زيادة أسعار الكهرباء والوقود وانخفاض قيمة الجنيه.. مصادر تكشف قرارات ينتظرها المصريون بعد الانتخابات

عربي بوست
تم النشر: 2023/12/23 الساعة 15:38 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/12/23 الساعة 15:38 بتوقيت غرينتش
أسعار الكهرباء والسولار بين القرارات الهامة التي ينتظرها المصريون بعد الانتخابات

بعدما انفض موسم انتخابات الرئاسة المصرية بالإعلان عن نتيجة "متوقعة" لكثيرين بفوز الرئيس عبد الفتاح السيسي بفترة رئاسية جديدة، بدأت تدور أسئلة أكثر أهمية بالنسبة لقطاع واسع من المصريين، وما ينتظرونه في قادم الأيام بعد أن تزايدت التأويلات حول اتخاذ جملة من القرارات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بعد انتهاء الانتخابات.

ومع صباح اليوم التالي لإعلان النتيجة تعددت الرؤى حول توقيتات اتخاذ قرارات تتعلق بأسعار الكهرباء والوقود وموعد إقالة الحكومة وتعيين أخرى بدلاً منها، إلى جانب انتظار ما سوف تسفر عنه المفاوضات المزمع إجراؤها بداية العام الجديد مع صندوق النقد الدولي، والنتائج المترتبة عليها، وانتهاءً بمدى اتخاذ الحكومة إجراءات جديدة تستهدف بيع أصولها الحكومية، وتوسعها في عمليات الخصخصة التي تنعكس مباشرة على المواطنين المتعاملين مع جهات حكومية.

استعادة معدلات استيراد الغاز من إسرائيل

كشف مصدر مطلع بوزارة الكهرباء المصرية لـ"عربي بوست"، أن الحكومة تقوم بوضع خطة لرفع الدعم عن الكهرباء مع بداية العام الجديد، مشيراً إلى أن الزيادة كانت ستكون خلال الأشهر الستة الأولى من 2024 على أقصى تقدير، لكن ما سيجعل الزيادة خلال الشهر المقبل واردة بقوة، هو تقارير تحدثت عن أن الاتجاه نحو رفع شرائح أسعار الكهرباء مع دخول فصل الصيف الذي يتزايد فيه استهلاك المواطنين وكذلك ترتفع فيه معدلات انقطاع الكهرباء، يؤدي إلى حالة من الغضب الشعبي، ومن الضروري أن يضع النظام السياسي ذلك نصب عينيه.

وأضاف المصدر أن وزارة الكهرباء عكفت على خطة ستقدمها لصناع القرار لزيادات الشرائح المختلفة، لكنها لا تتضمن الشرائح التي تستهلكها الطبقات الفقيرة وترتبط بالشريحتين الأولى والثانية، على أن يكون القرار النهائي للجهات السيادية، موضحاً أن الإشكالية هي ارتباط زيادة أسعار شرائح الكهرباء بمدى قدرة الحكومة على توفير الغاز الطبيعي اللازم لتشغيل محطات الكهرباء بما يضمن عدم تكرار الانقطاعات لساعات طويلة خلال الأشهر المقبلة، كاشفاً أن هناك تقارير لوزارة البترول تشير إلى أنها تمضي في طريق العودة إلى المعدلات السابقة، من خلال استعادة معدلات استيراد الغاز من إسرائيل.

وفي شهر يونيو/حزيران الماضي، قررت الحكومة المصرية تأجيل خطة رفع الدعم عن الكهرباء حتى يناير/كانون الثاني 2024، وفقاً للأسعار المعلنة في يوليو/تموز 2022، وأرجعت ذلك إلى "رفع المعاناة عن المواطن، خاصة من محدودي الدخل رغم تحمُّل الدولة أعباء اقتصادية ومالية ضخمة لتنفيذ هذا القرار، وذلك حتى نهاية العام الجاري، بتكلفة تتجاوز الـ12 مليار جنيه".

