كان عبد الرحمن الزغل، البالغ من العمر 14 عاماً، أحد أصغر السجناء الفلسطينيين، الذين أطلقت إسرائيل سراحهم مقابل تحرير بعض الأسرى الذين احتجزتهم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) خلال الهجوم الذي شنته على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ولكن بعد مرور أسابيع، لا تزال حياة الزغل بعيدة تماماً عن حياة أي من أقرانه من الفتية العاديين، إذ يتعافى من إصابات خطيرة أُصيب بها يوم اعتقاله. وقال الزغل إن مدرسته لا تزال تنتظر تصريح إسرائيل له بالحضور.
تفاصيل اعتقال قاصر فلسطيني على يد الاحتلال
عبد الرحمن الزغل أضاف أنه تعرّض لإطلاق نار في أغسطس/آب 2023، عندما غادر منزله لشراء الخبز، لكن بعد استيقاظه وجد نفسه مقيداً في سرير أحد المستشفيات، وكان مصاباً بطلقات نارية في الرأس والحوض، ومن حوله شرطيان.
واتهمت إسرائيل الزغل بإلقاء قنبلة حارقة، وهي الواقعة التي ينفيها. وقالت والدته نجاح إنه أُصيب برصاص رجل كان يحرس مستوطنة يهودية بالقرب من منزلهم في القدس الشرقية. وقالت الشرطة في بيان ليلة إطلاق النار على الزغل، إن أفراداً من الشرطة أطلقوا النار على فتى لم تذكر اسمه، وأصابوه بجروح خطيرة بعد أن شعروا أن حياتهم في خطر.
وباعتباره أحد سكان القدس، فقد نظرت محكمة مدنية إسرائيلية في قضية الزغل. وأمر القاضي بوضعه تحت الإقامة الجبرية خارج الحي الذي يسكن فيه، حتى نهاية محاكمته.
وقال الزغل إنه قفز من الفرحة يوم إطلاق سراحه. لكن والدته قالت إن أجواء الاحتفال غابت عن المنزل؛ لأنه كان على وشك الخضوع لعملية جراحية لعلاج ضرر في الدماغ، ناجم عن حادث إطلاق النار.
ومن بين 240 فلسطينياً، أفرجت عنهم إسرائيل خلال هدنة في نوفمبر/تشرين الثاني، كان الزغل واحداً من بين 104 أطفال تحت سن 18 عاماً. وأطلقت حماس في المقابل سراح 110 من النساء والأطفال والأجانب، اختُطفوا في 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وأظهرت سجلات إسرائيلية أن أكثر من نصف الفلسطينيين المفرَج عنهم في إطار اتفاق التبادل كانوا محتجَزين دون توجيه اتهامات إليهم.
الاحتلال يحتجز 13 ألف طفل فلسطيني
قالت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال-فرع فلسطين، إن الجيش الإسرائيلي احتجز نحو 13 ألف طفل فلسطيني، معظمهم تقريباً من الفتية الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و17 عاماً، منذ عام 2000.
وقالت ميراندا كليلاند، المسؤولة في الحركة "في كل مكان يتجه إليه طفل فلسطيني، يوجد الجيش الإسرائيلي لممارسة نوع من السيطرة على حياته".
وتقول إسرائيل إنها تحتجز فلسطينيين تشتبه في أنهم شنوا هجمات على مواطنيها أو التخطيط لمهاجمتهم. وقال الجيش الإسرائيلي إن وكالات إنفاذ القانون في الضفة الغربية المحتلة "تعمل على حماية حقوق القاصرين في جميع الإجراءات الإدارية والجنائية".
وفي الضفة الغربية، يخضع الفلسطينيون والإسرائيليون لنظم قانونية مختلفة. ويحاكم الفلسطينيون، ومنهم القُصّر، أمام محكمة عسكرية.
واستناداً إلى إفادات خطية جُمعت من 766 طفلاً كانوا محتجزين بين عامي 2016 و2022، وجدت الحركة أن نحو 59% من هؤلاء الأطفال اختطفوا على أيدي جنود ليلاً.
تعرض مئات الأطفال للعنف الجسدي على يد الاحتلال
تعرض نحو 75% من الأطفال لعنف جسدي، فيما استُجوب 97% منهم دون حضور أي من أفراد أسرهم أو محامٍ. وقالت كليلاند إن واحداً من كل 4 يوضع في الحبس الانفرادي لمدة يومين أو أكثر حتى قبل بدء المحاكمة.
وأضافت أن المحامين يعملون على التوصل إلى اتفاقات تسوية للأطفال، لأن نسبة إدانتهم تتجاوز 95%.
وقالت الدكتورة سماح جبر، وهي طبيبة نفسية ترأس وحدة الصحة النفسية بوزارة الصحة الفلسطينية، إن أحد التحديات التي تواجههم خلال تقديم استشارات للفتيان المفرَج عنهم هو أنهم يتوقعون احتجازهم مجدداً، وهو ما يحدث بالفعل للعديد منهم.
وقال الزغل إن القوات الإسرائيلية اعتقلته مرتين من قبل. وأوضح أن المرة الأولى كان عمره 12 عاماً، وأن الجنود ضربوه حينها ببنادقهم، بينما كان يلعب مع ابن عمه في أريحا. وقال إنهم اتهموه برشق الحجارة، وهو ما نفاه.
وقالت مؤسسة الضمير الفلسطينية لرعاية الأسير وحقوق الإنسان إن إلقاء الحجارة هو أكثر التهم شيوعاً بحق القاصرين الفلسطينيين المحتجزين في الضفة الغربية، ويعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى 20 عاماً بموجب القانون العسكري الإسرائيلي.
ويتذكر الزغل كيف كان يذهب مع والده الراحل إلى أحد حمامات السباحة في تل أبيب خلال عطلة نهاية الأسبوع، ويقول إنه يريد أن يصبح منقذاً. وقال إنه يحب المدرسة ويتوق للعودة إليها.
وقالت وزارة التعليم الإسرائيلية إن الفلسطينيين المفرَج عنهم من السجون الإسرائيلية لن يلتحقوا بالمدارس حتى يناير/كانون الثاني 2024. ولم ترد الوزارة على أسئلة من رويترز حول سبب هذا القرار.