يدرس الرئيس الأمريكي، جو بايدن، شن ضربات عسكرية على مواقع الحوثيين في اليمن، في ظل أزمة في أحد أكثر ممرات الشحن ازدحاماً في العالم، وفق ما ذكرته صحيفة The Telegraph البريطانية، الأربعاء 20 ديسمبر/كانون الأول 2023، نقلاً عن مسؤول أمريكي بارز.
الصحيفة قالت إن المسؤولين الأمريكيين يعكفون على رسم خطط لشن هجمات مباشرة على الحوثيين في اليمن الذين هاجموا عدداً من سفن الشحن المرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر، ما أدى إلى تعطيل الطريق الذي تمر به عُشر التجارة العالمية.
بينما قال الحوثيون المدعومون من إيران، الثلاثاء 19 ديسمبر/كانون الأول، إنهم سيواصلون شن هجمات بالصواريخ والمسيرات دعماً للشعب الفلسطيني، رغم الإعلان عن أن تحالفاً تقوده الولايات المتحدة ويضم 10 دول سيرسل عدة سفن حربية إلى المنطقة.
فيما نقل بايدن حاملة الطائرات دوايت دي أيزنهاور إلى خليج عدن، قبالة سواحل اليمن وعلى مقربة من مضيق باب المندب الذي يشهد هذه الهجمات. وصرح مسؤول بارز من الحوثيين للتلفزيون الإيراني بأن الحوثيين في اليمن سيردون على أي دولة تضرب اليمن بشكل مباشر.
انقسامات بشأن ضرب الحوثيين
قال مسؤول عسكري أمريكي لصحيفة The Telegraph: "تهديد الحوثيين نأخذه على محمل الجد، لكننا لن نفصح عن أي تحركات مقدماً. وللقوات الأمريكية الحق الأصيل في الدفاع عن النفس، وإذا قررنا اتخاذ أي إجراء ضد الحوثيين فسنفعل ذلك في الوقت والمكان الذي نختاره".
رغم اعتقاد بعض المسؤولين العسكريين الأمريكيين أن توجيه ضربة مباشرة لجماعة الحوثيين في اليمن هو السبيل الوحيد لمنع إغلاق ممر الشحن، يُعتقد أن مستشارين آخرين في البنتاغون حذروا من أن ذلك سيؤدي إلى تأجيج التوترات مع إيران، التي تدعم الحوثيين وكذلك حماس.
يضم تحالف البحر الأحمر، الذي تقوده الولايات المتحدة، بريطانيا والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشيل وإسبانيا، وسيجمع ست سفن حربية من تلك الدول العاملة بالفعل في المنطقة تحت مظلة واحدة.
من ضمن هذه السفن مدمرة HMS Diamon من الفئة 45 التابعة للبحرية الملكية البريطانية التي أسقطت مسيرة يشتبه في أنها تابعة لجماعة الحوثيين في اليمن يوم السبت 16 ديسمبر/كانون الأول، في أول اشتباك جوي مباشر لسفينة تابعة للبحرية الملكية منذ 32 عاماً.
بينما قالت مصادر دفاعية لصحيفة التلغراف إن سفينة ثانية، HMS Lancaster، متمركزة في الخليج العربي ويمكن إرسالها إلى المنطقة إذا لزم الأمر. وقال جون كيربي، المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض، الثلاثاء، إن "الهجمات على السفن في البحر الأحمر لا بد أن تتوقف".
رداً على سؤال عن إن كانت السعودية والإمارات ستشاركان في العملية متعددة الجنسيات لحماية التجارة في البحر الأحمر بشرط دعم واشنطن لوقف إطلاق النار في غزة، قال كيربي: "كلا البلدين شريكان مهمان مع الولايات المتحدة في المنطقة في مجموعة من القضايا… ويجب أن تتحدثا رسمياً عن مستوى مشاركتهما".
فيما حث مسؤولون سابقون في البنتاغون بايدن على تنفيذ ضربة عسكرية ضد الحوثيين في اليمن، ومن هؤلاء الجنرال كينيث إف ماكنزي جونيور، الضابط الذي كان يقود القوات الأمريكية في الشرق الأوسط حتى العام الماضي.
استهداف مواقع إطلاق الصواريخ
تقول الصحيفة البريطانية إنه إذا اختارت الولايات المتحدة شن هجوم عسكري على الحوثيين في اليمن، فمن المفترض أنها ستستهدف مواقع إطلاق الصواريخ والمسيرات في الأراضي التي تسيطر عليها الجماعة المدعومة من إيران في شمال اليمن.
بينما أشارت تقارير حديثة في وسائل الإعلام السعودية إلى أن بعض مواقع إطلاق الصواريخ الباليستية التابعة للحوثيين تقع في صنعاء، عاصمة اليمن. وزعمت السعودية عام 2021 أيضاً أنها دمرت "مختبراً سرياً للمسيرات" في سلسلة من الغارات الجوية على العاصمة.
كما أوضح أن المنطقة التي يمكن فيها للحوثيين إقامة مواقع الإطلاق لاستهداف السفن في البحر الأحمر- وكذلك مدينة إيلات بجنوب إسرائيل- هي الشمال الغربي من أراضيهم بالقرب من الحدود السعودية، التي تمتد بمحاذاة البحر الأحمر.
تحذيرات من "قوة الحوثيين"
قال خبراء إن الحوثيين، الذين وصفهم البعض في الغرب لسنوات بأنهم جيش "رعاع"، أصبحوا في الواقع عدواً في الشرق الأوسط تدعمه إيران.
وقال جوليان بارنز ديسي، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: "الحوثيون متمرسون في المعارك، حيث يخوضون حرباً أهلية وإقليمية منذ أكثر من عقد من الزمن بدعم عسكري من إيران".
أضاف: "وصقلوا مهارتهم في هجمات الصواريخ التي يشنونها على السعودية بدعم خارجي منذ سنوات، ومن الواضح أنهم يرون في ذلك فرصة لتعزيز مكانتهم الإقليمية بدرجة أكبر".
رغم أن البعض يصمهم بجيش رعاع، فحقيقة أنهم قاوموا العملية العسكرية التي تقودها السعودية بدعم من الولايات المتحدة، ودفعهم الرياض إلى السعي من أجل السلام الآن، تخبرنا قصة مختلفة".
بينما تسود مخاوف أيضاً من أن تفاقم مهاجمة الحوثيين في اليمن التوترات مع إيران، وتؤدي إلى تطور الصراع في غزة إلى حرب شاملة في الشرق الأوسط.