قدر مسؤولون حكوميون تكلفة تأجيل زيادة أسعار الكهرباء منذ يوليو/تموز 2022 وحتى يناير/كانون الثاني 2024 بما يزيد على 65 مليار جنيه، خاصةً أن السعر الذي وُضعت تعريفة الكهرباء على أساسه كان سعر صرف الدولار لا يتجاوز 18 جنيهاً، والأمر تضاعف حالياً، ومع الإبقاء على الأسعار دون تعديل.

ارتفاعات متوقعة في قيمة حركة النقل والشحن

القرار الثاني الذي ينتظره المصريون يتعلق بأسعار الوقود، إذ من المقرر أيضاً أن تنعقد لجنة تسعير المشتقات البترولية، الشهر المقبل، وفقاً لمصدر مطلع بوزارة البترول والطاقة، مشيراً إلى أن أسعار الوقود وضمنها البنزين والسولار والغاز الطبيعي، ستشهد ارتفاعات جديدة مع زيادة أسعار خام النفط، إلى جانب تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار في السوق السوداء.

وقررت لجنة تسعير المواد البترولية بمصر، في 3 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، رفع أسعار البنزين بأنواعه كافة، ونشرت الجريدة الرسمية قراراً يتضمن زيادة أسعار البنزين 80 إلى 10 جنيهات (من 8.75 جنيه، والبنزين 92 إلى 11.5 جنيه من 10.25 جنيه، والبنزين 95 إلى 12.5 جنيه من 11.25 جنيه. وذكرت قنوات إخبارية محلية أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، رفض طلباً للحكومة بزيادة سعر السولار، مكتفياً برفع سعر البنزين؛ حرصاً على محدودي الدخل، ووجّه بترشيد إنفاق الحكومة من الوقود بنسبة 50%.

مصر
رفع أسعار الكهرباء والغاز ينعكس على باقي القطاعات الاستهلاكية في مصر – رويترز

وكشف المصدر المطلع بوزارة البترول لـ"عربي بوست"، أن وزارة البترول تعقد في هذا التوقيت اجتماعات ودراسات للتعرف على معدلات الزيادة المقبلة، وتقديم تقرير متكامل للحكومة المصرية بشأن تلك الزيادة تمهيداً لمناقشتها خلال اجتماع لجنة التسعير المقبلة، مشيراً إلى أن الزيادات قد لا تكون كبيرة كما حدث في نوفمبر/تشرين الثاني، بسبب انخفاض أسعار النفط خلال شهري نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول، لكن المشكلة التي يواجهونها تبقى في تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار، وسط توقعات بأن يشهد تراجعاً خلال الأشهر القليلة المقبلة إذا ما أقدمت الحكومة على خطوة التعويم، وبالتالي يتم دراسة القيمة المتوقعة للدولار في مقابل الجنيه.

ولفت إلى أن الحكومة هذه المرة قد تتجه إلى الإعلان عن زيادة طفيفة في أسعار السولار، إذ كان إرجاؤها في الاجتماع السابق لأسباب سياسية ترتبط بالانتخابات الرئاسة، لكنها سوف تسعى هذه المرة لتقليل الفجوة السعرية بين تكلفة توفيره وسعر بيعه في السوق المحلي، وإن كان ذلك سيؤدي بالطبع إلى زيادة معدلات التضخم مع حدوث ارتفاعات متوقعة في قيمة حركة النقل والشحن وغيرها من الأنشطة التجارية التي تعتمد بالأساس على النقل بالسولار.

وقررت لجنة تسعير الوقود في مايو/أيار الماضي، زيادة سعر السولار بمقدار جنيه واحد للتر، بينما ثبتت وقتها أسعار البنزين بأنواعه وسعر بيع طن المازوت لغير استخدامات الكهرباء والصناعات الغذائية، والذي كان وقتها يبلغ 6 آلاف جنيه للطن.

