رفع الأسرى الفلسطينيون، المفرَج عنهم في أول دفعة ضمن اتفاق الهدنة بين الاحتلال وفصائل المقاومة، علامات النصر لحظة الإفراج عنهم، وهي الإشارة التي تأتي بعد قصص صمود وكفاح لهم من النساء والأطفال الذين تعرضوا للتعذيب وانتهاكات مختلفة منذ اعتقالهم.
39 أسيراً هو عدد المفرَج عنهم ضمن الدفعة الأولى، وهم 24 امرأة و15 طفلاً، يستعرض "عربي بوست" قصص عدد منهم، بينهم أطفال تعرضوا للتعذيب، ومرابطات في المسجد الأقصى وأخريات ممن يعانين من أوضاع صحية خطيرة، مثل السرطان والشلل وكسور في الرقبة والظهر جراء الاعتداء عليهن من جنود الاحتلال خلال مراحل اعتقالهن.
"أم الأسرى" وشقيقتهم
من بين المفرَج عنهم، الأسيرة حنان البرغوثي، التي تبلغ من العمر 59 عاماً، وهي من قرية كوبر، شمال مدينة رام الله، وتوصف بأنها "أم الأسرى"، فلديها 3 من أبنائها لا يزالون أسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
"أم عناد" البرغوثي، هي أيضاً شقيقة عميد الأسرى في سجون الاحتلال نائل البرغوثي، الذي يوصف بأنه أقدم أسير فلسطيني، لا سيما أنه أمضى ما مجموعه أكثر من 43 عاماً في سجون الاحتلال.
الأسيرة حنان هي شقيقة الأسير المحرر الراحل عمر البرغوثي "أبو عاصف" القيادي في حماس، الذي أمضى ما مجموعه أكثر من 30 عاماً في سجون الاحتلال.
وهي كذلك عمة كل من الشهيد صالح البرغوثي، منفذ عملية عوفرا، الذي استُشهد في اشتباك مع الاحتلال عام 2018، والأسير القسامي عاصم البرغوثي منفذ عملية جفعات.
حولتها محكمة الاحتلال للاعتقال الإداري لمدة 4 أشهر، بعد أن اعتقلت في سبتمبر/أيلول 2023 من منزلها، بعد اعتقال 3 من أبنائها.
"مرح الطفلة"
اعتقلت قوات الاحتلال مرح باكير، بينما كان عمرها 16 عاماً، عندما هاجمتها قوات الاحتلال، وأطلقت النيران عليها وهي عائدة من المدرسة إلى بيتها في القدس المحتلة.
أُصيبت مرح بجروح في يدها، لتدخل المعتقل وهي طفلة، وتخرج شابة بعمر 24 سنة، بعد أسر دام نحو 8 سنوات من حياتها.
خلال سنوات الاعتقال، عانت بشكل شديد من سياسة الإهمال الطبي، وفق عائلتها، التي أكدت عدم تمكنها من إجراء عملية جراحية لها في يدها المصابة، إذ رفضت إدارة السجون إجراء العملية لها لعلاج الأعصاب.
ما زالت والدتها تسميها "مرح الطفلة"، إذ توقف الزمن بالنسبة لعائلتها منذ يوم اعتقالها وهي طفلة حُرمت من مقاعد الدراسة.
أول أديبة فلسطينية من داخل الأسر
من بين المفرَج عنهم أيضاً، أسيرة استطاعت تحدي ظروف اعتقالها وأسرها، لتخوض تجربة أدب السجون، وهي الأسيرة المقدسية أماني الحشيم.
يأتي الإفراج عنها ضمن اتفاق الهدنة بعد 7 سنوات على التوالي داخل سجون الاحتلال.
هي أم لطفلين، حرمها الاحتلال من احتضانهما معاً أثناء فترة اعتقالها، وكان يحرمهما حتى من لمس يدها في كل مرة تراهما فيها، فيما عانت من ظروف اعتقال قاسية بمعتقل "الدامون".
الأسيرة الحشيم اعتقلها جيش الاحتلال ديسمبر/كانون الأول 2016، أثناء قيادتها لسيارتها عند حاجز قلنديا العسكري، وذلك بعد إطلاق النار عليها.
