كشف شاهد فلسطيني من قطاع غزة النقابَ عن إعدام جيش الاحتلال الإسرائيلي والده وشقيقه وعشرات النازحين، بعد إخلاء سبيلهم ومنحهم الأمان، إثر اعتقال دَامَ لساعات، مشيراً إلى أن النازحين الذين نجوا من الإعدامات الميدانية تعرّضوا لترهيب وتعذيب كبيرَين من قوات الاحتلال الإسرائيلي.
حمد الله أبو العمرين قال لوكالة الأناضول إن جيش الاحتلال الإسرائيلي، خلال توغله في حي الرمال وسط مدينة غزة، أعدم عشرات النازحين "ميدانياً وبشكل متعمَّد"، من بينهم شقيقه ووالده، وأوضح أن النازحين الذين نجوا من هذه الإعدامات تعرضوا لترهيب وتعذيب شديدين من قوات الجيش المتوغلة، فضلاً عن "الإهانة بالشتم".
كانت مؤسسات حقوقية فلسطينية وأوروبية قد أشارت في بيانات وتقارير سابقة، إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي نفذ إعدامات ميدانية بحق نازحين في غزة، خلال اجتياحه للمدينة ضمن عملياته البرية المتواصلة في القطاع، منذ 27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ويشن الاحتلال الإسرائيلي، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حرباً مدمرة على قطاع غزة، خلَّفت حتى الإثنين "23 ألفاً و84 شهيداً و58 ألفاً و926 إصابة، معظمهم أطفال ونساء، ودماراً هائلاً في البنية التحتية، وكارثةً إنسانيةً غير مسبوقة"، وفقاً لسلطات القطاع والأمم المتحدة.
ترهيب وتعذيب
أضاف أبو العمرين أن جيش الاحتلال خلال عمليته البرية داخل مدينة غزة، وخاصةً بحي الرمال "عكف على تجريف مباني مدرسة العائلة المقدسة (مسيحية خاصة)، التي كانت تؤوي مئات النازحين"، وأردف: "تزامن تجريف مباني المدرسة مع استهداف مبانٍ سكنية محيطة بالقذائف المدفعية، وإطلاق النار بشكل مكثف صوب النازحين الذين احتموا داخل هذه المباني".
كما أوضح أبو العمرين أنه حتى الرجال المسنون لم يسلموا من عملية التعذيب التي مارسها جيش الاحتلال الإسرائيلي آنذاك، وأضاف: "حاول رجل مسن تجاوز عمره الثمانين الحديث مع الجنود، لثنيهم عن استهداف النازحين المدنيين، خاصةً الأطفال والنساء، إلا أنهم اعتقلوه وعذبوه وضربوه ضرباً مبرحاً".
وبعد ذلك "شرع الجيش في اقتحام المبنى الذي يحتمي النازحون بداخله وأخرجوهم منه"، وفق أبو العمرين، وتابع: "أخلى الجيش سبيل النساء بعد ترهيبهن وترويعهن".
وأفاد بأن قوات الاحتلال جمعت الأطفال والرجال في ساحة المدرسة، وأجبرتهم على خلع ملابسهم في العراء، والجلوس أرضاً وسط أجواء شديدة البرودة.
وأضاف: "بعد أن عصب أعينهم بدأ جنود الاحتلال الإسرائيليون بضرب الرجال وسحلهم وشتمهم بشكل مهين، وتركهم شبه عراة في العراء حتى صباح اليوم التالي".
إعدامات ميدانية
بعد ساعات من الاحتجاز الذي تخلله تعذيب وإهانة، قال أبو العمرين: "منح الجيش الإسرائيلي الأمان لعشرات النازحين بعد أن أخلى سبيلهم وسمح لهم بالمغادرة"، وكان ممن سمح لهم الجيش بالمغادرة آنذاك شقيق أبو العمرين وعدد من الرجال والشبان الآخرين.
وبعد أن تجاوزوا مسافة تقدر بنحو 20 متراً من ساحة المدرسة أعدم الجيش هذه المجموعة، ومن بينهم شقيق أبو العمرين، بواسطة إطلاق النار من طائرة كواد كابتر المسيرة.
وأوضح: "والدي الذي حاول إسعاف شقيقي لإنقاذ حياته تعرّض هو الآخر لإعدام ميداني، حيث تم إلقاء جثمانه فوق جثة شقيقي".
ومع انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من مساحات واسعة من محافظتي غزة والشمال، وإعادة تموضعه في أطراف البلدات قرب الحدود الشرقية والشمالية للمحافظتين، يتواصل تكشّف "الجرائم" المرتكبة بحق الفلسطينيين، فضلاً عن الحجم الهائل للدمار والخراب والأضرار التي خلفتها قواته.
وتزامن هذا الانسحاب مع تسريح الاحتلال عدداً من ألويته التي تشارك في الهجوم البري على قطاع غزة.
وأمس الإثنين، أعلن متحدث باسم جيش الإسرائيلي دانيال هاغاري، أن "العمليات في شمال غزة قد بدأت بالانحسار بالفعل"، موضحاً أن الجيش "سيركز الآن على معاقل حماس جنوب ووسط القطاع، وخاصةً حول مدينتَي خان يونس ودير البلح".