فقدت زوجها في طريق النزوح وجف الحليب بصدرها.. “الغارديان” ترصد مأساة نازحة بغزة مع رضيعها

عربي بوست
تم النشر: 2023/12/06 الساعة 22:36 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/12/07 الساعة 04:43 بتوقيت غرينتش
نزوح عائلات فلسطينية من شمال قطاع غزة باتجاه الجنوب/الأناضول ( Belal Khaled - وكالة الأناضول )

سلط تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية، نشرته الأربعاء 6 ديسمبر/كانون الأول 2023، الضوء على مأساة رينا، وهي واحدة من النازحات اللواتي أجبرهن قصف طائرات الاحتلال الإسرائيلي على مغادرة منزلها الكائن في شمال غزة، بعد أن استشهد زوجها وجف الحليب الذي ترضع به رضيعها من ثدييها.

فقدت رينا بالفعل زوجها عمر في غارة جوية إسرائيلية، والآن تخشى على رضيعها أحمد من الموت بسبب المرض أو البرد، داخل الخيمة المتجمدة من شدة البرد، التي تقع على الحدود المصرية، والتي صارت خامس مأوى لها خلال نحو 5 أسابيع.

لا أمان في غزة

بعد أن توفي عمر في أكتوبر/تشرين الأول، جف الحليب في ثدييها، وعلى مدى الأسابيع التي أعقبت وفاته، كان الشيء الوحيد الثابت في حياتها هو البحث المضني للغاية عن حليب الرضع والمياه النظيفة، من أجل أن تُبقي طفلها الوحيد على قيد الحياة، بينما يحاولون الفرار حول غزة.

تنحدر رينا في الأصل من شمال غزة، وكانت واحدة ممن قرروا المضي في الطريق مرة أخرى.

قالت رينا: "عندما وصلنا إلى خان يونس، تمنيت أن أجد مظهراً من مظاهر الأمان، أو على الأقل نهاية للصوت المتواصل للتفجيرات الإسرائيلية التي أرهبت ابني الرضيع، لسوء الحظ، استمر القصف بلا هوادة".

كما أوضحت: "التمسنا اللجوء في منزل يضم أكثر من 60 نازحاً آخرين، كانت المياه والكهرباء وخدمات الاتصالات مقطوعة تماماً".

وضع مأساوي 

جلب أي تحرك ظروفاً أسوأ وازدحاماً أشد في الأركان المنكمشة من غزة، التي تقول إسرائيل إنها آمنة للمدنيين.

قالت رينا عن آخر توقف لها في ملحمة التهجير المستمرة منذ شهرين: "في رفح، لم نجد سوى الخيام غير المناسبة للسكن البشري، ليست هناك مرافق حمامات مناسبة، وعدد الأشخاص النازحين ساحق. تنتشر الأوبئة، والظروف قاسية، في ظل البرد الشديد والأغراض الشخصية غير الكافية".

تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن نحو 4 أشخاص من بين كل 5 أشخاص من السكان، صاروا نازحين، وتقول إن المعونات الهزيلة التي تصل إلى غزة لا تكفي للوفاء بالاحتياجات الأساسية الطارئة.

استشهاد عمر

قبل شهرين، عاشت رينا في بيت لاهيا، إحدى المستوطَنات التي تقع في أقصى شمالي غزة. غادرت هي وعمر وأحمد منزلهم في الأيام الأولى من الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة، وانتقلوا في البداية ليمكثوا مع أم رينا في منطقة أخرى ببيت لاهيا، تمنوا أن تكون أكثر أماناً قليلاً، ثم انتقلوا مرة ثانية إلى منزل أختها، وبعد ذلك إلى منزل جدتها.

في 17 أكتوبر/تشرين الأول، كان عمر يبحث عن مؤن لعائلته، وعندها ضرب صاروخٌ منطقة قريبة. أنهت شظايا ناتجة عن الانفجار حياة عمر، ومزقت حياة رينا.

قالت رينا: "لا يمكنني استيعاب خسارة زوجي، عمر هو حياتي، وخسارته تُشعِرني كما لو أني أفقد وجودي بالكامل. تمنيت لو أني مت معه. بعد استشهاده، تدهورت حالتي العاطفية، ولم أعد قادرة على إرضاع أحمد".

"لا نستحق هذا الألم"

في أكتوبر/تشرين الأول، تجاهلت العائلة التحذيرات الإسرائيلية بأن المدنيين يجب عليهم مغادرة شمال القطاع، لأنهم شعروا بأن ليس لديهم مكان يذهبون إليه. كانت الملاجئ في الجنوب مكتظة، وكانت هناك هجمات فيه أيضاً.

ولكن مع اشتداد القتال في الشمال، أدركت العائلة أنها لن تكون قادرة على الوصول حتى إلى الرعاية الأساسية. أُصيب اثنان من أشقاء زوج رينا عندما استهدفت غارة إسرائيلية منزلاً قريباً.

وقالت: "عانى أحدهما من إصابة في الرأس، وعانى الآخر من إصابة في أذنه. برغم ألمهما الشديد، لم تستطع أطقم الإسعاف الوصول إلينا".

وعندما جرى الاتفاق على هدنة، قرروا المغادرة. خرجت رينا في اليوم الرابع من الهدنة، فحملت ابنها وأغراضاً قليلة أخرى، وتوجهت نحو خان يونس.

وتمنت أن يقدم لها هذا الملجأ المزدحم بعض الحماية من أجل رضيعها. ولكن في 1 ديسمبر/كانون الأول، ألقت إسرائيل منشورات تطالبهم بالتحرك مرة أخرى.

حملت المنشورات رمز استجابة سريعاً مرتبطاً بخريطة لغزة، مقسمةً إلى مئات المباني الكبيرة المرقمة من أجل أوامر الإجلاء، مع أن انقطاع الكهرباء والاتصالات باستمرار يجعل الوصول إلى الإنترنت غير موثوق.

وعندما تمكنت رينا في النهاية من الاتصال بالإنترنت، مسحت رمز الاستجابة السريع واطلعت على الخريطة. تقول رينا: "ابتلعنا إحساساً بالرعب لا يمكن وصفه". غادروا بعد وقت قصير متجهين إلى رفح، ليقايضوا ظروفاً أسوأ بأخرى يقل فيها القصف بدرجة طفيفة، وإن كانت الغارات الإسرائيلية تصل إليهم أيضاً.

تحاول رينا ألا تفكر فيما قد يحدث لأحمد لو أن القنابل التي قتلت أباه، أنهت حياة أمه أيضاً. وتقول: "لا أستطيع استيعاب فكرة أن ابني قد يتربى يتيماً، إنه بريء ولا يستحق هذه المعاناة ولا هذا الألم".