قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، الثلاثاء 9 يناير/كانون الثاني 2024، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يخشى من أن يؤدي تزايد الإحباط منه في أوساط حزبه "الليكود" إلى تحرك مشترك مع أحزاب المعارضة للإطاحة به، في وقت اعتبر فيه كبير المحللين السياسيين بالصحيفة العبرية أن نتنياهو حكم بقراراته على إسرائيل بـ"حرب لا نهاية لها".
وفي خطوة لافتة، أعلن زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، الإثنين 8 يناير/كانون الثاني 2024، عبر منصة إكس، استعداد حزبه "هناك مستقبل" للتصويت لصالح تغيير الحكومة لتصبح برئاسة يولي أدلشتين من حزب "الليكود" أو بيني غانتس أو غادي آيزنكوت وكلاهما من حزب "الوحدة الوطنية" (معارض).
مخاوف نتنياهو
"يديعوت أحرونوت" أوردت أن "المحيطين بنتنياهو يخشى من تزايد الإحباط بين أعضاء الليكود، ومن تحرك مشترك مع المعارضة للإطاحة به".
كما أضافت: "في إطار معركة الاحتواء، يحاول نتنياهو إعادة الوزراء الذين استقالوا بموجب القانون النرويجي، بحجة إغلاق الوزارات غير الضرورية".
بموجب القانون، فإن النائب الذي يحصل على حقيبة وزارية يتنازل عن مقعده بالكنيست لشخص آخر من الحزب يكون قد خاض الانتخابات ولم يتمكن من الفوز بمقعد.
كذلك، لفتت الصحيفة إلى أنه "في الأيام الأخيرة، بدت المخاوف المحيطة بنتنياهو من حدوث تمرد في الليكود وتحرك مشترك مع فصائل المعارضة للإطاحة به في الكنيست الحالي واضحة للغاية".
ثم أضافت: "في الآونة الأخيرة، تزايدت الانتقادات لعمل الحزب بشكل خاص والائتلاف (أي الحكومة) بشكل عام من قبل أعضاء الليكود، وفي الوقت نفسه تتزايد أيضاً المحاولات لقيادة خطوة ضد نتنياهو"، لافتة إلى أقوال زعيم المعارضة يائير لابيد، أمس الإثنين، عبر "إكس" إن "إسرائيل تحتاج إلى حكومة مختلفة ورئيس وزراء مختلف".
يحدث هذا في الوقت الذي أظهرت استطلاعات الرأي العام في الأسابيع الأخيرة تراجع مكانة حزب "الليكود"، فيما يعزو محللون إسرائيليون ذلك إلى تراجع شعبية نتنياهو نفسه.
وتسود تقديرات بإجراء انتخابات في إسرائيل بعد انتهاء الحرب على غزة، ولكن أحزاب المعارضة الإسرائيلية تدعو إلى إجراء انتخابات أو تغيير الحكومة حتى قبل انتهاء الحرب.
يجر إسرائيل إلى حرب لا نهاية لها
في السياق نفسه، اعتبر المحلل السياسي الإسرائيلي ناحوم بارنياع، الثلاثاء، أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حكم بقراراته وسياساته على إسرائيل بـ"حرب لا نهاية لها"، مؤكداً أن أي تصريحات من المسؤولين عن هزيمة حركة حماس "لا تعكس الواقع".
كبير محللي صحيفة "يديعوت أحرونوت كتب قائلاً: "منذ 3 أشهر ونحن نسمع أخباراً عن تدمير وهزيمة حماس والقضاء عليها، لكن لسوء الحظ، فهي لا تعكس الواقع".
وأضاف: "من الناحية العسكرية البحتة، هناك إنجازات باهرة في التنسيق بين الجيش واستخدام القوة، لكن هناك مسافة كبيرة بينهما وبين القضاء على حماس"، مشيراً إلى أن نتنياهو "خلّف توقعات لا يوجد طريقة لتحقيقها".
