كشف موقع Middle East Eye البريطاني، في تقرير له الخميس 11 يناير/كانون الثاني 2024، عن ارتفاع مهول في عدد البوابات الحديدية التي وضعها الاحتلال الإسرائيلي في مداخل قرى وبلدات الضفة الغربية من أجل منع حركة السكان، مؤكداً أنه تم تركيب 28 بوابة عند مداخل القرى القريبة من رام الله في يومٍ واحدة فقط.
"البوابة مغلقة"، تتردد هذه العبارة عدة مرات كل يوم على ألسنة الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، لتصف حياتهم في ظل الإغلاق الإسرائيلي المتواصل لبلداتهم وقراهم، وسجّل الفلسطينيون قفزةً مهولة في عدد تلك البوابات بعد بدء الحرب الجارية في غزة، وتُتيح تلك البوابات للجنود الإسرائيليين التحكم في عملية فتحها وإغلاقها بناءً على "المعايير الأمنية"، على حد وصف الجيش.
وقد يستمر إغلاق البوابة لعدة أيام أو ربما أشهر، ما يفرض تقييداً شديداً على حركة الفلسطينيين ويجبرهم على سلك طرق ترابيةٍ بديلة ووعرة، فيستغرقون بذلك عدة ساعات من أجل الوصول إلى وجهاتهم.
"بهدف الإذلال"
قال سائق الأجرة محمد رجب (30 عاماً) لموقع Middle East Eye البريطاني إن الجيش الإسرائيلي ركّب بوابتين حديديتين عند مدخل بيرزيت شمال رام الله، وذلك في الأسبوع الماضي.
تُقيِّد تلك البوابات حركة الفلسطينيين من شمالي الضفة الغربية إلى مدينة رام الله، مركز المؤسسات الحكومية والوزارات والوظائف العامة الفلسطينية.
كما أوضح رجب أن إغلاق البوابات يعني منع عشرات الآلاف من المواطنين من الحركة بحرية والوصول إلى أعمالهم ومدارسهم.
ثم أردف: "نحن مجبرون على الانتظار لما لا يقل عن خمس ساعات يومياً حتى تُفتح البوابات. وفي حال فتح البوابات؛ يضع الجنود حواجز تفتيش عسكرية ويعرقلون حركة المركبات. لقد حاولنا العبور من طرق أخرى دون جدى".
يقول رجب إن تلك البوابات موجودةٌ "بهدف الإذلال"، لأنه لا توجد دعوى أمنية تبرر إغلاقها ومعاقبة عشرات الآلاف من الناس.
وفقاً لتقرير معهد الأبحاث التطبيقية – القدس، وصل عدد حواجز التفتيش العسكرية التي نصبتها إسرائيل بمختلف أنواعها وأشكالها في الضفة الغربية إلى 567 حاجزاً حتى السادس من أكتوبر/تشرين الأول، بينها 77 حاجز تفتيش رئيسياً و490 حاجز تفتيش من السواتر الترابية والكتل الإسمنتية والبوابات الحديدية.
كذلك، ذكر التقرير أن الجيش الإسرائيلي أضاف أكثر من 140 حاجزاً وعائقاً جديداً منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وذلك بهدف عزل مداخل المدن والقرى والبلدات الفلسطينية، وتقييد حركة الفلسطينيين، ومنعهم من استخدام الطرق الالتفافية التي صارت حكراً على المستوطنين فقط.
"ليست ممهدةً للبشر"
يدرس محمد الشوابكة (20 عاماً) في جامعة بوليتكنك بمدينة الخليل، ويقطن في مخيم الفوار الواقع جنوب المدينة.
مع بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، أغلق الجيش الإسرائيلي البوابة الحديدية الموجودة عند مدخل المخيم لمنع المواطنين من عبورها طيلة ثلاثة أشهر.
وأصبح الشوابكة مضطراً منذ ذلك الحين إلى سلك طريق زراعي ضيق سيراً على الأقدام من أجل الوصول إلى بلدة دورا، ثم التوجه من هناك إلى الخليل. وأصبح يستغرق ساعات من أجل الوصول إلى الجامعة بدلاً من 30 دقيقةً فقط.
ثم أوضح: "هذا الطريق ليس ممهداً للبشر، ويزداد الوضع سوءاً في الشتاء؛ لأنه يصبح موحلاً وغير مناسب للمشي من الأساس".
من جهته، صرّح رائد مقاضي، الباحث الميداني في مركز أبحاث الأراضي، للموقع البريطاني بأن إجمالي عدد البوابات الحديدية الجديدة في شمال ووسط الضفة الغربية وصل إلى 22 بوابة بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
بينما وصل إجمالي عدد الحواجز والسواتر الترابية التي وضعها الجيش الإسرائيلي بين مختلف الطرق إلى 74.
على سبيل المثال، أقام الجيش الإسرائيلي حواجزه شبه الدائمة عند كافة مداخل أريحا منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ليعزل بذلك المدينة تماماً.
المرضى مهددون
تمثل السواتر الترابية شكلاً آخر من أشكال الإغلاق، حيث تحضر الجرافات الإسرائيلية لإغلاق الشوارع الفلسطينية بناءً على أوامر الجيش الإسرائيلي، ما يعني أنها ستظل مغلقةً حتى إشعارٍ آخر.
وقد أغلق الجيش مؤخراً مداخل العديد من قرى وبلدات جنين ونابلس بالسواتر الترابية لقطع الطرق بينها.
إذ قال أمجد عطاطرة، عمدة بلدية يعبد في جنوب جنين، إن كافة مداخل المدينة مغلقةٌ منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
حيث إن حاجز دوتان، الواقع عند أحد مداخل البلدة، لا يزال مغلقاً منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول. وأدى هذا الإغلاق إلى منع المواطنين من العبور إلّا بتنسيق مسبق وبصعوبةٍ بالغة.
كما وضع الجيش الإسرائيلي أكواماً من التراب عند مدخل حي امريحة في يعبد، ليقطع ارتباطه الطبيعي بالبلدة ويعزل سكانها البالغ عددهم 700 نسمة بشكلٍ كامل.
وبحسب عطاطرة، فقد تسبّب إغلاق الحي في عرقلة نقل السكان المرضى إلى المستشفيات؛ ما أسفر عن عددٍ من حالات الوفاة.