف، خاصة أن الأنظار كلها متجهة نحونا دولياً بسبب ترأس مجلس حقوق الإنسان، إلى جانب الإعداد للمونديال الذي يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار، إذ يبدأ المنتظم الدولي بالحديث عن الوضع الحقوقي في الدولة المُنظمة".
وقال المتحدث: "أتوقع انفراج ربما في المستقبل القريب، لكن يجب على الطرف الآخر من المعتقلين في مختلف الملفات أن تكون لينة، وأن يكون هناك تنازل من الطرفين لكي يتحقق الانفراج".
ورفض بعض المعتقلين في أكثر من مرة تدخل المؤسسات الحقوقية، كما أنهم رفضوا طلب العفو الملكي في مناسبات وطنية أو دينية، خصوصاً المعتقلين على خلفية احتجاجات الحسيمة (شمال) أو ما يُعرف بـ"حراك الريف".
ويوجد في السجون المغربية حتى الآن، 9 من معتقلي "حراك الريف" 3 منهم محكومون بـ20 سنة، و2 منهما بـ15 سنة، وواحد بـ10 سنوات، وآخر بـ6 سنوات.
ويذهب بعض الفاعلين، إلى أن المغرب لم ينتصر فقط في استحقاق رئاسة مجلس حقوق الإنسان، بل أضاف رهاناً جديداً من موقع رئاسة، ما يجعل المؤسسات الوطنية المعنية بحماية حقوق الإنسان في قلب التحول الحقوقي، وعلى رأسها المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي يطرح السؤال دائما حول دوره في حل أزمة المعتقلين.
مئات من معتقلين في السجون
من جهته، قال فاروق مهداوي، نائب رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (غير حكومية) إن "المؤسسات الوطنية المعنية بحماية حقوق الإنسان بالمغرب، والحديث هنا عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومؤسسة الوسيط والمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان وأيضاً مندوبية السجون، كلها مؤسسات لا تلعب اليوم دوراً لصالح حقوق الإنسان".
وأضاف المهداوي في تصريحه لـ"عربي بوست" أن "جزءاً كبيراً من التقارير الأخيرة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، يفتقر للموضوعية، ويفتقر للمنهجية الحقوقية في التعاطي مع بعض الظواهر والأحداث التي شهدتها بلادنا، وهو راجع لعدم استقلالية المؤسسة عن أجهزة الدولة التنفيذية".
وشدد الفاعل الحقوقي والسياسي، على أنه "لا يمكن الحديث عن احترام الحقوق والحريات اليوم في المغرب دون انفراج سياسي شامل؛ وهو انفراج سياسي يجب أن ينطلق بالإطلاق الفوري لسراح جميع المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي بالمغرب".
ولفت مهداوي، أن "ما يفوق المئات من المعتقلين السياسيين يوجدون في السجون المغربية، رغم بروز بعض الأسماء المعروفة، إلا أنه يوجد عشرات آخرين اعتقلوا فقط بسبب تدوينة على فيسبوك، أو بسبب التعبير عن آرائهم بسبب قضايا سياسية في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي".
ويناضل الحقوقيون في المغرب لتعزيز وحماية الحقوق والحريات في بلادهم، آملين أن تتم تسوية عاجلة وحكيمة للملفات العالقة، رغم كل "التقدم" المفترض على مستوى إحداث مؤسسات رسمية تعنى بحماية حقوق الإنسان، وسن قوانين وتشريعات تضاهي مثيلاتها دوليا في مجال الحقوق والحريات.
استثمار السياق للضغط
ويرى الفاعل الحقوقي، خالد البكاري، أنه "لا يمكن سوى تثمين هذه المناشدات، وإن كان بعض هذه الفعاليات المطالبة بانفراج سياسي كانت ترفع المطلب في كل المحطات، فيما البعض الآخر لم يكن يثير هذه القضايا إلا لماماً، وفي مناسبات خاصة".
واعتبر البكاري في تصريحه لـ"عربي بوست"، أنه "ما دام الأمر محكوم بسياق انتخاب المغرب لرئاسة مجلس حقوق الإنسان بجنيف، لولاية تستمر سنة كاملة، فيجب استثماره للضغط على الدولة من أجل أن يكون هذا الانتخاب منسجماً مع كلفته الحقوقية والالتزامات الأخلاقية والسياسية والحقوقية المترتبة عنه".
وأضاف الفاعل الحقوقي، أن "المعطيات تفيد أن انفراجاً سياسياً وحقوقياً هو في مصلحة الجميع، بما في ذلك الدولة، خصوصاً أن الأصوات تتعالى داخل الفئات الاجتماعية المختلفة من أنه يتم التساهل في ملفات الفساد حد الحماية، في حين يتعامل بقسوة مع منتقدي ومعارضي الفساد من صحفيين ومدونين ومحتجين".