نشرت وكالة The Associated Press الأمريكية تقريراً، الخميس 11 يناير/كانون الثاني 2023، حول تأثر الفلسطينيين في جميع أنحاء الضفة الغربية المحتلة، بالإجراءات في قاعة محكمة بعيدة، بعد جلسة الاستماع الأولى في دعوى غير مسبوقة قدمتها جنوب أفريقيا تتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة.
تقرير الوكالة أشار إلى أن الفلسطينيين قضوا يوم الخميس متأثرين بالإجراءات، إذ اجتمع الأصدقاء والعائلات أمام الشاشات في غرف المعيشة والمقاهي المحلية؛ لمشاهدة البيانات الافتتاحية في أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة، ومقرها هولندا.
الوكالة أوضحت أنه بدلاً من صور الدمار وإراقة الدماء في غزة التي كانت تملأ الشاشات، نقل التلفزيون المحامين والقضاة الأجانب وهم يدلون بخطابات مطولة في قاعة شامخة.
"ابتهاج البعض وبكاء آخرين"
وبيَّن التقرير أنه في مقهى واحد على الأقل في مدينة رام الله بالضفة الغربية، ابتهج البعض عندما شاهدوا وزير العدل في جنوب أفريقيا وهو يشرح "القمع والعنف المنهجي" الذي يتعرض له الفلسطينيون منذ عقود. وبكى آخرون.
ونقل تقرير الوكالة عن أصالة منصور، وهي محامية تبلغ من العمر 25 عاماً، من مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، قولها: "أشعر بالاندهاش من حقيقة أنَّ المجتمع الدولي يحاول محاسبة إسرائيل". وأضافت أنَّ جلسة الاستماع في لاهاي كانت حديث المدينة يوم الخميس 11 يناير/كانون الثاني.
وتابعت أصالة: "للمرة الأولى شعرت بأنَّ هذه القضية أعادت أمل الشعب الفلسطيني في المجتمع الدولي".
وقد نفت إسرائيل بشدةٍ مزاعم الإبادة الجماعية واختارت الدفاع عن نفسها شخصياً للمرة الأولى؛ مما يدل على الأهمية الرمزية للقضية. وتسعى جنوب أفريقيا إلى الحصول على أوامر أولية مُلزِمَة لإجبار إسرائيل على وقف حملتها العسكرية الحالية في غزة.
وبغض النظر عن نتيجة العملية القضائية المطولة، أشاد الفلسطينيون بجلسة الخميس 11 يناير/كانون الثاني، باعتبارها لحظة فاصلة بالنسبة لشعب شعر بأنه منسي من القوى العالمية ومُخون من قادته طوال عقود من معاناة الانتهاكات في ظل الاحتلال الإسرائيلي.
"سماع العالم قصتنا انتصار"
من جهته، قال مروان محمد، وهو صاحب مقهى في البيرة، وهي بلدة متاخمة لرام الله: "حتى لو لم تنتهِ هذه الدعوى إلى شيء، فإنَّ مجرد حقيقة أنَّ العالم كله يستمع إلى قصتنا انتصار".
وفي مكان قريب، أشاد بضع عشرات من الفلسطينيين وكبار المسؤولين، بجنوب أفريقيا في ميدان بالمدينة يحمل اسم نيلسون مانديلا، الذي قاد تحرير جنوب أفريقيا من حكم الأقلية البيضاء وناقش بانتظامٍ محنة الشعب الفلسطيني، قبل وفاته في عام 2013.
وفي جميع أنحاء العالم العربي، احتفل كثيرون بالإجراءات القضائية، على الرغم من أنَّ البعض أعرب عن استيائه من أنَّ أية دولة عربية لم تكن هي التي قدمت الدعوى. وفي تونس، تجمَّع حشد خارج سفارة جنوب أفريقيا يوم الخميس 11 يناير/كانون الثاني.
وقالت نائلة الزغلامي، وسط المظاهرة بينما المشاركون يهتفون دعماً لوقف إطلاق النار والحرية الفلسطينية: "أردنا أن نشكر جنوب أفريقيا… التي فعلت ما لم تستطِع أية دولة عربية أو إسلامية فعله".
ورحب الفلسطينيون في الضفة الغربية بجلسة الاستماع باعتبارها نقطة مضيئة نادرة على الرغم من الشعور المتزايد باليأس والضعف والتخلي، بحسب الوكالة.
وقد تصاعدت هجمات المستوطنين الإسرائيليين والغارات العسكرية بالأراضي المحتلة منذ عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وقد أدت القيود المتزايدة التي فرضها الجيش على تحركات الفلسطينيين في الأشهر القليلة الماضية، إلى تحويل بلدات الضفة الغربية إلى جيوب معزولة.
بينما قال قليلون في غزة إنَّ لديهم الوقت أو الاهتمام أو الاتصال بالإنترنت لمشاهدة الجلسة التي تستمر يومين على الهواء مباشرة.
وقال نسيم حسن (48 عاماً)، وهو طبيب في بلدة خان يونس بجنوب غزة، إنه ينقل جثث مزيد من القتلى الفلسطينيين إلى مستشفى مكتظ على بعد بضع مئات من الأمتار من الدبابات الإسرائيلية.
وأشار إلى أمثلة متكررة لتقاعس الأمم المتحدة خلال الحرب، ومنها استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد النداءات لوقف إطلاق النار، وقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي يطالب بتدفق المساعدات الإنسانية، والذي صار عديم الفعالية بعد أسبوعين من صدوره.
وأضاف حسن، بينما يمكن سماع طنين الطائرات بدون طيار المستمر، عبر الهاتف: "إسرائيل فوق كل قانون، وليس لدينا أي أمل. حتى لو حكمت المحكمة ضد إسرائيل، فقد أظهرت لنا هذه الحرب أنهم يستطيعون فعل ما يريدون".