حشيم حاصلة على درجة الماجستير، وكانت بطريق عودتها من عملها لمنزلها في القدس المحتلة، في حين زعم الاحتلال أنها حاولت تنفيذ عملية دهس.
صدر بحقها حكم مدته 10 سنوات و5000 شيكل كتعويض لأحد جنود الاحتلال، وذلك بعد إدانتها بدهسه، بعد أكثر من 20 جلسة محاكمة عُقدت لها.
تُعد كذلك أول أسيرة فلسطينية تنتج عملاً أدبياً، عبر إصدارها كتاب "العزيمة تربي الأمل"، الذي يحتوي على 25 نصاً وجدانياً، تتحدث فيها عن الهموم الشخصية والعامة، وعن بعض مشاهد من المعتقل، مع صبغة من الأمل.
أسيرة دافعت عن خمارها
تُعرف الأسيرة المحررة فاطمة نصر عمارنة (43 عاماً)، من بلدة يعبد قرب جنين، بخمارها الذي دافعت عنه أمام جنود الاحتلال الذين حاولوا إزالته بعد الاعتداء الوحشي عليها.
انتشرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، في سبتمبر/أيلول 2023، لفتاة تقع على الأرض، وينهال عليها جندي إسرائيلي بركلات على رأسها وبطنها وأماكن متفرقة من جسدها، ما تسبب بإغمائها قبل اعتقالها.
تبين لاحقاً أن هذه الفتاة هي المرابطة في المسجد الأقصى فاطمة عمارنة، من بلدة يَعبَد، وهي خريجة تخصصت باللغة العربية، وتقرأ القرآن الكريم بالقراءات العشر، وتعمل مُحفّظة له في مديرية الأوقاف.
روت عائلتها، أنه بعد صلاة العشاء، حاول جندي إسرائيلي الاعتداء عليها وحاول إزالة الخمار، وبعد دفاعها عن خمارها تعرضت للضرب المبرح والاعتداء من جنود الاحتلال.
أضافت أنها تعمل ضمن مبادرة نسوية للرباط في باحات الأقصى، وهي تحمل تصريحاً لدخول القدس دون موانع.
الأسيرة "فلسطين"
"فلسطين فريد نجم"، أسيرة فلسطينية من نابلس، تحمل اسم بلدها، تعرضت مراراً للاعتقال، وهي تُعد واحدة من أطول فترات اعتقال الأسيرات الفلسطينيات.
أعاد الاحتلال اعتقالها في 22 أغسطس/آب 2022، بعد مداهمة منزلها.
الأسيرة "فلسطين" هي أسيرة سابقة كانت قد اعتُقلت مرتين، الأولى في عام 2006، وحكم عليها الاحتلال بالسجن لمدة 16 شهراً، بتهمة محاولة طعن جندي، لتمضي حكماً كاملاً، ثم أعاد الاحتلال اختطافها في نوفمبر/تشرين الثاني 2013، بالتهمة ذاتها، وهي حيازتها أداة حادة ومحاولة طعن جندي، ليحكم عليها بالسجن 4 سنوات.
تُعد من بين الأطول اعتقالاً بين الأسيرات الفلسطينيات، بعد أقدم أسيرتين سبقتاها، وهما "لينا جربوني" و"ميسون الجبالي".
تعاني الأسيرة "نجم" من آلام مستمرة في المفاصل، نتيجة اعتقالاتها السابقة، وسياسة الإهمال الطبي المتعمد.
أسيرة أصابها الاحتلال بالشلل
فاطمة إسماعيل عبد الرحمن شاهين (33 عاماً) من مخيم الدهيشة قرب بيت لحم، هي أم لطفلة لم تتجاوز 5 سنوات.
أطلق قناص من جنود الاحتلال الإسرائيلي 4 رصاصات باتجاه فاطمة اخترقت بطنها وعمودها الفقري، بينما كانت تسير بالقرب من مفرق "غوش عتصيون".
أعلن الاحتلال لاحقاً توجيه اتهام لها بمحاولة تنفيذ عملية طعن، وفق زعمه.