سعر موحد لجذب الاستثمارات

أما عن ثالث القرارات التي ينتظرها المصريون وأبرزها ما يتعلق بسعر صرف الجنيه في مقابل الدولار بعد أن أشارت توقعات غالبية الاقتصاديين إلى أن الحكومة ليس أمامها سوى طريق إجباري لخفض قيمة الجنيه؛ للتعامل مع الفجوة الكبيرة بين سعر السوق الرسمي في البنوك والذي لم يتجاوز 31 جنيهاً والسعر المقابل في السوق السوداء والذي تخطى الـ"50″ جنيهاً للدولار الواحد.

وبحسب مصدر مطلع بالبرلمان المصري، فإن المسؤولين على قناعة بأن حل أزمة الدولار يعد مفتاحاً لحل مشكلات الاقتصاد التي تأخذ في التفاقم للعام الثالث على التوالي، لكن الأزمة تكمن في مخاوف الحكومة من ارتفاع أسعار الصرف بشكل متتالٍ في السوق الموازية إذا ما أقدمت على تحريك سعر العملة الرسمية، وهو ما يجعل القيادة السياسية تنتظر الحصول على دفعة جديدة من القروض والتمويلات والمنح قبل الاتجاه إلى تلك الخطوة.

وفي حال توصلت إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي بشأن زيادة نسبة القرض، وكذلك الوضع بالنسبة للمفاوضات الجارية حالياً مع عدد من دول الخليج والاتحاد الأوروبي، فإن تحديد سعر مرن للجنيه سيكون أمراً وارداً خلال الشهرين المقبلين.

مساعدات أوروبية إلى مصر
رئيس الاتحاد الأوروبي خلال زيارتها إلى القاهرة ناقشت مساعدات أوروبية إلى مصر – رويترز

وقالت كريستالينا جورجييفا، مديرة صندوق النقد الدولي، في حوار مع قناة "سكاي نيوز عربية"، على هامش قمة المناخ (COP28) في الإمارات، إن الصندوق سيرفع "على الأرجح" حجم قرضه إلى مصر، وسيعمل على مكافحة التضخم فيها، ثم "سنلقي نظرة على نظام سعر الصرف".

يكشف المصدر البرلماني المطلع لـ"عربي بوست"، أن الحكومة لديها هدف يرتبط بوصول سعر الصرف في البنوك والسوق السوداء إلى 40 جنيهاً، على أن يكون ذلك سعراً موحداً يضمن جذب مزيد من الاستثمارات ويساهم في إنجاح خطط الطروحات الحكومية المتعثرة بسبب تذبذب أسعار الصرف اليومية بالسوق الموازية، ويضمن التوافق مع صندوق النقد على خطة إصلاحية مستقبلية تتعلق بتخارج الحكومة بشكل كبير من الاقتصاد، إلى جانب وضع خطة للارتقاء بالإنتاج المحلي.

قرارات متوقعة لتعزيز موارد الدولار

ونقلت تقارير عالمية، آخرها لبنك "مورغان ستانلي"، خفض سعر صرف العملة المحلية إلى مستوى 39 جنيهاً للدولار خلال الربع الأول من العام المقبل، وفي النصف الثاني من العام ذاته سيتم اعتماد المرونة التدريجية في سعر الصرف بعد الحصول على تدفقات أجنبية من صندوق النقد الدولي وتمويلات إقليمية.

يشير المصدر ذاته إلى أن الحكومة ستتجه لمزيد من القرارات التي تتعلق بتعزيز موارد الدولار، بينها استعادة معدلات تحويلات المصريين من الخارج، وكذلك فرض رسوم على الأجانب الموجودين على أراضيها، وتقديم مزيد من الامتيازات لإنجاح خطط "تصدير العقارات" أي بيعها للأجانب بالدولار، إلى جانب اتخاذ قرارات على مستوى تحصيل موارد مالية من المصريين من خلال تفعيل قانون التصالح في مخالفات البناء الذي يضمن حصول الحكومة على عشرات المليارات.

