تتعمد سلطات الاحتلال الإسرائيلي في كل اقتحام جديد للمخيمات شمال الضفة الغربية إلى عمليات تدمير وتجريف للبنية التحتية، واستهداف ممتلكات المواطنين من منازل ومركبات ومحال تجارية.
هذه السياسة التي تنتهجها سلطات الاحتلال يرى فيها الفلسطينيون أداة إسرائيلية لضرب النسيج المجتمعي والحاضنة الشعبية للمقاومة الفلسطينية التي بدأت تتطور وتأخذ حجماً كبيراً في الشارع الفلسطيني، وخاصة داخل المخيمات الفلسطينية في مناطق شمال الضفة الغربية.
تدمير جنين
ولكن الاحتلال الإسرائيلي بالتأكيد راقب وتابع عن كثب كيف هبَّت مدن الضفة الغربية ببلدياتها ومؤسسات المجتمع المدني لإنقاذ بلدية جنين ومساعدتها على تدارك آثار العدوان الإسرائيلي الذي كان في شهر يوليو/تموز الماضي، عندما اجتاح جيش الاحتلال مدينة ومخيم جنين.
مخيم جنين لم يكن الوحيد الذي طاله هذا الدمار، بينما طال مخيمات بلاطة في نابلس وطولكرم ونور شمس في مدينة طولكرم.
وقد طال التدمير في مخيم جنين خلال الاجتياح في شهر يوليو/تموز الماضي نحو 62 منزلاً بشكل كامل، كما تم تدمير 2700 بيت ما بين ضرر خفيف إلى ضرر جسيم.
وتبع ذلك في الاجتياحات المتكررة تدمير 3 منازل بشكل كامل، فيما تضرر بشكل جزئي نحو 170 منزلاً.
وقد طال التدمير الممنهج تقريباً 270 منشأة تجارية صغيرة ومتوسطة، فيما دمر الاحتلال نحو 400 مركبة فلسطينية في المخيم ومحيطه.
وقال رئيس بلدية جنين نضال عبيدي إن الخسائر تقدر بمئات ملايين الدولارات خلال الاجتياحات المتكررة للمخيم والمدينة، حيث يتم تدمير طرقات وبنى تحتية بعد ساعات فقط من إعادة إصلاحها عقب تدميرها من قبل جرافات الاحتلال.
ويضيف أن هناك طرقات بعد أن تم تجريفها جرى إعادة إصلاحها وترميمها لتقوم الجرافات الإسرائيلية بإعادة تدميرها وتجريفها بعد ساعات فقط، وهذا سبب خسائر مضاعفة.
ويتابع العبيدي أن الخسائر مضاعفة، حيث إن حجم الخسائر في الاجتياح الأول بلغ نحو 50 مليون دولار، فيما الاجتياحات الجديدة قدرت بـ24 مليون دولار.
وأرجع العبيدي سبب هذا التدمير إلى الضغط على المؤسسات الفلسطينية، في وقت تعاني فيه الحكومة من أزمة مالية وحصار مالي، إضافة إلى محاولة استنزاف القوة الموجودة بضرب البنية التحتية.
هذا بالإضافة إلى محاولة الاحتلال لضرب التعاطي الجماهيري والشعبي مع فكرة المقاومة والضغط على المواطنين من خلال هذا التدمير.
وأردف العبيدي أن الهبّة الشعبية التي جرت من قبل مؤسسات البلديات بلدية جنين خلال الاجتياح في يوليو/تموز الماضي هي أكبر دليل على فشل هذه السياسة، وكان الدعم منقطع النظير ومحاولات قطع المخيم وجنين عن محيطها باءت بالفشل.
وأشار العبيدي إلى وجود عمل بالحد الأدنى في ظل عمليات تدمير متواصلة ومتكررة أنهكت الإمكانيات لدى البلدية والجهات العاملة، ولكن رغم ذلك تتم محاولة إعادة إصلاح خطوط المياه والكهرباء والصرف الصحي.
طولكرم.. خطة الاحتلال
وفيما يتعلق بالتدمير في مخيم طولكرم قال رئيس اللجنة الشعبية لخدمات اللاجئين في المخيم فيصل سلامة إن الهدف من هذا التدمير هو إلحاق الضرر بالخدمات الأساسية والضغط على حياة الناس؛ من خلال ضغوط نفسية واجتماعية لإيصال رسالة لأهالي المخيم بأن ما يجري من ظواهر مقاومة هو السبب في هذا الضغط والعقاب الجماعي.
وأضاف المتحدث في تصريح لـ"عربي بوست" أن الاحتلال يريد ضرب الحالة الوطنية من خلال سياسية التنغيص على معيشة المواطنين بدون كهرباء ولا ماء ولا طرقات، فيما يبقى الشعب الفلسطيني رغم صعوبة ما يعانيه، متمسكاً بمبادئه ولم ينصَع لهذه الإجراءات.
وأشار سلامة إلى أن الاحتلال يستغل حالة الشعب الفلسطيني الذي يعيش بدون مقومات صمود وحصار، فيما الاحتلال يصعد من حربه التي تستهدف كل شيء.
وأوضح سلامة أن حجم التدمير الشامل يقارب نصف مليون دولار بما يشمل البنية التحتية والكهرباء ومنشآت تجارية ومنازل المواطنين.
وأردف أنه يتم التدمير بشكل متكرر؛ حيث يتم تجريف المجرف وتدمير المدمر، فيما تم تدمير 5 منازل أصبحت غير صالحة للسكن ونحو 60 منزلاً بدمار جزئي.
كما دمر الاحتلال من 60 إلى 70 محلاً تجارياً، وعشرات المركبات التي تم تدميرها بشكل كامل؛ حيث تقوم جرافات الاحتلال بتدمير أية مركبة في طريقها.
ويقول المواطنون في المخيمات إن هذا التدمير الذي تحاول سلطات الاحتلال من خلاله ضرب الحاضنة الشعبية للمخيمات مصيره الفشل، فكل الطرق والمنازل لا تساوي شيئاً، ويعاد بناؤها ولو بعد وقت، ولكن الجماهير سوف تبقى حاضنة للمقاومة.
ويتساءل تاجر فلسطيني التقاه "عربي بوست" على مدخل مخيم جنين عن سبب تدمير محله والذي لا يشكل أي خطر على الاحتلال، مشيراً إلى أن خسائره تصل إلى 90 مليون شيكل، بعد أن قام الاحتلال بتجريف البضاعة ومدخل المحل.
وتابع أن المحال التجارية التي تم تدميرها تعود لمواطنين عزل آمنين ولم يكن ماً جرى بحقهم إلا عقاب جماعي للضغط الاقتصادي والنفسي عليهم.