قال مسعفون إن مقاتلي حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) يخوضون معارك لمنع تقدم قوات الاحتلال الإسرائيلية إلى أكبر مخيم للاجئين في قطاع غزة، مخيم جباليا، وذلك يوم الأحد 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وإن ضربة جوية إسرائيلية على منزل أودت بحياة 11 شخصاً على الأقل، مع تزايد الآمال في إبرام اتفاق لإطلاق سراح رهائن محتجزين في القطاع.
وذكرت صحيفة واشنطن بوست نقلاً عن مصادر مطلعة الأحد، أن وسطاء أمريكيين قريبون من إتمام اتفاق بين الاحتلال وحماس لإطلاق سراح عشرات النساء والأطفال المحتجزين في قطاع غزة مقابل وقف القتال لمدة خمسة أيام، الأمر الذي سيساعد على زيادة شحنات المساعدات المرسلة للمدنيين في غزة.

مساعٍ لإبرام اتفاق بين إسرائيل وحماس
قالت الصحيفة السبت، إنه تم التوصل لاتفاق أولي، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومسؤولين أمريكيين نفوا ذلك، وقالت متحدثة باسم البيت الأبيض إن الولايات المتحدة تواصل العمل من أجل إبرام اتفاق.
وقال سفير الاحتلال الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة مايكل هرتسوغ في مقابلة مع برنامج (ذيس ويك) "هذا الأسبوع" على شبكة (إيه.بي.سي) الأحد إن إسرائيل تأمل في الإفراج عن عدد كبير من المحتجزين لدى حركة حماس "في الأيام المقبلة".
احتجاز العشرات من الإسرائيليين لدى المقاومة في غزة
في حين احتجزت حماس نحو 240 خلال هجوم على جنوب الأراضي المحتلة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول والذي ردت عليه إسرائيل بتشديد الحصار على قطاع غزة وقصفه واجتياحه للقضاء على الحركة الإسلامية التي تسيطر على القطاع بعد عدة حروب غير حاسمة بينهما منذ عام 2007.
وذكرت رويترز يوم الأربعاء، نقلاً عن مسؤول مطلع على المحادثات أن وسطاء قطريين يسعون للتوصل إلى اتفاق بين الاحتلال وحماس لإطلاق سراح 50 رهينة مقابل وقف إطلاق النار لمدة ثلاثة أيام. وفي ذلك الوقت قال المسؤول إنه تم الاتفاق على المبادئ العامة، لكن إسرائيل ما زالت تتفاوض على التفاصيل.
وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الأحد في مؤتمر صحفي في الدوحة إن أهم النقاط العالقة التي تعرقل التوصل لاتفاق بشأن الرهائن أصبحت الآن "بسيطة للغاية" وهي في الأساس أمور عملية ولوجستية.

إسرائيل توسع هجومها في غزة
جاء الحديث عن الرهائن في وقت تستعد فيه قوات الاحتلال لتوسيع هجومها على المقاومة الفلسطينية ليشمل جنوب قطاع غزة، وهو ما تجلى في زيادة الضربات الجوية هناك على أهداف تعتبرها إسرائيل أوكاراً للمسلحين.
لكن الولايات المتحدة الحليف الرئيسي لإسرائيل حذرتها الأحد، من مغبة الشروع في عمليات قتالية في الجنوب دون التفكير في سلامة المدنيين الفلسطينيين الفارين ووضعهم في الاعتبار.
ودأب سكان غزة الذين أصابهم الذعر على الانتقال من مكان لآخر منذ بداية الحرب، ولجأ بعضهم إلى المستشفيات، بينما انتقل آخرون من الشمال إلى الجنوب، وفي بعض الحالات يعود السكان مرة أخرى إلى منازلهم في محاولات يائسة للبقاء بعيداً عن مرمى النيران.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأحد، إن عدد القتلى المدنيين في غزة "صادم وغير مقبول" ودعا مجدداً إلى هدنة إنسانية على الفور.
في حين اقتحمت القوات والدبابات الإسرائيلية غزة في أواخر الشهر الماضي، ويقول الجيش إنه سيطر منذ ذلك الوقت على مناطق واسعة من الشمال والشمال الغربي والشرق حول مدينة غزة.
لكنّ حماس وشهوداً محليين يقولون إن مسلحي الحركة يستخدمون أسلوب حرب العصابات في مناطق بشمال القطاع، ومنها أجزاء من مدينة غزة ومخيما جباليا والشاطئ للاجئين.

