قال رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي "الشاباك" السابق، عامي أيالون، إن إسرائيل لن تتمتع بالأمن إلا حين يكون للفلسطينيين دولتهم، ودعا سلطات الاحتلال لإطلاق تطلق سراح مروان البرغوثي، للمشاركة في مفاوضات مباشرة مع الفلسطينيين لإنشاء دولة، وفق ما صرح به لصحيفة The Guardian البريطانية الأحد 14 يناير/كانون الثاني 2024.
الصحيفة البريطانية أشارت إلى أن مروان البرغوثي يعتبر سياسياً فلسطينياً بارزاً وهو الأمين العام السابق لحركة فتح في الضفة الغربية، وقد اعتقله الاحتلال الإسرائيلي عام 2002 وحكم عليه بالسجن مدى الحياة بتهمة "القتل وقيادته الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي اندلعت بين عام 2000 إلى عام 2005".
تدمير حماس "هدف غير واقعي"
قال عامي يرى أيالون إن هدف تدمير حركة حماس الذي أعلنت عنه إسرائيل ليس هدفاً عسكرياً واقعياً، وإن العملية العسكرية الحالية في غزة تعرِّض إسرائيل لخطر ترسيخ الدعم للحركة.
حيث أوضح أيالون: "نحن الإسرائيليين لن نكون آمنين إلا حين يكون لدى الفلسطينيين شيء من الأمل. هذه هي المعادلة" التي تحكم الأمر، و"إذا أردنا قول الشيء نفسه باللغة العسكرية، فإننا نقول إنك لا يمكنك ردع أحد، فرداً كان أو مجموعة، ما دام يؤمن بأنه ليس لديه ما يخسره".
بينما زعم أيالون أن حرب إسرائيل على قطاع غزة حرب عادلة، لأنها جاءت بعد الأهوال التي تعرض لها الإسرائيليون في هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، لكنه قال إن كثيراً من الإسرائيليين لا يستطيعون قبول حقيقة أن حماس لا تمثل جميع الفلسطينيين، وأن الفلسطينيين لديهم حق مشروع في إقامة دولتهم.
كما أشار أيالون إلى أن معظم الإسرائيليين يرون أن "كل الفلسطينيين ينتمون إلى حماس أو مؤيدون لحماس"، وهم لا يقبلون بفكرة أن هناك هوية فلسطينية. وقال: "نحن ننظر إليهم كأنهم جماعة من الناس، وليسوا شعباً، أو أمة"، أي إننا "لا نقبل بـ(فكرة وجود شعب فلسطيني)؛ لأننا إن فعلنا ذلك، فإن هذه الفكرة سينشأ عنها عقبة كبيرة تعترض تصور دولة إسرائيل عن نفسها".
لماذا يجب إطلاق سراح مروان البرغوثي؟
من ثم يرى رئيس "الشاباك" السابق أن إطلاق سراح مروان البرغوثي سيكون خطوة مهمة نحو مفاوضات هادفة. وتشير أحدث استطلاعات الرأي إلى أنه أقرب للفوز إذا ترشح في انتخابات مفتوحة أمام رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية.
استدل أيالون بذلك على صحة رأيه، فقال: "انظروا إلى استطلاعات الرأي الفلسطينية، إن مروان البرغوثي الزعيم الوحيد الذي يستطيع أن يقود الفلسطينيين إلى دولة بجانب إسرائيل، وذلك أولاً لأنه يؤمن بفكرة الدولتين، وثانياً لأنه اكتسب شرعيته [لدى الفلسطينيين] بدخوله إلى سجون إسرائيل".
مع ذلك أقر أيالون بأن وجهة نظره لا تحظى بتأييد كبير في ظل المناخ السياسي الحالي في إسرائيل، لا سيما أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو توعَّد بـ "تدمير حماس"، وهو ما يعني أن نصيحته من المستبعد أن يؤخذ بها. وقال: "في كل مرة أقول فيها إن الكراهية لا يمكن أن تقوم عليها خطة، ولا سياسة، ينزعج الناس من ذلك".
زعم أيالون أن تأييد الفلسطينيين لمروان البرغوثي يدل على أن دعمهم الحالي لحركة حماس لا يعود إلى تأييدهم لأيديولوجية الجماعة، بل إلى إدراكهم بأن حماس هي الفصيل الوحيد الذي يقاتل قتالاً فعلياً من أجل دولة فلسطينية.
كما أضاف أيضاً أن سياسة اللاعنف التي تبنتها حركة فتح المنافسة في الأعوام الأخيرة فقدت مصداقيتها بسبب الإخفاقات المتكررة للجهود الدبلوماسية الرامية إلى إقامة دولة فلسطينية، ويرى أيالون أن في هذا الأمر خطراً على الإسرائيليين والفلسطينيين على السواء.
السنوار "نجح في بلوغ مراده"
قال أيالون إن محاولات التطبيع في الشرق الأوسط من دون أن يكون للفلسطينيين دولة ولا أمل يعتد به في إمكان قيام هذه الدولة، كانت أحد العوامل التي دفعت حماس إلى شن هجومها، "فقد أراد يحيى السنوار أن يفعل شيئاً ما يقول به للجميع في العالم العربي والعالم الإسلامي والمجتمع الدولي، وأمريكا وأوروبا: إنكم لن تحققوا أي شيء تريدونه في الشرق الأوسط، إلا إذا وُضعت القضية الفلسطينية على طاولة النقاش".
كما أوضح رئيس الشاباك السابق أن السنوار نجح في بلوغ مراده من هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، ويكفيك لكي تدرك ذلك "أن تستمع إلى بايدن. فلا أحد صار يعتقد أن بإمكان الإسرائيليين تحسين الواقع هنا إلا إذا قبلوا بواقع إقامة الدولتين".
أضاف أيالون أن "الشيء الوحيد الذي اتفق عليه الجميع تقريباً في المجتمع الدولي -سواء أكانوا من أعداء إسرائيل أم من حلفائها، وفي الصين والولايات المتحدة، وفي روسيا والقوى الإقليمية- هو الحاجة إلى حل الدولتين".
بينما قال أيالون إن طبيعة حماس تجعل هدف تدميرها أمراً مستحيلاً على جيش الاحتلال الإسرائيلي، فهي ليست مجرد ميليشيا، بل "أيديولوجية لها منظمة، والمنظمة لها جناح عسكري"، و"لا يمكنك تدمير الأيديولوجية باستخدام القوة العسكرية.
استطرد قائلاً: "إنها تتجذر في بعض الأحيان إذا حاولت فعل ذلك"، "وهذا بالضبط ما نراه اليوم. فقد صار 75 % من الفلسطينيين يؤيدون حماس اليوم. وذلك بعد أن كانت نسبة تأييدهم قبل الحرب تقل عن 50 %".