وانخفضت تحويلات المصريين بالخارج في 2022-2023 بنسبة 30% إلى 22 مليار دولار؛ مع نأي العاملين في الخارج عن التحويل بسعر الصرف الرسمي المبالغ في تقديره، وأدى ارتفاع أسعار الفائدة وضعف العملة إلى زيادة تكلفة خدمة الديون. وتفيد بيانات وزارة المالية بأن مدفوعات الفائدة ابتلعت أكثر من 45% من إجمالي الإيرادات في العام المنتهي في آخر يونيو/حزيران الماضي.

المصريون سيتحملون تبعات الأزمات الراهنة

وأوضح مصدر بوزارة المالية أن رياح الأوضاع السياسية في المنطقة تأتي بما لا تشتهي سفن الاقتصاد المصري، حتى وإن حصلت القاهرة على دعم دولي جراء دورها في إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة واستقبالها عدداً من الفلسطينيين للعلاج على أراضيها، لأن معدلات السياحة تأخذ في التراجع منذ بدء العدوان الإسرائيلي على القطاع، كما أن إيرادات قناة السويس التي تشكل أحد أبرز موارد العملة الأجنبية، من المتوقع أن تتراجع أيضاً بسبب الاضطرابات المستمرة في منطقة البحر الأحمر جراء الهجمات الحوثية على السفن الإسرائيلية والأمريكية.

وشدد المصدر على أن الرئيس المصري سيكون عليه أن يسير وسط تلك الأمواج للخروج من المأزق الاقتصادي، ومن المتوقع أن يتحمل المصريون الجزء الأكبر من مشقة التعامل مع الأزمات الراهنة، وليس من السهل أن تسدد الدولة ديوناً مقدارها 42.26 مليار دولار مستحقة عليها العام المقبل، وهو ما يجعل جميع الإجراءات المستقبلية صعبة، عكس فترات سابقة كانت تشهد حالة من الهدوء على مستوى القرارات التي تمس الحياة المعيشية للمصريين عند انتخاب رئيس جديد.

ويذهب المصدر ذاته لتأكيد أن الجزء الأكبر من القرارات الصعبة ستتحمله الحكومة الحالية التي يرأسها مصطفى مدبولي، قبل تغييرها مع تأدية الرئيس عبد الفتاح السيسي اليمين الدستورية أمام البرلمان في مطلع أبريل/نيسان المقبل وهو موعد انتهاء فترته الانتخابية الحالية، وأن القيادة السياسية تستهدف أن تتحمل الحكومة الجزء الأكبر من الغضب المتوقع من جانب المصريين ليكون تغييرها بمثابة تهدئة لهم بعد أن تسببت في مضاعفة المشكلات المعيشية.

وأشار إلى أن المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي، وكذلك مع دول الخليج تتضمن تنفيذ أنظمة مرنة في سداد القروض المتوقع الحصول عليها خلال الفترة المقبلة، حتى تكون هناك فرصة أمام أي حكومة جديدة من المتوقع أن تكون اقتصادية بالمقام الأول لأن تُحدث تحسناً ولو نسبياً في الوضع الاقتصادي.

وينص الدستور المصري على أن رئيس الجمهورية لديه سلطة تكليف رئيس الوزراء بتشكيل حكومة وإعداد البرنامج الخاص بها، وعرضه على مجلس النواب، وإذا لم تحصل على ثقة أغلبية الأعضاء، خلال 30 يوم على الأكثر، يلجأ رئيس الجمهورية إلى تكليف الحزب أو الائتلاف الحائز أكثرية المقاعد، باختيار رئيس لمجلس الوزراء.

أكد البرلماني والكاتب الصحفي  مصطفى بكري (مقرب من النظام المصري)، أن الحكومة قد تتقدم باستقالتها لرئيس الجمهورية بعد أدائه اليمين الدستورية، متوقعاً أن "يتم تشكيل حكومة جديدة".

وقال مصطفى بكري، خلال تقديمه برنامج "حقائق وأسرار"، عبر فضائية "صدى البلد": "أتوقع أن يتولى الدكتور مصطفى مدبولي منصباً هاماً بعد استقالة الحكومة"، مؤكداً أن رئيس الوزراء القادم سيكون شخصية وطنية ويحظى بالثقة والكفاءة.

تحميل المزيد