أصدرت وزارة التربية والتعليم لدى الاحتلال تعليمات لمديري المدارس في القدس الشرقية، بعدم قبول عودة عشرات الصبية الفلسطينيين الذين أُفرج عنهم في إطار صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس إلى المدارس، إذ يتعارض هذا القرار مع الحق في التعليم الذي يمنحه القانون، بحسب ما نشرته صحيفة Haaretz الإسرائيلية.
وهذا القرار الذي سيسري مفعوله حتى 10 يناير/كانون الثاني على الأقل، اتُّخذ في الوزارة قبل أيام قليلة، وبعده صدرت تعليمات للمشرفين تقول: "غير مسموح بإعادة هؤلاء الطلاب إلى المدارس حتى نتلقى تعليمات أخرى، يرجى إبلاغ المديرين". وفي مناقشات دارت في الوزارة، اقتُرح عرض الصبية المفرج عنهم على اختصاصيين اجتماعيين لدراسة خيارات إعادة تأهيلهم وإدماجهم مرة أخرى في المدرسة، لكن المقترح قوبل بالرفض.
وبحسب مصدر مطلع، فقائمة الصبية الذين لا يسمح لهم بالعودة إلى المدرسة تضم حالياً 48 طالباً، متهمين بمخالفات أمنية، ولم يُحاكم معظمهم. أما من حوكموا وأُدينوا فأمضوا فترات قصيرة نسبياً في السجن، ومن ضمن الصبية المدرجين في القائمة صبي يبلغ من العمر 14 عاماً، اعتُقل في يوليو/تموز، للاشتباه في إلقائه حجراً على مركبة نقل للمستوطنين في القدس الشرقية، وأفرج عنه في إطار صفقة تبادل الأسرى.
قلق من قرار وزارة التعليم
فيما أعربت مصادر في مجال التعليم عن قلقها من هذا القرار، كون معظم الأولاد المفرج عنهم يدرسون في نظام التعليم الرسمي في المنطقة، وفي حال أخرجوا منه سيجدون أنفسهم في مؤسسات تابعة للسلطة الفلسطينية أو دون تعليم، وبحسب المصادر، سيؤدي هذا إلى استمرار "تطرف" هؤلاء الصبية، على حد وصفها.
وبحسب المحامية نسرين عليان والدكتورة شيران رايخنبرغ من كلية الحقوق في الجامعة العبرية، فالأساس القانوني لهذا القرار ليس واضحاً. وقالتا: "بموجب قانون التعليم الإلزامي، وكذلك وفقاً للأحكام والسوابق القانونية، فالحق في التعليم حق أساسي تلتزم به الدولة، من خلال السلطة المحلية ووزارة التربية والتعليم، بتوفير التعليم للأطفال حتى الصف الـ12".
وأضافتا: "منذ أكثر من عقد صدر حُكم بأن أطفال القدس الشرقية لهم الحق في التعليم مثل أي طفل آخر في إسرائيل، وفضلاً عن ذلك، حتى الأطفال الذين يدخلون السجن يمارسون حقهم في التعليم، وحين يُفرج عنهم. وفي هذا السياق تحديداً، من المهم أن نلاحظ أن إطلاق سراح القاصرين في الصفقة لم يكن باختيارهم، ولم تتح لهم الفرصة لإعطاء موافقة مستنيرة".
وطرحت Haaretz على مكتب وزير التعليم الإسرائيلي يوآف كيش عدة أسئلة حول الموضوع، منها: هل تشاور الوزير مع خبراء في مجالي التعليم وعلم الجريمة قبل اتخاذ القرار، وهل لدى المكتب رأي قانوني يؤيد القرار. وذكرت الوزارة أن "موضوع التعليم لحالات المعتقلين المفرج عنهم قيد الدراسة، ولم تُحدّد سياسة التعامل معهم بعد، وحين يتم تحديدها ستُنشر وتُناقش".
فيما ذكرت بلدية القدس أن "القرار المتعلق بعدم عودة الطلاب حتى 10 يناير/كانون الثاني عام 2024، نهاية فترة العطلة الشتوية، هو قرار وزارة التربية والتعليم. وخلال هذه الفترة ستقيّم بلدية القدس والوزارة الاحتياجات التربوية والنفسية للطلاب، بهدف منع تكرار هذه الأفعال في المستقبل".