فاز الحزب اليميني المتطرف المناهض للإسلام، بزعامة خيرت فيلدرز، بالانتخابات التشريعية في هولندا، وهي الانتخابات التي أحدثت "زلزالاً ليس في الداخل فحسب إنما في العالم أيضاً"، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
وفي كلمة أمام أنصاره عقب صدور النتائج الأولية الأربعاء 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، قال فيلدرز: "لم يعد من الممكن تجاهل النتائج وسوف نحكم البلاد"، داعياً الأحزاب الأخرى إلى البحث عن أوجه التشابه بينها والعمل معاً، وأن الوضع خلاف ذلك سيكون "غير ديمقراطي على الإطلاق".
جاءت دعوة فيلدرز ضمن مهمة شاقة لجذب خصومه لتشكيل حكومة ائتلاف بعد فوزه "الهائل" في الانتخابات التشريعية في هولندا، لكن هذه الدعوة استبقها زعماء الأحزاب الرئيسية الثلاثة الأخرى في البلاد بتأكيدهم، قبل الانتخابات، أنهم لن يشاركوا في أي حكومة يقودها حزب الحرية بزعامة فيلدرز.
وأظهرت النتائج الأولية فوز "حزب الحرية" اليميني المتطرف بـ35 مقعداً، من أصل 150 في البرلمان، وجاء تحالف اليسار، بزعامة فرانس تيمرمانز في المرتبة الثانية بـ25 مقعداً، أما حزب الشعب من أجل الحرية والديمقراطية فقد حصد 24 مقعداً.
وبحسب وكالة الأناضول، فإنه مع انتهاء فرز 98% من الأصوات، ارتفع عدد المقاعد التي فاز بها حزب الحرية اليميني المتطرّف إلى 37 مقعداً محققاً فوزاً بفارق كبير. فيما بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات التي تنافس فيها 1126 مرشحاً و26 حزباً على 150 مقعداً، 78.2%.
وعلى الفور، قوبل الفوز الساحق غير المتوقع بتهنئة من قادة اليمين المتطرف في فرنسا والمجر، لكن سيثير ذلك على الأرجح مخاوف في بروكسل، ففيلدرز مناهض لمؤسسات الاتحاد الأوروبي ويريد استفتاء على خروج هولندا من الكتلة.
قلق المسلمين في هولندا
ورغم تخفيفه من حدة خطابه المناهض للإسلام خلال الحملة الانتخابية، يتعهد برنامج حزب الحرية بفرض حظر على القرآن والمساجد والحجاب، وقد سارع قادة المسلمين في هولندا إلى التعبير عن قلقهم.
إذ قال حبيب القدوري من "مؤسسة العمل المشترك للمغاربة في هولندا" لوكالة الأنباء الهولندية: "لا أعلم ما إذا كان المسلمون ما زالوا بأمان في هولندا. أشعر بالقلق بشأن هذا البلد".
في السياق، أوضحت ليزيت كيزر (60 عاماً) مديرة أعمال من إنشيديه بشرق هولندا إنها شعرت بتوتر عند صدور نتائج الاستطلاعات لدى خروج الناخبين من مكاتب الاقتراع. وأضافت أن هولندا "تسير في اتجاه يميني. نأمل ألا يصبح هذا هو الحال تماماً".
"تسونامي" طالبي اللجوء
ومخاطباً أنصاره في لاهاي بعد إغلاق صناديق الاقتراع، صعّد فليدرز خطابه المناهض للهجرة، وقال إن الهولنديين اقترعوا لاجتثاث "تسونامي" طالبي اللجوء. وشدّد على أنّ حزبه بات قوة "لم يعد ممكناً تجاهلها"، داعياً الأحزاب الأخرى إلى العمل معه لتشكيل ائتلاف حكومي.
ويأتي انعطاف هولندا نحو اليمين بعد انتخاب إيطاليا جورجيا ميلوني رئيسة للوزراء.
وسعى فيلدرز مؤخّراً إلى تحسين صورته لدى الرأي العام في الداخل والخارج من خلال تعديل بعض مواقفه.
وأكّد السياسي المثير للجدل أنّ هناك مشاكل أكثر إلحاحاً من خفض عدد طالبي اللجوء، كما خفّف من حدّة بعض مواقفه المعادية للإسلام، مؤكداً أنّه في حال فوزه سيكون "رئيساً للوزراء لكلّ شخص في هولندا، بغضّ النظر عن الدين أو الأصل أو الجنس أو أيّ شيء آخر".
لكنّ شرعة حزب الحرية تنضح بكراهية الأجانب ومناهضة المهاجرين، وتقول: "يتغذى طالبو اللجوء على بوفيهات لذيذة مجانية على متن السفن السياحية، بينما يتعين على العائلات الهولندية تقليص مشترياتها من البقالة".
ويقول برنامج الحزب: "نريد نسبة أقل من الإسلام في هولندا وسنحقق ذلك من خلال: تقليص الهجرة غير الغربية ووقف عام للجوء".
"استفتاء ملزم"
ويعِد البرنامج بإجراء "استفتاء ملزم" على خروج هولندا من الاتحاد الأوروبي. ويدعو حزب الحرية أيضاً إلى "وقف فوري" لمساعدات التنمية.
وبخصوص السياسة الخارجية تبدو أوجه الشبه واضحة مع سياسات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. ويرفع البرنامج شعار "هولندا أولاً".
وخيَّمت على وسائل الإعلام الهولندية حالة من الذهول من هامش فوز فيلدرز.
إذ قالت صحيفة تراو اليومية: "لم يتوقع أحد ذلك، ولا حتى الفائز نفسه". حتى هيئة الإذاعة العامة التي عادة ما تعتمد عبارات باهتة وصفت الفوز بأنه "انتصار هائل"، وهي العبارة التي وردت في الكثير من وسائل الإعلام.
فيما قالت صحيفة فينانسييله داغبلاد إن النتيجة "تقلب السياسة في لاهاي رأساً على عقب"، بينما وصفتها صحيفة إن سي آر اليومية بأنها "ثورة شعبوية يمينية ستهز بيننهوف من أساسه"، في إشارة إلى الحي الحكومي في لاهاي.