نشر موقع The Intercept الأمريكي، السبت 23 ديسمبر/كانون الأول، تقريراً حول الموضوعات الثمانية التي يُحظَر على وسائل الإعلام الإسرائيلية، النشر عنها في تل أبيب، وذلك وفقاً لوثيقة حصل عليها الموقع، والتي من بينها الأسلحة التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي، وتسريبات الحكومة الأمنية المصغرة، والتقارير بشأن الأسرى الذين تحتجزهم حماس.
تقرير الموقع أشار إلى أنه لم يُنشَر عن الوثيقة من قبل، وهي عبارة عن أمر رقابة أصدره الجيش الإسرائيلي لوسائل الإعلام كجزء من حربه على حماس.
خطوة غير معتادة
وحسب الموقع الأمريكي، كانت المذكرة، التي كُتِبَت باللغة الإنجليزية، خطوة غير معتادة بالنسبة لرقابة الجيش الإسرائيلي، والتي كانت جزءاً من الجيش الإسرائيلي لأكثر من سبعة عقود.
من جهته، قال مايكل عمرمان، رئيس التحرير السابق لموقع +972 Magazine الإسرائيلي والذي يتولى حالياً منصب مدير أبحاث شؤون إسرائيل وفلسطين بمنظمة "الديمقراطية في العالم العربي الآن" الأمريكية: "لم أرَ قط أوامر كهذه تُرسَل من الرقابة باستثناء الإشعارات العامة التي تطلب الالتزام من وسائل الإعلام على نطاق واسع، وحتى حينئذ، كانت تُرسَل فقط لأشخاص معينين".
ولم يحمل الأمر، الذي جاء بعنوان "عملية السيوف الحديدية: توجيهات رئيس الرقابة الإسرائيلية لوسائل الإعلام"، أي تاريخ، لكنَّ إشارته إلى "عملية السيوف الحديدية" -وهو اسم العملية الإسرائيلية الحالية في غزة- يُوضِح أنَّه صدر في وقتٍ ما عقب هجمات حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي. ويحمل الأمر توقيع رئيس مكتب رقابة الجيش الإسرائيلي، العقيد كوبي ماندلبليت.
وحصل موقع إنترسبت على نسخة من الوثيقة من مصدر هو نفسه حصل على نسخة من الجيش الإسرائيلي. وتظهر وثيقة مطابقة على موقع الحكومة الإسرائيلية.
جاء في الأمر: "في ضوء الوضع الأمني الحالي والتغطية الإعلامية المكثفة، نرغب في تشجيعكم على تقديم كل المواد التي تتعلَّق بأنشطة قوات الدفاع الإسرائيلية (الجيش) وقوات الأمن الإسرائيلية للرقابة قبل نشرها".
وأضاف: "يُرجى إطلاع موظفيكم على محتوى هذا الخطاب، مع التركيز على مكتب الأخبار والمراسلين الميدانيين".
8 موضوعات يحظر النشر فيها
وحدَّد الأمر ثمانية موضوعات يُحظَر على وسائل الإعلام النشر عنها دون موافقة مسبقة من الرقابة العسكرية الإسرائيلية. تتناول بعض الموضوعات قضايا سياسية ساخنة في إسرائيل وكذلك دولياً، مثل الإفصاح المحتمل المثير للحرج عن الأسلحة التي تستخدمها إسرائيل أو تلك التي وقعت في قبضة حماس، والنقاشات في اجتماعات الحكومة الأمنية، والرهائن الإسرائيليين في غزة، وهي قضية تعرَّض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لانتقادات واسعة النطاق بسبب سوء تعامله معها.
تحظر المذكرة أيضاً النشر حول تفاصيل العمليات العسكرية، والمعلومات الاستخباراتية الإسرائيلية، والهجمات الصاروخية التي تصيب مواقع حساسة في إسرائيل، والهجمات الإلكترونية، والزيارات التي يقوم بها مسؤولون عسكريون كبار لساحة المعركة.
الرقابة العسكرية
كما أشار الموقع الأمريكي إلى أن المخاوف بشأن تسييس الرقابة العسكرية ليست مجرد افتراضات. ففي الشهر الماضي (نوفمبر/تشرين الثاني)، أشارت تقارير إلى أنَّ رئيس الرقابة العسكرية اشتكى من أنَّ نتنياهو يضغط عليه لقمع وسائل إعلام معينة دون سبب مشروع. ونفى نتنياهو هذا الاتهام.
والرقابة العسكرية الإسرائيلية هي وحدة تقع داخل شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية. ويقود الوحدة رئيس الرقابة، وهو ضابط بالجيش يُعيِّنه وزير الدفاع.
إلى ذلك، قال غاي لوري، وهو زميل أبحاث بمعهد الديمقراطية الإسرائيلي ومقره القدس، لموقع إنترسبت، إنَّه منذ بدء حرب إسرائيل على حماس، خضعت أكثر من 6500 مادة إخبارية إمَّا لرقابة كاملة أو جزئية من جانب الحكومة الإسرائيلية.
ولوضع الرقم في سياقه، قال لوري إنَّه أكثر بأربعة أضعاف ما كان قبل بدء الحرب، مستشهداً في ذلك بتقرير نشرته منظمة "شاكوف" الإسرائيلية بناءً على طلبات مرتبطة بقانون حرية تداول المعلومات.
لكن لا يمكن أبداً تحديد الرقم الفعلي للتقارير الإخبارية المتأثرة بالرقابة. وبسبب نظام من العلاقات الوثيقة وشعور بما هو متوقع، يمكن للصحفيين الإسرائيليين الرقابة على أنفسهم.
في السياق، أوضحت الصحيفة أن مذكرة التوجيهات الخاصة بالحرب الحالية على غزة باللغة الإنجليزية تدل على أنها مُوجَّهة للإعلام الغربي. ويتعين على الصحفيين الأجانب العاملين في إسرائيل الحصول على ترخيص حكومي، وضمن ذلك إقرار بأنَّهم سيتقيَّدون بالرقابة.
قال عمرمان: "كي تحصل على تأشيرة بصفتك صحفياً، يتعين عليك الحصول على موافقة من مكتب الإعلام الحكومي، ومن ثَمَّ يتعين عليك توقيع وثيقة تقول إنَّك ستمتثل للرقابة. وهذا بحد ذاته في الغالب مخالف للقواعد الأخلاقية لمجموعة من الصحف".
مع ذلك، يُوقِّع كثير من الصحفيين بالفعل على الوثيقة، وضمن ذلك وكالة أسوشيتيد برس الأمريكية على سبيل المثال. في المقابل، رفضت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية الحديث عن الأمر علانيةً لموقع إنترسبت.
فيما قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية لموقع إنترسبت: "لا نُقدِّم تغطيتنا للرقابة العسكرية الإسرائيلية". في حين لم ترد وكالة رويترز على أسئلة الموقع الأمريكي بخصوص المسألة.