خضعت فاطمة للعلاج من إصاباتها قرابة شهر فقط وهي مكبلة اليدين والرجلين في مستشفى "شعاري تسديك"، قبل نقلها لاحقاً إلى ما يُعرف بـ"عيادة سجن الرملة"، وهي مثقلة بالأوجاع، لا تستطيع المشي.
أصبحت فاطمة حبيسة جدران الزنزانة وكرسيها المتحرك، بعد أن أُصيبت بالشلل النصفي.
فور الإفراج عنها، نقل الهلال الأحمر الفلسطيني فاطمة شاهين للعلاج في مجمع فلسطين الطبي في مدينة رام الله.
فتاة أسيرة المنزل والمعتقل
لم تتجاوز زينة عبده الـ17 عاماً بعد، وهي فتاة فلسطينية اضطرت للعيش في الحبس المنزلي لمدة عام ونصف، بعد إجبارها على ذلك من الاحتلال، لتُحرم خلالها من الخروج من المنزل.
بعد إنهائها مدة الحبس المنزلي، اعتُقلت إلى السجن الفعلي في سجون الاحتلال مدة 5 أشهر ونصف.
وجّه الاحتلال الإسرائيلي إلى زينة تهمة التحريض على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما حُرمت الفتاة المقدسية من إنهاء دراستها في المرحلة الثانوية.
أسيرة تكافح السجن والسرطان
اعتقلت قوات الاحتلال روضة أبو عجمية، بعد اعتقال نجلها محمد العاصي بلحظات، وهي من بين عدد قليل من الأسيرات المعتقلات إدارياً.
حرمت سلطات الاحتلال أبو عجمية من مقابلة محاميها والصليب الأحمر، ومن العناية الطبية اللازمة، رغم إصابتها بمرض السرطان.
اعتُقلت في 4 أبريل/نيسان 2023، إثر مداهمة منزلها في حارة السلام في مخيم الدهيشة جنوب بيت لحم.
وعاشت الأسيرة ظروفاً صعبة أثناء التحقيق، وتعتمد بشكل كامل على المسكنات خلال التحقيق وبعده.
طالب من الثانوية العامة
الطفل والجريح جمال خليل براهمة من أريحا، من مواليد عام 2006، اعتقله الاحتلال في أبريل/نيسان 2023، وحرمه من الالتحاق بزملائه للتقدم لامتحان الثانوية العامة.
المعتقل براهمة طالب في الثانوية العامة/الفرع الأدبي، حرمه الاحتلال من التقدم للامتحانات، حيث كان يطمح إلى دراسة تخصص التمريض.
أصدر الاحتلال بحقّه أمر اعتقال إداري لمدة 6 أشهر، في سياسة جديدة في الاعتقال الإداري بحق الأطفال.
وتعرض جمال للإصابة في ساقه اليسرى قبل فترة من اعتقاله، وهو بحاجة إلى إجراء عملية مكان الإصابة.
يشار إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي أفرجت عن 39 أسيراً فلسطينياً، ضمن صفقة التبادل مع حركة "حماس"، التي أُبرمت بوساطة قطرية مصرية أمريكية.
وجرى الإفراج عن الأسرى عند مدخل سجن عوفر الإسرائيلي، غربي رام الله.
ومنذ الجمعة 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، دخلت الهدنة الإنسانية المؤقتة بين الاحتلال الإسرائيلي وفصائل المقاومة الفلسطينية حيز التنفيذ، وتستمر 4 أيام قابلة للتمديد.
يتضمن اتفاق الهدنة الإنسانية المؤقتة إطلاق 50 أسيراً إسرائيلياً من غزة، مقابل الإفراج عن 150 فلسطينياً من السجون الإسرائيلية على دفعات، وإدخال مئات الشاحنات المحمّلة بالمساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية والوقود إلى كل مناطق القطاع.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، يشن الجيش الإسرائيلي عدواناً مدمراً على قطاع غزة، خلّف، حتى مساء الخميس 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، 14 ألفاً و854 شهيداً فلسطينياً، بينهم 6 آلاف و150 طفلاً، وما يزيد على 4 آلاف امرأة، بينما تجاوز عدد المصابين 36 ألفاً، بينهم أكثر من 75% أطفال ونساء، وفقاً للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة.