شكَّل تعيين النائب في البرلمان الأوروبي، ستيفان سيجورني وزيراً للخارجية في الحكومة الفرنسية الجديدة مفاجأة لدى صناع القرار في الرباط، باعتباره واحداً من "أعداء" مصالح المغرب في أوروبا.
وكان المغرب قد اتهم، بشكل غير رسمي، وزير الخارجية الفرنسي الجديد بـ"قيادة عصابة داخل البرلمان الأوروبي ضد مصالح المغرب وصورته الحقوقية".
وكان ستيفان سيجورني وراء صياغة قرار انتقد فيه الأوضاع الحقوقية بالرباط ووصف مشهد الإعلام بـ"المتدهور باستمرار على مدى العقد الماضي".
دور ستيفاني تسبب في زيادة هوّة الخلاف بين فرنسا والمغرب، هذا الأخير الذي ينتظر من باريس إصدار موقف نهائي وغير محايد من ملف الصحراء المتنازع عليها بين المملكة وجبهة البوليساريو.
قصته مع المغرب
بتاريخ 19 يناير/كانون الثاني 2023 صدر قرار أوروبي يُدين الاعتداء على حرية الصحافة في المغرب، هذا الأخير الذي اعتبر فرنسا وراء القرار؛ الأمر الذي تسبب في أزمة سياسية بين باريس والرباط.
ورغم نفي وزيرة الخارجية الفرنسية آنذاك كاترين كولونا أي دور فرنسي سلبي في صدور القرار، إلا أن البرلمان الأوروبي أكد أن النائب ستيفان سيجورني هو من قدَّم القرار ودعمه من أوله إلى غاية اعتماده.
من جهته، اعتبر لحسن حداد، وزير السياحة المغربي الأسبق، ورئيس لجنة الصداقة المغربية- الأوروبية في البرلمان المغربي أن ستيفان سيجورني من مهندسي القرارات ضد المغرب في البرلمان المغربي.
وبعد صدور القرار نشرت جريدة الصباح المقربة من السلطات خبراً، أكدت من خلاله أن صناع القرار في فرنسا وراء تحركات ستيفان سيجورني ضد مصالح المغرب في البرلمان الأوروبي.
وبالإضافة إلى قرار التضييق على حرية الصحافة وحقوق الإنسان، كان ستيفان سيجورني مهندس الحملة التي شُنت ضد المغرب من داخل البرلمان الأوروبي بخصوص برنامج التجسس "بيغاسوس".
تحرك إعلامي
ومنذ إعلان تعيين ستيفان سيجورني وزيراً للخارجية الفرنسية، نشرت وسائل الإعلام المغربية مقالات تُدين فيها الدبلوماسي، الذي وصفته بالمبتدئ في عالم العلاقات الخارجية لقصر الإليزيه.
في المقابل قال أحمد نور الدين، الخبير في العلاقات الدولية في تصريح لجريدة "هسبريس" المغربية إنه من المستبعد أن ترغب فرنسا في تأزيم العلاقات مع المغرب، خاصة في ظروف جيوسياسية أضعفت بشكل غير مسبوق الموقف الفرنسي داخل القارة السمراء.
وأكد نور الدين، في تصريح لـ هسبريس، أن "فرنسا ليس من مصلحتها أن تفقد حليفاً استراتيجياً وشريكاً اقتصادياً موثوقاً به مثل المغرب داخل أفريقيا".
وقال: "إذا كنا سنقرأ التعيينات الفرنسية من زاوية علاقة باريس بالرباط، فلا ننسى أن الحكومة الجديدة عيّنت في الوقت نفسه وزيرة من أصول مغربية لا تخفي دعمها للوحدة الترابية للمملكة".
خطوة ضد الرباط
أوردت صحيفة "جون أفريك" تقريراً تساءلت فيه عما إذا كان هذا التعيين سيشكل ضربة جديدة في العلاقات بين باريس والرباط.
وقالت الصحيفة إن وصول هذا الشخص الذي يُعتبر في المغرب صانعاً لقرار سابق للبرلمان الأوروبي ضد المملكة قد يثير استياء الرباط، أو على الأقل يُفسر على أنه نوع من "الاستهتار" من جانب إيمانويل ماكرون، الذي يتمتع الوزير الجديد بعلاقة وطيدة معه.
يأتي هذا في وقت تشهد العلاقات الثنائية بين البلدين تحسناً ملحوظاً، بعد أن أظهر مسؤولو فرنسا إشارات إيجابية يفهم من خلالها رغبتهم في تحسين علاقاتها المتوترة مع المملكة.
ومن بين هذه الإشارات زيارة وزير الاقتصاد الفرنسي، برونو لومير، إلى مراكش أكتوبر/تشرين الأول الماضي؛ حيث التقى رئيس الحكومة عزيز أخنوش وناقشا الرهاناتِ والتحديات الاقتصادية العالمية الحالية، خاصة في ظل التقلبات الجيوسياسية والتغييرات المناخية.
وقالت الصحيفة الفرنسية إن تعيين ستيفان سيجورني، البالغ من العمر 38 عاماً، على رأس الدبلوماسية الفرنسية يعطي إحساساً بأن كل هذه الجهود قد تبقى دون جدوى. أو على الأقل، قد تعرقل العملية الصعبة لتحسين العلاقات بين الرباط وباريس.
من هو ستيفان سيجورني؟
يُعتبر ستيفان سيجورني واحداً من المقربين للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وأحد داعميه، وسنة 2015 أسس ما يسمى "Youth with Macron"، وهي مؤسسة دولية لدعم الرئيس الفرنسي.
يترأس ستيفان سيجورني حزب "النهضة" الذي ينتمي له الرئيس إيمانويل ماكرون، ويعتبره هذا الأخير رفيق الطريق الوفي والصامت منذ وصوله إلى قصر الإليزيه.
وقالت صحيفة لوبوان الفرنسية إن تعيين الشاب ستيفان سيجورني، دون تكوين دبلوماسي وغريب على وزارة الخارجية، يريد به ماكرون إحداث هزة غير مسبوقة في السلك الدبلوماسي الفرنسي.
واعتبرت "وكالة أسوشيتد برس" أن وصول سيجورني إلى وزارة الخارجية، يعني عدم تولي أي امرأة للمناصب العليا في حكومة غابرييل أتال، على الرغم من التزام ماكرون بالمساواة بين الجنسين.
ومع تعيين سيجورني سيجد أمامه مجموعة من الملفات، أبرزها ملف الحرب الإسرائيلية على غزة، وتراجع الدور الفرنسي في منطقة الساحل الأفريقي، بالإضافة إلى الأزمة المستمرة بين المغرب وفرنسا.