الاحتلال يحاول التقدم إلى جباليا
ذكر شهود أن قتالاً عنيفاً دار خلال الليل بين قوات الاحتلال الإسرائيلية ومسلحين من حماس، وأن قوات الاحتلال الإسرائيلية تحاول التقدم إلى مخيم جباليا للاجئين، وهو الأكبر في القطاع بوجود ما يقرب من مئة ألف شخص.
ويقول مسعفون فلسطينيون إن مخيم جباليا يتعرض لقصف إسرائيلي متكرر؛ مما أدى إلى مقتل عشرات المدنيين. وتقول إسرائيل إن الضربات أودت بحياة الكثير من المسلحين الذين كانوا يختبئون بالمخيم.
وأمر جيش الاحتلال الإسرائيلي الأحد، سكان عدة أحياء في جباليا بترك أماكنهم والتوجه نحو جنوب غزة "حفاظاً على سلامتكم"، في رسائل باللغة العربية على وسائل التواصل الاجتماعي. وقال الجيش إنه سيوقف العمليات العسكرية بين الساعة العاشرة صباحاً والثانية ظهراً.
وقالت وزارة الصحة في غزة إن 11 فلسطينياً قُتلوا في غارة جوية إسرائيلية على منزل في جباليا بعد انتهاء فترة وقف إطلاق النار.
ورفض معظم سكان جباليا الأوامر الإسرائيلية السابقة بإخلاء المنطقة والتوجه إلى جنوب القطاع الساحلي الضيق. ويقول فلسطينيون إن الجنوب يتعرض أيضاً لقصف إسرائيلي متكرر، مما يجعل الوعود الإسرائيلية بالسلامة سخيفة.

وتقول البيانات الإسرائيلية إن نحو 1200 إسرائيلي، معظمهم من المدنيين، قُتلوا في الهجوم المباغت الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ليصبح اليوم الأكثر دموية في تاريخ إسرائيل الممتد 75 عاماً.
وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة اليوم ارتفاع عدد قتلى الضربات الإسرائيلية إلى أكثر من 13 ألفاً، بينهم 5500 طفل و3500 امرأة. وأضاف أن الإصابات تجاوزت 30 ألفاً، أكثر من 75% منهم من الأطفال والنساء.
ضربات جوية إسرائيلية
في وسط القطاع الساحلي الضيق، قال مسعفون فلسطينيون إن 31 قتلوا في ضربات جوية إسرائيلية على عدد من المنازل في مخيمي البريج والنصيرات في وقت متأخر الليلة الماضية، من بينهم صحفيان فلسطينيان. وأضافوا أن امرأة وطفلها قُتِلا في ضربة جوية أخرى خلال الليل على خان يونس جنوب قطاع غزة.
وفي مستشفى ناصر في خان يونس، شارك عشرات الفلسطينيين في جنازة 15 شخصاً قتلوا في غارة إسرائيلية على مبنى سكني أمس السبت.
ونعت هداية عصفور بعض القتلى من أقاربها بينما كانت تبكي قائلة: "شبابنا بيموتوا، النساء والأطفال بيموتوا، وين الرؤساء العرب؟".
ويزعم جيش الاحتلال الإسرائيلي أن حماس تستخدم المباني السكنية وغيرها من المباني المدنية غطاء لمراكز القيادة والأسلحة ومنصات إطلاق الصواريخ وشبكة أنفاق واسعة تحت الأرض. وتنفي الحركة استخدام المدنيين دروعاً في الحرب.

وقالت كتائب القسام الجناح العسكري لحماس إن مقاتليها قتلوا ستة جنود من مسافة قريبة في قرية جحر الديك شرقي مدينة غزة بعد أن نصبوا لهم كميناً بصاروخ مضاد للأفراد واقتربوا منهم بأسلحة آلية. وتشير أحدث بيانات الجيش الإسرائيلي إلى مقتل 62 جندياً في الصراع.
تردي الوضع الصحي في غزة
في حين زار فريق بقيادة منظمة الصحة العالمية مستشفى الشفاء واصفاً إياه بأنه "منطقة موت"، بعد أيام من اقتحام القوات الإسرائيلية للمجمع لتدمير ما تصفه بمركز قيادة لحماس أسفل المستشفى.
وقال فريق منظمة الصحة العالمية إنه رصد آثار إطلاق نار وقصفاً ومقبرة جماعية في مدخل مستشفى الشفاء. وأضاف أنه يعكف على وضع خطط للإجلاء الفوري للمرضى المتبقين وعددهم 291 من بينهم مصابون في الحرب و25 من العاملين بالمستشفى.
وقالت وزارة الصحة في غزة إن الأمم المتحدة والهلال الأحمر الفلسطيني نفذا عملية مشتركة لإجلاء 31 من الأطفال الخدج من مستشفى الشفاء وإنهم سيُنقلون عبر معبر رفح الحدودي إلى مصر لتلقي العلاج هناك.
وأضافت الوزارة أن ثمانية من الأطفال الخدج لقوا حتفهم في وقت سابق داخل مستشفى الشفاء بسبب انقطاع الكهرباء ونقص الأدوية الضرورية لرعايتهم.

وخرج مئات من المرضى والعاملين والنازحين الذين كانوا يحتمون في الشفاء من المجمع السبت، ويقول مسؤولون في قطاع الصحة الفلسطيني إن القوات الإسرائيلية طردتهم بشكل غير إنساني، بينما يزعم الجيش أن المغادرة كانت طوعية.
ومنذ 44 يوماً يشن الجيش الإسرائيلي حرباً مدمرة على غزة، خلَّفت 12 ألفاً و300 شهيد، بينهم 5 آلاف طفل و3 آلاف و300 امرأة، وأكثر من 30 ألف مصاب، وفق أحدث إحصاء رسمي فلسطيني، صدر مساء السبت 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2023.