ثم تابع: "تفكيك حماس باعتباره الهدف الأكثر تواضعاً (من الحرب على غزة) يتطلب تعديل التوقعات، أي نفق يتم اكتشافه وتفجيره في قطاع غزة هو خبر جيد، لكن تفجير النفق لا يعني تدمير كل القدرات العسكرية والحكومية (لحركة حماس في قطاع غزة)".
فيما رأى أن نتنياهو بتوقعاته وسياساته "حكم علينا بحرب لا نهاية لها".
"وصمة عار لا تمحى"
في السياق، لفت بارنياع إلى أن عودة المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة تفرض على تل أبيب "تأجيل الحساب مع حماس حتى اللحظة التي ينتهك فيها يحيي السنوار (قائد حماس في غزة) الاتفاق الذي سيتم التوصل إليه (في حالة الاتفاق على صفقة لتبادل الأسرى)".
كما قال: "موت المختطفين في أسر حماس سيكون وصمة عار لا تمحى على ضمير المجتمع الإسرائيلي وعلى تماسكه؛ ولأننا لسنا مستعدين حالياً لفتح جبهة في الشمال (حرب مع حزب الله)؛ ولأننا نعتمد على أمريكا، يجب تأجيل الحساب مع حماس".
وتابع: "في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، سقطت إسرائيل في حفرة عميقة، ومنذ ذلك اليوم ونحن نقف في قاع الحفرة ونسأل الكثير من الأسئلة: إلى أي مدى سقطنا، لماذا سقطنا، وأين العدو الذي أسقطنا وكيف سندمره؟".
كما نوه بارنياع إلى أن الخروج من هذه الحفرة يعني "إعادة المخطوفين (الأسرى الإسرائيليين في غزة)، واستعادة الأمن والإحساس بالأمان لسكان الجنوب والشمال، وإطلاق سراح جنود الاحتياط إلى منازلهم ومحاولة إنهاء الحرب".
على هذا النحو، شدد بارنياع على أن الحرب الجارية "لم تغير الواقع" بل تزيد من "خطر وقوع كارثة إنسانية ستكون إسرائيل مسؤولة عنها، ويضر بإسرائيل في العالم، ولا تقربنا من النصر غير الموجود".
يشار إلى أنه منذ بداية ديسمبر/كانون أول الماضي، تطرقت وسائل إعلام عبرية إلى وجود مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وحركة "حماس" برعاية مصرية وقطرية، تهدف للإفراج عن الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة.
وفي 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أطلقت "حماس" وفصائل فلسطينية أخرى في غزة عملية "طوفان الأقصى"، رداً على "اعتداءات القوات والمستوطنين الإسرائيليين المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني وممتلكاته ومقدساته، ولا سيما المسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة".
وفي هجومها قتلت "حماس" نحو 1200 إسرائيلي، وأصابت حوالي 5431، وأسرت 239 على الأقل، بادلت عشرات منهم مع إسرائيل خلال هدنة إنسانية مؤقتة استمرت 7 أيام، وانتهت مطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وحسب إعلام عبري، أسفرت الهدنة المؤقتة نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عن إطلاق سراح 105 مدنيين من المحتجزين لدى "حماس" بينهم 81 إسرائيلياً، و23 مواطناً تايلاندياً، وفلبيني واحد.
وذكرت مؤسسات الأسرى الفلسطينيين أن إسرائيل أطلقت بموجب الهدنة المؤقتة سراح 240 أسيراً فلسطينياً من سجونها" و71 أسيرة و169 طفلاً.
وتقدر إسرائيل وجود حوالي "137 رهينة ما زالوا محتجزين في قطاع غزة"، وفق تقارير إعلامية متطابقة، وتصريحات مسؤولين إسرائيليين.
ويشن الجيش الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول حرباً مدمرة على قطاع غزة خلّفت حتى الإثنين "23 ألفاً و84 شهيداً و58 ألفاً و926 إصابة معظمهم أطفال ونساء، ودماراً هائلاً في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة"، وفقاً لسلطات القطاع والأمم المتحدة.