قالت المنظمة الدولية للهجرة، الإثنين 18 ديسمبر/كانون الأول 2023، إن نحو 300 ألف شخص فروا من القتال على جبهة جديدة في الحرب السودانية، مع دخول مقاتلين من قوات الدعم السريع شبه العسكرية التي تقاتل الجيش منذ ثمانية أشهر مدينة ود مدني.
قد يكون الاستيلاء على المدينة المكتظة بالنازحين، والتي تمثل مركزاً للمساعدات نقطة تحول في تقدم قوات الدعم السريع عبر المناطق الغربية والوسطى من السودان خلال الحرب المستمرة مع الجيش السوداني، وفق ما ذكرته وكالة رويترز.
تقع ود مدني على بعد 170 كيلومتراً تقريباً إلى الجنوب الشرقي من العاصمة الخرطوم في ولاية الجزيرة، وهي منطقة زراعية مهمة في بلد يواجه جوعاً متفاقماً. وقالت المنظمة الدولية للهجرة في بيان إن ما لا يقل عن 250 إلى 300 ألف شخص فروا من الولاية منذ اندلاع الاشتباكات قبل أربعة أيام.
انتشار قوات الدعم السريع
فيما أظهرت مقاطع مصورة نشرتها الدعم السريع مقاتلين في شاحنات صغيرة تتجول في شوارع المدينة وفوق جسر عبر النيل الأزرق دار قتال عليه مع قوات الجيش السوداني. وقال شهود إنهم داهموا أيضاً قرى مجاورة.
في أحد المقاطع المصورة، وقف مقاتلو قوات الدعم السريع حاملين بنادق حول قساوسة أقباط قالوا إنهم لم يتمكنوا من الفرار، لكنهم طلبوا مساعدة قوات الدعم السريع لمغادرة المدينة.
بينما قال نشطاء محليون يطالبون بالديمقراطية إن قوات الدعم السريع أقامت نقاط تفتيش في أنحاء المدينة، وتنهب المنازل والسيارات، في غياب قوات الجيش والشرطة.
أسقط أشاوس قوات الدعم السريع ظهر اليوم الإثنين الثامن عشر من ديسمبر بود مدني بولاية الجزيرة طائرة حربية تتبع لمليشيا البرهان وفلول النظام البائد من طراز (ميغ)
— Rapid Support Forces – قوات الدعم السريع (@RSFSudan) December 18, 2023
ظل الطيران الحربي للفلول يقصف المدنيين الأبرياء في مدني والخرطوم وفي نيالا وعدد من المدن السودانية متسببا في مقتل آلاف…
فيما أدت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى نزوح نحو سبعة ملايين شخص، وتركت العاصمة أطلالاً، وتسببت في أزمة إنسانية كبيرة وأتاحت الفرصة لتصاعد موجات القتل بدوافع عرقية في دارفور.
تقاسمت القوتان السلطة مع المدنيين بعد الإطاحة بالزعيم السابق عمر البشير عام 2019، ثم تحالفتا في انقلاب عام 2021، لكن الخلاف نشب بينهما حول خطة لانتقال سياسي مدعومة دولياً. وفي الخرطوم تواجه قوات الدعم السريع اتهامات بنهب منازل واغتصاب نساء وقتل واعتقال تعسفي.
فرار العائلات السودانية
قالت المنظمة الدولية للهجرة إن الاشتباكات بين قوات الدعم السريع والجيش حول ود مدني تسببت في نزوح كبير في الأيام القليلة الماضية.
إذ لجأ نصف مليون شخص إلى ولاية الجزيرة بشكل عام، ويعيش ما لا يقل عن 85 ألفاً داخل ود مدني، وسط اعتماد متزايد على مرافق المدينة للحصول على الرعاية الصحية والمساعدات والخدمات الحكومية، التي بدأت في التوقف خلال الأيام الماضية.
قالت هبة عبد الرحيم التي نزحت إلى ود مدني مع أسرتها من الخرطوم "الفرار مرة أخرى سوف يستنزف مواردنا بالكامل… (لذا) سننتظر حتى لا يكون لدينا خيار آخر".
أضافت أن العديد من الأسر المجاورة غادرت معاً على متن شاحنة كبيرة. وأشارت إلى أنه أمكن سماع أصوات أعيرة نارية بينما كانت طائرات الجيش الحربية تحلق في سماء المنطقة، كما سُمع دوي ضربات جوية قبل غروب الشمس.
فيما قالت الباحثة ريم عباس إن السيطرة على وسط ود مدني حيث تلتقي طرق سريعة رئيسية تمنح قوات الدعم السريع سيطرة أكبر على التجارة، وتسمح لها بعرقلة طرق إمدادات الجيش.
تابعت أن هذا "يمنحهم الوقت لتنظيم أنفسهم، ومن ثم يمكنهم البدء بالتوجه شرقاً… سيواصلون احتجاز الناس كرهائن، وسيمارسون الضغط على المجتمعات المحلية وعلى الجيش والمجتمع الدولي".
بينما قالت قوات الدعم السريع في بيان إنها تسعى للإطاحة بالموالين للبشير في ود مدني، واستباق هجوم للجيش، الذي اتهمته بارتكاب أعمال قتل عنصرية وشن ضربات جوية عشوائية.
فيما قالت جماعة "محامو الطوارئ" المؤيدة للديمقراطية إن قوات الدعم السريع قتلت أمس الإثنين شخصين، عندما داهمت مستشفى رفاعة شمال ود مدني.
في إطار منفصل، انتقدت الجماعة عمليات القتل والتعذيب ذات الدوافع العنصرية في ولاية الجزيرة، وقالت إن ما لا يقل عن عشرة أشخاص قتلوا في غارات جوية في نيالا، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع في الأيام القليلة الماضية.