أوقفت الحكومة الألمانية تمويل مشروع مناهضة الاتجار بالنساء، الذي تنفذه مؤسسة قضايا المرأة في مصر؛ اعتراضاً على توقيع رئيسة مجلس أمناء المؤسسة، على بيان يدعو إلى وقف الحرب على غزة ومقاطعة البضائع الإسرائيلية وقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، في حين جمدت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية التعاون مع حكومة برلين.
ونقل موقع "مدى مصر" عن رئيسة مجلس أمناء المؤسسة، المحامية عزة سليمان، الخميس 7 ديسمبر/كانون الأول 2023، أنها تلقت عدة خطابات من السفارة الألمانية في القاهرة خلال الفترة من 7 وحتى 30 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تعتذر فيها السفارة عن تمويل حكومتها للمشروع، بسبب توقيعها كممثلة لمؤسسة قضايا المرأة على بيان يطالب بمقاطعة إسرائيل وفرض عقوبات اقتصادية عليها.
سليمان أضافت أن السفارة أرجعت قرارها إلى أن القانون الألماني لا يسمح بدعم منظمات غير حكومية تدعو إلى مقاطعة إسرائيل والتشكيك فيها، وهو ما اعتبرته سليمان وفقاً لـ"مدى مصر"، "تضليلاً من الحكومة الألمانية التي تتحجج بقرار غير ملزم سبق أن أبطلته كثير من المحاكم الألمانية، وتعبيراً عن رغبتها في التطهر من تاريخ بلدها الدموي تجاه اليهود على جثث المنظمات الأهلية وجثث المدنيين في غزة"، قائلة: "إحنا في مرحلة تاريخية منحطة وحرجة تسقط فيها الأقنعة من وجوه كل الداعمين لحقوق الإنسان".
كما لفتت مديرة "قضايا المرأة" إلى أنها طالبت السفارة في ردها على الخطاب، بموافاتها بنسخة من القانون الذي يمنع تمويل المنظمات الحقوقية التي تطالب بتطبيق القانون الدولي الإنساني ووقف الانتهاكات وجرائم الإبادة الجماعية ضد المدنيين في فلسطين، مضيفةً أن السفارة ردت عليها بإرسال نسخة من قرار صادر عن البوندستاغ (البرلمان الألماني) بحظر أنشطة حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) بتاريخ مايو/أيار 2019، ونسخة من مناقشات البرلمان بشأنه، رغم أن هذا القرار أبطلته عدة محاكم ألمانية، فضلاً عن أنه لا يمكن اعتباره قانوناً.
كانت سليمان قد وقعت إلى جانب رؤساء 254 جمعية أهلية في مناطق مختلفة من العالم على بيان، في 26 أكتوبر/تشرين الاول الماضي، يندد بالجرائم الإسرائيلية ضد المدنيين في فلسطين، ويناشد الدول الأعضاء في اتفاقية منع الإبادة الجماعية، الصادرة في ديسمبر/كانون الأول 1948، مطالبة محكمة العدل الدولية بإصدار أمر ملزم بوقف إسرائيل لحربها على غزة، ومقاضاتها والدول الداعمة لها في ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، فضلًا عن المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل، وقطع العلاقات الدبلوماسية معها.
تجميد التعاون مع ألمانيا
من جهتها، أعلنت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية وقف التعاون الحالي والمستقبلي مع الحكومة الألمانية بشأن المشاريع التنموية، كما قرر مديرها حسام بهجت سحب ترشحه للجائزة الفرنسية الألمانية لحقوق الإنسان وسيادة القانون، المقرر إعلانها في اليوم العالمي لحقوق الإنسان، 10 ديسمبر/كانون الأول الجاري.
ونقل "مدى مصر" عن بهجت، قوله: "إن موقف ألمانيا من الحرب في فلسطين هو الأكثر انحطاطاً بعد الولايات المتحدة عن باقي الدول الغربية"، موضحاً أن ألمانيا ضاعفت صادراتها من السلاح لإسرائيل لتقتل به المدنيين في غزة.
بهجت أضاف أن "المبادرة أبلغت السفارة الألمانية بالقاهرة، كتابةً، في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بوقف جميع أشكال التعاون معها؛ اعتراضاً على موقفها من الحرب في غزة.
وأشار إلى أن الحكومة الألمانية كانت تمول مؤخراً مشروعاً خاصاً بتقديم المساعدة القانونية المجانية لضحايا حقوق الإنسان في مصر بالتعاون مع المبادرة، لكن "المبادرة" أوقفت العلاقات معها بعد موقفها الذي عبّرت عنه في اجتماعين على مستوى الاتحاد الأوروبي، ثم في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكانت في مقدمة الدول المعروفة بدعمها لإسرائيل (المجر والتشيك والنمسا) وتصويتها برفض وقف إطلاق النار في غزة واستمرار الحرب.
وأشار بهجت إلى أنه أبلغ السفير الألماني في القاهرة، خلال الأسبوع الثالث من الحرب على غزة، أن موقف برلين تجاه الحرب وقتل المدنيين في غزة يجعل مساحات القيم المشتركة للحقوقيين والنسويين والإعلام المستقل في مصر مع ألمانيا محل شك كبير.
وبحسب وكالة الأنباء الألمانية، وافقت الحكومة الفيدرالية حتى 2 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، على زيادة أذون صادرات الأسلحة الألمانية إلى إسرائيل خلال العام الجاري، بمعدل عشرة أضعاف مقارنة بالفترة نفسها من عام 2022، وبلغ عدد الطلبات التي تمت معالجتها بشكل نهائي 185 طلباً منذ وقوع هجوم حماس الأخير على إسرائيل.