قالت صحيفة The Guardian البريطانية في تقرير نشرته يوم السبت 13 يناير/كانون الثاني 2024، إن عدداً من كبار خبراء الاقتصاد في العالم حذروا قبل أيام من الآثار المدمرة لصراع طويل في البحر الأحمر وتوترات متصاعدة في الشرق الأوسط على الاقتصاد العالمي، مثل عودة التضخم وتعطيل إمدادات الطاقة.
في تقريره الأخير حول فرص الاقتصاد العالمي، يقول البنك الدولي إن أزمة الشرق الأوسط، إلى جانب حرب أوكرانيا، تسببت في مخاطر حقيقية. ويقول التقرير: "تصاعد الصراع يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار الطاقة، مع ما يترتب على ذلك من آثار أوسع نطاقاً على النشاط العالمي والتضخم". ويضيف: "ومن ضمن المخاطر الأخرى الضغوط المالية المرتبطة بأسعار الفائدة الحقيقية، واستمرار التضخم، والنمو الأضعف من المتوقع في الصين، وتفاقم تجزئة التجارة والكوارث المرتبطة بتغير المناخ".
وتابع: "بدأت الهجمات الأخيرة على السفن التجارية التي تعبر البحر الأحمر بالفعل في تعطيل طرق الشحن الرئيسية؛ ما أدى إلى تراجع مرونة شبكات الإمداد وزيادة احتمال حدوث اختناقات تضخمية. وفي ظل هذه الصراعات المتصاعدة، يمكن أيضاً أن تتعطل إمدادات الطاقة بشكل كبير، مما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الطاقة. وسيكون لذلك آثار غير مباشرة كبيرة على أسعار السلع الأساسية الأخرى ويزيد من الضبابية الجيوسياسية والاقتصادية، وهو ما قد يؤدي بدوره إلى تثبيط الاستثمار ويفاقم ضعف النمو".
مخاوف من اضطرابات بسبب أزمة البحر الأحمر
قال جون لويلين، كبير الاقتصاديين السابق في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD): "تصاعد هذا الأمر ليصبح مشكلة خطيرة". وقدر احتمال حدوث اضطرابات خطيرة في التجارة العالمية بنسبة 30%، ارتفاعاً من 10% قبل أسبوع: "هناك تطور مروع وحتمي قد يؤدي إلى تمدد الوضع في البحر الأحمر إلى مضيق هرمز والشرق الأوسط ككل".
وقال بن زارانكو، الخبير الاقتصادي في معهد الدراسات المالية، لصحيفة The Observer، إن هذه الأزمة تسلط الضوء على مخاطر اعتماد وزير المالية جيريمي هانت على الحيز المالي المحدود للوعد بتخفيضات ضريبية. وقال زارانكو: "إذا تعلمنا أي شيء خلال السنوات القليلة الماضية فهو أن الصدمات المؤلمة يمكن أن تأتي، بل إنها تحدث بالفعل. وإنفاق كل قرش من هذا "الحيز" على التخفيضات الضريبية لا يترك له أي مجال للتصرف إذا حدثت صدمة مؤلمة وتدهورت التوقعات".
انخفاض عبور الحاويات في قناة السويس
قال ويليام باين، الخبير التجاري بغرفة التجارة البريطانية: "كانت حوالي 500 ألف حاوية تمر عبر قناة السويس في نوفمبر/تشرين الثاني، وانخفض هذا العدد بنسبة 60% إلى 200 ألف في ديسمبر/كانون الأول".
وتسلك السفن مسارات مختلفة، لكن ذلك أدى إلى ارتفاع التكاليف، حيث ارتفعت تكلفة الحاوية من 1500 دولار في نوفمبر/تشرين الثاني إلى 4000 دولار في ديسمبر/كانون الأول.
وقال: "إذا ساءت الأمور، فلن يؤدي ذلك إلا إلى زيادة الاضطرابات، وسترتفع تكلفة الحاويات وسيزداد تراجع حجم التجارة العالمية".
ويشعر الاقتصاديون، الذين سيذهب الكثير منهم إلى دافوس هذا الأسبوع لحضور المنتدى الاقتصادي العالمي السنوي، بقلق متزايد من أن تعاني الكثير من كبرى اقتصادات العالم ركوداً هذا العام. ويخشون أن تجري البنوك المركزية تخفيضات متواضعة على تكاليف الاقتراض؛ وهو ما يزيد من أزمة تكاليف المعيشة التي تواجهها ملايين الأسر.
واحتمال ارتفاع أسعار النفط قد يدفع البنوك المركزية إلى التمسك بأسعار الفائدة المرتفعة والحفاظ عليها لفترة أطول مما هو متوقع حالياً.
في حين قال ليام بيرن، رئيس لجنة الأعمال والتجارة المختارة بمجلس العموم: "هناك الآن خطر حقيقي من أن تؤدي معركة البحر الأحمر إلى ارتفاع الأسعار، في الوقت الذي بدأ فيه التضخم بالتراجع. ويحذر البنك الدولي بالفعل من أن سلاسل التوريد العالمية باتت عرضة للخطر من جديد.. لأسباب ليس أقلها أن هذا الصراع الجديد في السويس يأتي في الوقت الذي يؤدي فيه الجفاف إلى قطع التجارة عبر قناة بنما. إن اثنين من مفاتيح التجارة الخمسة في العالم يتعرضان الآن لخطر حقيقي".